بقلم | ماهر ضياء محيي الدين
تتزايد الدعوات في الاوانة الأخيرة لمقاطعة البضائع التركية والإيرانية بسبب الأزمة المائية الأخيرة، حيث عدها البعض ورقة ضغط قد تجبر الحكومتين على إعادة النظر بقرارهم بشأن تقليل حصة العراق المائية بعد قيامهم ببناء سدود، مما سينعكس علينا سلبا بطبيعة الحال وسوف يؤدي إلى نتائج وخيمة على الجميع.
ما قامت بيه إيران وتركيا وبعيد عن إي حسابات أخرى، حق طبيعي في استثمار مواردها الطبيعية والاستفادة منها في شتى المجالات، وحقيقة الأمر كل دول العالم بدأت في البحث عن مصادر طاقة بديلة من اجل تعظيم مواردها، لكن العراق ما زال بعيد كل البعد عن هذا المفهوم.
طرحنا هل المقاطعة حل موضوعيا لأصل المشكلة، ولو قاطعنا تنتهي القضية، ولماذا لا نعمل على خيارات أخرى نحقق من ورائها عدة مكاسب سياسية واقتصادية هذا من جانب.
وجانب أخر يكون بلدنا مطلب للآخرين من اجل تشجيع الاستثمار الخارجي لأنه الخيار والحل الأمثل لمشاكلنا، وبذلك ضربنا عصفورين بحجر واحد، الاستفادة من خبراتهم وإمكانياتهم، ولا نكون تحت رحمة من لا يرحم، وهنا بيت القصيد.
مردودات المقاطعة في اغلب الأحوال لن تحقق لنا الكثير لأسباب عدة، أولها علاقة الأحزاب الحاكمة اليوم معروفة من الجميع، ستكون هي العائق الأول والمباشر والمؤثر دون وصول لهذا الحد، بل ستحارب وتضرب من يدعو إليها، وقد تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، ويكون الخاسر الأول والأخير أهل البلد، سيدفعون الثمن باهظ جدا، لذا علينا اللجوء إلى خيارات أو بدائل أخرى يمكن لنا تحقيق ما نسعى إليه جميعا.
حقيقة لا تحتاج إلى دليل معظم البضائع والمنتجات المتوفرة في أسواقنا تركية وإيرانية بنسبة تتجاوز 70% من الناحية الإجمالية للبضائع الأخرى، ولو تمت المقاطعة ينبغي علينا توفير البديل وهنا تكمن المشكلة الأساسي، منها ما ذكرنها في أعلاه، وثانيا زارعتنا وضعها يرثى لها والنهوض بيه بحاجة إلى سنوات طويلة، في ظل سياسية حكومة فشلت بنسبة 100 % في تطويرها ودعمها، ومشكلة شحه المياه سبب في مشاكل زراعتنا، ولو قاطعنا بضائعهم ستعمل هاتين الدولتين على تقليل حصتنا بنسبة أكثر، كيف سيكون انعكاساتها علينا ونحن لا نملك قدرات كافية لمواجهة هذا التحدي الكبير، ومخاطر قد تكون أكثر من ذلك بكثير، قد تصل إلى مرحلة يصعب علينا السيطرة عليها، لان تركيا وإيران لن تقف مكتوف الأيدي أو متفرجة وهي تخسر سوق العراق، وصادرتها تتجاوز المليارات من الدولارات، وعقود أعمار وبناء واستثمار نصيب حصة الأسد لتركيا وإيران في بلدنا، أضف إلى ذلك شركاتهم العاملة في اغلب محافظاتنا ستتأثر وهو الأمر المؤكد ، لذا ستعمل على احتواء الأمر بشتى الطرق والوسائل، لان خسرتها ستكون كبيره جدا لو خسرت السوق العراقي، وهو الأمر الذي يصعب حدوث في الوقت الراهن.
ولا يختلف الحال صناعتنا عن زراعتنا، وقطاعات أخرى ما زالت بحاجة إلى توفر المنتج الخارجي، وهي مشكلة تزايدت بشكل كبير بعد 2003، لان هناك مخطط مرسوم يستهدف تدمير البني التحتية لكافة قطاعاتنا، ويظل البلد وأهلة دائما بحاجة إلى الآخرين إلى منتجاتهم وخدماتهم، وهناك عدة إطراف داخلية عملت على ذلك.
قد يقول قائل نستورد من دول أخرى وتنتهي المشكلة، وهو الأمر الذي لم تسمح عدة جهات داخلية ولأسباب متعددة، ستقف بقوة لمواجهة هذا الأمر، بل ستعمل على إعاقته بأي شكل من الإشكال سواء كان من خلال فرض الضرائب عليه أو قوانين تمنع استيرادها والورقة الدينية لن تكون بعيدة عن تحريم بضائع بعض الدول، ونبقى في شحه بضائع مع مياه ليكون حالنا يرثى له.
خيارانا الأمثل استثمار مواردنا الطبيعية من المياه الجوفية ويكون سقي أراضينا الزراعية عن طرق التقطير وترشيد الاستهلاك من قبل المواطنين، والاهم تعزيز التعاون المشترك مع تركيا وإيران، وإبرام اتفاقيات جديدة تعالج مشكلة المياه، وتكون علاقتنا معهم مبنية على أساس المصالح المشتركة، والاهم من ذلك نعمل على إعادة الحياة لزراعتنا وصناعتنا، لأنها الورقة الرابحة التي لا تخسر أبدا.
أقرأ ايضاً
- هل المقاطعة هي الطريق إلى الإصلاحات الدستورية أم أنها الدَرس الأخير في الانتخابات؟
- لنضرب الصهيونية من جديد.. الشركات البديلة بدلاً من الداعمة للاحتلال
- انتخابات مجالس المحافظات بين المقاطعة وشرعية عمل المفوضية