حجم النص
بقلم:عباس الصباغ * ينسى الظلمة دائما حقائق محتومة ومؤكدة الاولى ان التاريخ يعيد نفسه باستمرار والثانية ان الطغاة لايرحلون معززين مكرمين مثل بقية البشر بل انهم ودائما وقبل ان يُهوى بهم في قعر جهنم في الاخرة فانهم سيتهاوون في مكبات نفايات التاريخ بعد ان يقذف بهم الحق او شعوبهم الى هذه النتيجة غير المأسوف عليها، والاخرى ان الحق ينتصر دائما وابدا. بالأمس الذي عاصرناه وتحديدا مطلع ثمانينيات القرن المنصرم رأينا ولمسنا كيف ان دوائر الاستكبار العالمي وذيولها في اسرائيل والانظمة المتجبرة الفاسدة لاسيما في العراق وايران والباكستان ودول الخليج الناطقة بالعربية، اوحت بتغييب الرموز الشيعية المؤثرة او التي سيكون لها تاثير مستقبلي ليس في داخل بلدانهم التي ينتمون اليها بل وعلى مستوى العالم بأسره فبدأت القصة منذ نجاح الثورة الإسلامية في ايران وإسقاط نظام الشاه وطرده الى المنفى ولم ينس العالم كله تصريح شاه ايران المخلوع حين اقلته الطائرة الى منفاه في مصر حين قال (لقد رمتني امريكا كالفار الميت) ولم يكن مصير صدام حسين الجرذ القومي الاكبر بأحسن حالا من فار بهلوي او ضياء الحق الجنرال الذي احترق في الجو والذي قاد انقلابا عسكريا ضد شرعية ذو الفقار علي بوتو رئيس الوزراء الباكستاني الشيعي الذي كان يعامل شعبه بالحسنى وبعد ان ابدى تعاطفه مع الثورة الاسلامية الايرانية ما ادى بدوائر الاستكبار العالمي (امريكا + بريطانيا+ اسرائيل) بان تطلب من ضياء الحق ان يقوم باعدام بوتو وإسكات البؤرة الشيعية التي من الممكن ان تتوسع لتشمل الشرق الاقصى كله وتهديد المصالح الامريكية فيه لاسيما وان تنظيم القاعدة قد بدأت ملامحه الاولى في أفغانستان المجاورة على يد المخابرات الامريكية والباكستانية والسعودية ومن قبائل البشتون المتشددة وهو مافرّخ فيما بعد مايسمى الان بداعش وفي ذات الظروف التي اعدم فيها بوتو تم خطف واغتيال الإمام موسى الصدر في ليبيا وفق سيناريو مريب ضاعت فيه جميع الحقائق والتبست على الجميع الى ان تبددت جميع الفرضيات حول ذلك الا ان فرضية إعدام اية الله المفكر والفيلسوف العملاق محمد باقر الصدر لم تكن تحتاج الى توضيح فقد تزامن إعدامه مع إعدام بوتو وتغييب موسى الصدر وبضوء اخضر من ذات دوائر الاستكبار العالمي لتحجيم دور الشيعة من التنامي خاصة بعد الفورة الثورية التي أحدثتها الثورة الاسلامية في ايران والصحوة السياسية التي ترتبت على ذلك. ومن المعروف ان هكذا أحكام عالية المستوى لاتتم دون اخذ المشورة من الجهات المخابراتية الخارجية للدول الكبرى التي تشكل هذه الانظمة المتجبرة امتدادا اقليميا لها ولمصالحها الإستراتيجية وهذه الأنظمة ليست في موضع القوة التي تؤهلها لعبور خطوط حمر كبيرة بإعدام او تغييب رموز ذات تأثير إستراتيجي على الساحة كذو الفقار علي بوتو والامام موسى الصدر واية الله محمد باقر الصدر واية الله روح الله الخميني الذي دفعت دوائر الاستكبار العالمي صدام حسين الى ان يشن حربا ضده لثماني سنوات عجاف اكلت الاخضر واليابس في كلا البلدين، واليوم يضيف حكام السعودية بإعدام اية الله نمر النمر حلقة اخرى الى ذلك المسلسل الذي لاينتهي الا بظهور المنقذ (عج) الذي سيملؤها قسطا وعدلا كما ملأها امراء الجور ظلما وجورا. البعض عدَّ إعدام اية الله النمر ضربا من العبث وعدم التحسب او استهتارا او تكميما للأفواه وقتل حرية الرأي وغير ذلك والمسالة هي اكبر من كل ذلك بل واخطر وتكمن وراءها عدة اسباب ودوافع تاتي افراغ الساحة الشيعية من رموزها المؤثرين ومن ذوي العيار الثقيل في مقدمتها والذين بمقدورهم ان يحدثوا ثورات مزلزلة في مجتمعاتهم وشعوبهم ويطيحوا بأذناب دوائر الاستكبار العالمي كما حدث في ايران التي (تعتبر فلتة لم ولن تتكرر وحاولت دوائر الاستكبار الا تتكرر)، ولم يدخر ال سعود جهدا الا وبذلوه في تلك المحاولات ارضاء لمشيئة اسيادهم وذلك بتسخير قوات درع الجزيرة ـ التي عجزت عن صد دبابات صدام حسين ـ بقمع الشيعة العزل في البحرين وفي المنطقة الشرقية في السعودية ومنهم اية الله الشهيد النمر الذي تحدى جبروت ماكنة ال سعود المرعبة ولم يتوان عن ذلك الى ان انتقل الى الرفيق الاعلى شهيدا محتسبا بعد ان كان لعقود من الزمن وفي دولة الرعب شهيدا حيا الى ان استبشر به الفردوس الاعلى شهيدا مع سبق الإصرار والترصد وهو قتيل الفئة الباغية من بني قريظة وبني القنيقاع وسليلي ذوات الرايات الحمر وعواهر العرب . • كاتب عراقي / كربلاء المقدسة