بقلم: علي حسين
في شهر نيسان من هذا العام خرج علينا رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي ليعلن أن تحركات السفيرة الأمريكية في العراق مخالفة للعرف الدبلوماسي، وقال المالكي في حوار تلفزيوني إن "تحركات جميع السفراء حول العالم تجري عبر الدولة المستضيفة ولا يمكن تجاوزها والذهاب نحو إقامة علاقات اجتماعية مع العشائر والنساء ومنظمات المجتمع المدني وقوى سياسية".
وأضاف أن "السفيرة الأمريكية تجاوزت من خلال تحركاتها جميع تلك الأعراف الدبلوماسية وشرعت بإقامة علاقات واجتماعات مجتمعية خارج السياق".. سيقول البعض؛ ما الجديد؟ فالسيد نوري المالكي يدافع عن سيادة البلاد التي تحاول السفيرة أن تتجاوز عليها.
بعد أسبوع طالب النائب عن دولة القانون محمد الصيهود، الحكومة بأن "يكون لها موقف من هذه التحركات التي تمثل تدخلاً سافراً في العراق"، وسانده زميله في دولة القانون أيضا محمد الشمري الذي اتهم السفيرة الأمريكية بأنها تتحرك وكأنه لا يوجد عرف دبلوماسي، وطرح علينا نحن المواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في تحركات السفيرة قائلاً: هل بإمكان السفير العراقي في واشنطن التحرك بهذه الصيغة؟ الجواب طبعاً عند السيد بايدن.!
هل انتهت حكاية السفيرة؟، بالتأكيد هناك فصل جديد، فقبل أيام تفاجأ المواطن العراقي بصورة يظهر فيها السيد نوري المالكي مبتسماً مع السفيرة الأمريكية، والصورة مرفقة ببيان يبشرنا بأن السيد نوري المالكي استقبل سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق، وبحثا مستقبل العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن، وأخبرنا البيان بأن السيد المالكي أكد على ضرورة التعاون والعمل الجاد من أجل تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، لاسيما اتفاقية الإطار الستراتيجي وإمكانية مراجعة بنودها وتطويرها بما ينسجم مع أهمية المرحلة الراهنة.
إياك عزيزي القارئ من أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى محاسبة قادة البلاد، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً له، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.. ولهذا كان لا بد من أن يخرج علينا السيد نوري المالكي ينتقد السفيرة، وأن يعود ليطالب بالتعاون مع السفيرة.
ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خصوصاً عندما يصرف وقته الثمين هذه الأيام على كتابة توجيهات وخطابات، يوماً لدحر المؤامرة الامريكية، ويوماً من أجل الإسراع بتنفيذ الاتفاقات مع بلاد السيد بايدن.
للأسف يعاني الكثير من ساستنا من مشكلة عميقة مع المواطن العراقي الذي رغم ما يبديه من إخلاص ورغبة في متابعة حوارات الساسة على الفضائيات، لا يبدو أنه يستطيع حلّ ألغاز ما يقولونه، في العلن وما يفعلونه في الخفاء.