- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لاسلطة رابعة من دون صحف معارضة في العراق
حرية الصحافة او مايسمونه( بالاعلام الحر)- ان وجد- لا يمكن فصلهما عن الحريات العامة للشعوب ، فحرية الأفراد هي التي تنتج استراتيجية واضحة للحريات العامة وتبني مصداقية كاملة يمكن الإرتكاز إليها 0فالصحافي المستقل هو الذي يمثل الصحافة الحرة والتي لا يطمح من هذه الحرية فتح ابواب الوطن أمام التيارات والرياح العاتية التي هدفها هدم كل شيئ ،بل يطالب بمعرفة الحقيقة وما يجري في داخل الوطن ، وفضح الأساليب الهدامة التي تهدف إلى إقتلاع المواطن من مكانه ، وتخريب الوطن من أساسه 0
بينما نرى ان الاعلام الحالي في العراق مسيطر عليه من قبل الاحزاب النافذة والحكومات المحلية ولا يتمكن الاعلامي الحر من قول الحقيقة ولا يستطيع طرح الرؤى الفكرية والتحولات المجتمعية لمعالجة قضايا شعبه المصرية لانه بعيد كل البعد عن مسرح الأحداث ، بعد ان اخليت الساحة الاعلامية للإعلام الرسمي ينطق باسم الاحزاب والشخصيات السياسية المقدسة وليس باسم الشعب ،لذلك غابت( السلطة الرابعة) عن الحضور .
وهنالك من يقول ان الصحافة تعتبر قوة رابعة لاسلطة رابعة وان أول من أطلق تعبير \"السلطة الرابعة \" هو المؤرخ الأسكتلندي توماس كارليل في إشهار المصطلح وذلك من خلال كتابه \"الأبطال وعبادة البطل\" (1841) حين اقتبس عبارات للمفكر الإنجليزي إدموند بيرك أشار فيها الأخير إلى الأحزاب الثلاثة (أو الطبقات) التي تحكم البلاد ذلك الوقت، رجال الدين والنبلاء والعوام، قائلاً إن المراسلين الصحفيين هم الحزب الرابع -\"السلطة الرابعة\"- الأكثر تأثيراً من كافة الأحزاب الأخرى. ويبدو أن تعبير \"السلطة الرابعة\" تعرض إلى فهم خاطئ في اللغة العربية، إذ يكثر ربطه بالسلطات الدستورية الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، باعتبار أن الصحافة -أو وسائل الإعلام عموماً- هي رابع سلطة دستورية نظير ما لها من تأثير؛ إلا أن السلطة المعنية في المصطلح، تبعاً لمن أطلقه أول مرة، هي القوة التي تؤثر في الشعب وتعادل، أو تفوق، قوة الحكومة.
وفي خلال الاسابيع الماضية اثير جدلا اعلاميا ومطالبة رسمية من قبل نقيب الصحافيين العراقيين الاستاذ (شهاب التميمي) حول موضوعة اضافة فقرة دستورية في الدستور العراقي تمنح الصحافة سلطة رابعة تضاف بعد السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) من اجل اعطائها الدور المغيّب لها في نقد وتقويم واداء الحكومات المتعاقبة دون مسائلة من احد وحفاظا على سلامة الصحافيين .
وهذا شيئ جيد اذا ماتم تطبيقه عمليا ، فانا ارى ان عدم وجود صحف معارضة للصحف الحكومية تجعل الجميع يدور في فلك واحد هو فلك (السلطة) التي يطمح من اجلها( المنفـّذ او المتشرّع او القاضي او الاعلامي) من خلال تسميته بالسلطات الاربع انفة الذكر ، لذلك فان الاعلام الحر يساهم في دفع عجلة الحياة إلى الأمام، ، ويؤسّس لتنوير عقول الناس، وتوسيع أفق رؤاهم وتعميق مداركهم،ويوكّد أيضاً حضوره الفاعل والمؤثر في تحديد مسار الأحداث والأجندة السياسية ويترك بصماته بجلاء على سلوك ومواقف الحكام وصناع القرار من الساسة، وقد تهددهم وتطيح بهم في بعض الاحيان
فقبل مجيء البعث الى السلطة وتغييب دور الصحافة كان لصحف المعارضة دور فاعل في نقد وتقويم عمل واداء الحكومة ..اما الان فان الشارع العراقي يفتقد لهكذا صحف وما موجود منها لاينطبق عليه تعريف صحف المعارضة كون معظم الصحف التي تعتبر نفسها معارضة لديها وزراء ونواب في داخل الحكومة. .
لم تغب صحف المعارضة ابدا، لا في العهود السابقة، ولا حتى بعد ثورة الرابع عشر من تموز1958. ولكنها اصيبت بانتكاسة كبيرة منذ مجيء حزب البعث الى السلطة في عام 1968 اذا ما استثنينا فترة التحالف الكردي – البعثي – الشيوعي ما بين عامي 1971 و1978 تلك السنوات التي كانت فيها صحف الاحزاب \"الحليفة\" خجلة من توجيه النقد الى حزب البعث بحكم حرصها على ضرورة ديمومة تلك التحالفات التي ولدت مشوهة وميتة منذ التوقيع على بنودها، والنتيجة معروفة لجميع العراقيين
لذلك فانا اعتقد صحافة المعارضة سوف تنبثق بشكلها الصحيح استجابة للحاجة والظروف الموضوعية التي توجب تواجدها في الساحة السياسية. ان تطور الاوضاع سوف تتحكم بمثل هذه الضرورة، للوقوف بوجه العنف ولغة العنف، وادانة كل من يحاول ان يتطاول على حقوق وحرية الشعب الذي يتطلع الى دور اكبر للحكومة في توفير الامن والاستقرار والعمل وكل ما يستحقه عن جدارة بعد مسيرة طويلة وشاقة من العذاب والحرمان والارهاب المزدوج ومن اجل ان يحقق السيادة والسعادة له وللاجيال القادمة
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى