موسم غزير الإنتاج شهدته مزارع التين في منطقة بني مسلم بناحية الكفل في محافظة بابل، على عكس المواسم السابقة التي شهدت تراجعا كبيرا بالإنتاج، بسبب الجفاف، لكن خلال هذا الموسم كانت الآبار فيه هي صاحبة الكلمة الأبرز، حيث وفرت المياه لزراعة التين، الذي يعد مصدر دخل رئيس للمزارعين في المنطقة، إلا أنهم يعانون من مشكلة أخرى وهي التوجه لغلق ساحة البيع الخاصة بهم.
ويقول المزارع أحمد المسلماوي، إن “منطقة بني مسلم في الكفل، تشتهر بزراعة التين، ونحن لا نعرف أي مهنة أخرى، حيث نبدأ بزراعة التين منذ شهر كانون الأول، ونضع له السماد والمبيدات ولغاية شهر تموز، نبدأ بقطفه”.
ويضيف “نفتقر إلى الدعم الحكومي، بالإضافة إلى شح المياه، لكن صارعنا الظروف ونجحنا بتغطية الحاجة المحلية للتين في أسواق جميع المحافظات العراقية، خاصة وأن تين بني مسلم يضرب به المثل لتفاني العمل به والخسارة عليه الكثير من الأموال للسماد والمعالجة”.
وتعد ناحية الكفل، جنوبي الحلة مركز محافظة بابل (نحو 100 كلم جنوبي بغداد)، من أكثر مناطق المحافظة المنتجة للتين، كما تعد الأكثر إنتاجا على مستوى العراق، وبحسب أرقام سابقة فإنها تغطي 40 بالمئة من إجمالي الإنتاج المحلي من هذه الفاكهة.
وفي ظل شح المياه، وتراجع مناسيب الأنهر وتقليل نسبة الأراضي الزراعية، بدأت المشاكل تظهر حول مزارع التين، فقد تم قطع المياه عن بعض المزارع، إذ يشكو أصحاب المزارع من سوء توزيع الحصص المائية ما أثر على كميات الإنتاج خلال المواسم الماضية.
من جانبه، يبين المزارع أبو عصام المسلماوي، أن “منطقتنا تمتاز بزراعة التين لوفرة مساحات البساتين على ضفاف نهر الفرات، فنحن نعيش على زراعة التين وهو مصدر رزق عوائلنا منذ الأزل، ومستمرون بزراعته رغم التحديات والظروف”.
ويؤكد “نبيع التين في منطقتنا ونصدره للمحافظات الأخرى، وزراعة التين مثل الرز العنبر، تحتاج إلى الكثير من المياه، وفي الفترات السابقة كانت المياه شحيحة، لكننا اعتمدنا على حفر الآبار، ومؤخرا شهدنا إنفراجة بأزمة المياه، لكن المشكلة أننا نبعد عن مركز قضاء بلدية الكفل عشرة كيلومترات، وهذه الأراضي خارج حدود البلدية، لذا نمتلك ساحة لبيع التين لعدم مقدرة السيارات على الدخول للمزارع”.
ويوضح أن “مركز بيع الخضار في الكفل (العلوة) لا يستوعب هذا الكم الهائل من أطنان التين، وهناك تحرك لغلق هذه الساحة كونها ليست مرخصة، وفي حال غلقها لا نستطيع بيع التين للمحافظات فهناك من يأتي من أربيل والبصرة لساحة بني مسلم المخصصة لبيع التين، لذا نناشد جميع المسؤولين ووزير البلديات ومحافظ بابل بترك الساحة مفتوحة لأنها مصدر رزقنا”.
وفقد العراق 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، والانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة من تركيا إلى سد الموصل على نهر دجلة وسد حديثة على نهر الفرات، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية.
وتعرض نهر الفرات لمتغيرات كثيرة، أدت إلى انخفاض مناسيبه بشكل كبير، ما تسبب بجفاف بحيرة الحبانية من جهة، وتأثيره على مناطق عديدة في الأنبار، فضلا عن عدم قدرته على تغذية الأهوار، خاصة بعد أن جرى تحويل مساره لتغذيتها بدلا من الوصول لشط العرب.
إلى ذلك، يبين المهندس الزراعي كرار المسلماوي، أن “قرية بني مسلم في محافظة بابل، تشتهر بأجود أنواع التين، وخطوات زراعته تبدأ من فصل الشتاء، حيث يتم تقليم الأشجار والاهتمام بها ووضع السماد مع السقي الدائم، وهذا الموسم هناك وفرة بالإنتاج لتوفر المياه بعد أن تعرضت مزارعنا لشح المياه، لكننا ناشدنا الجهات المعنية وتم وضع حلول عاجلة”.
ويتابع أن “القرية تعد الموزع الرئيس للتين لكل محافظات العراق، وعلى الجهات المعنية الاهتمام أكثر بهذه المنطقة، سواء توفير المياه لها ودعم أسعار السماد، كونها ثروة زراعية محلية، وذلك لتفادي هجرة الفلاحين، خاصة بعد أرتفاع نسبة الهجرة من الريف إلى المدينة”.
وكانت إيران قد غيرت مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع نحو 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى كافة، ما أدى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية