لقد اهتم العالم في الآونة الأخيرة بالنمو والتنمية البشرية وخاصة في الدول المتقدمة ذات الثراء والتفوق التكنولوجي، ولكي تلحق الدول المتنامية بركب ذلك التطور التكنولوجي الهائل، فقد بدأت تهتم بأهمية الثروة البشرية بإثارة مكامن طاقات أبنائها، وبدأت في إعادة النظر في برامجها ومناهجها لتشجيع البارزين في مختلف المجالات، وقد أثبتت الدراسات حول مفاهيم الإلهام والإبداع والابتكار، وارتبط ذلك بالعديد من المتغيرات كالنمو والذكاء والقدرات والاستعدادات وسمات الشخصية للفرد في فئات عمريه مختلفة ومجالات متعددة منذ أن اخرج (جالتون Galton) كتابه الشهير (العبقرية الموروثة).
ومما لا شك أن المؤسسات التعليمية تتحمل مسؤولية أكبر في الكشف عن المواهب المختلفة لدى المتعلمين وتنمية قدراتهم في مختلف المجالات، وللمعلم دور كبير وحيوي في العملية التربوية والتعليمية، ولم يقتصر دوره على إلقاء المعلومات وأن لا يكون وعاء للمعلومات بل إن دوره هو توجيه الطلاب عند الحاجة دون التدخل المباشر، وعليه فإن دوره الأساسي يكمن في التخطيط لتوجيه الطلاب ومساعدتهم على إعادة اكتشاف حقائق العلم، والتعليم كعملية لا يكون فعالا ومحققا لنواتج تعليمية جيدة، إلا من خلال تنظيم فاعل يربط بين النظرية والتطبيق في ظروف مادية ونفسية، ومراعية لقدرات التلاميذ واحتياجاتهم على شكل حقائق ومفاهيم واتجاهات ومعارف ومهارات يتحقق من خلالها النمو الشامل الذي ينشده الفرد والمجتمع.
وهذا ما أكد عليه المشرفون ومنهم المشرفة التربوية زينب جاسم حين قالت: إن لمعلم التربية الفنية في البيئة المدرسية دوراً هاما ومسؤولية واعدة تتصدى لبناء الأذواق، كما أنها تسهم في بناء الشخصيات من خلال العمليات الإبتكارية التي تتاح للناشئ، حيث أن الإبداع والابتكار يطلق استعدادات الأفراد وينمي شخصياتهم ويحقق الكثير لأمتهم بل وللعالم أجمع، حيث أثبتت البحوث أن التدريس الفعال يعتمد بالدرجة الأولى على شخصية المعلم، ذلك لأنه يترك بصمته الواضحة على العملية التعليمية.
وتضيف زينب إن المعلم الفعال هو الذي يستطيع أن يعلم الطفل بمقدار ما يمتلك هذا من قدرات وإمكانيات وقد أثبتت بعض الدراسات أهمية ابتكارية المعلم كشرط أساسي لنجاح العملية التربوية.
ويرى غسان الربيعي مدير النشاط المدرسي في تربية كربلاء في حديثه مع مراسل موقع نون \" إن الكثير من معلمين ومعلمات التربية الفنية يفتقرون إلى المعرفة والفهم العميقين لمبادئ فنون الأطفال وأساليبها التربوية والنفسية، ويجهلون مشكلاتهم الفنية وأنماطهم التعبيرية غير المحدودة وطرق توجيهها، الأمر الذي يؤدي إلى إغفال نمو وتطور المتعلمين مما يؤدي إلى صعوبات في إنتاجهم الفني، بل يؤدي توجيههم الخاطئ إلى تلاشي واندثار بذور الروح الابتكارية عندهم ودفعهم إلى التقليد والبعد عن كيانهم الفني وإحساسهم وتقمصهم لشخصيات غيرهم.
ويضيف الربيعي أصبحت التربية الفنية منظومة متكاملة تتكون من معلم التربية الفنية وتجلي قدرته على تنمية الذوق الجمالي والإنتاج الفني الابتكاري لدى المتعلمين، وقدرته على مدهم بالمعارف والمعلومات في مجال الفن كما في النظرية المعرفية بالتربية الفنية، فضلاً عن إسهامها في تكوين شخصية الفرد الابتكارية. وتذكر الفنان التشكيلية صبا الكعبي ان الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (John Dewey ) وضح أن الأطفال هم رجال ومفكرين وفلاسفة المستقبل، ومثل هذا التطور يتطلب حرية فكرية وعاطفية وجسمية.
وفي هذا الصدد يؤكد احد مدراء دار ثقافة الاطفال الفنان عبد الرحيم ياسر لموقع نون احد اكبر رسامي رسوم الأطفال: إن تعزيز وتنمية السلوك الإبداعي هو أهم أهداف التربية الفنية وذلك بإتاحة الفرصة للتعبير الذاتي، ويمكن تنمية السلوك الإبداعي من خلال ممارسه (الإنتاج الفني) والتعرف على طرق الإنتاج والأدوات والخامات المستخدمة، وينبغي عدم الاقتصار على تنمية السلوك الإبداعي على حساب الإنتاج الفني، وكذلك التعرف على الخامات والأدوات فإنها هدف رئيسي للعملية التعليمية، وإذا ما افتقدت التربية الفنية تلك المعطيات فإنها تنحدر لا محالة إلى دهاليز ضيقة، لذلك فإن منهج العالم في علم نفس الطفل (هبرد وروز) الذي أعتمد في بنائه على أبحاث في مجال الإدراك والنمو المعرفي والحكم الجمالي والنمو الحركي التي تساعد المعلم على تنميه الابتكار لدى المتعلمين، والتعريج على أهميه الوسائل التعليمية في المناهج الحديثة للتربية الفنية لإثراء خيال المتعلم وتنميه قدرته على الابتكار، وهذا بدوره يساعد معلم الفن على تدريس الفن بشكل مبتكر وفعال.
من جهته أوصى الدكتور عقيل مهدي عميد كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد إن نتائج دراسة العملية الابتكارية لدينا رهينة في المقام الأول بوعي المعلمين بمسؤولياتهم الدقيقة تجاه إنجاح وترويج تنمية الابتكار، ومن المهم السعي لإدخال وتدريس التربية الابتكارية ضمن برامج إعداد المعلمين، ويهمنا في هذا الصدد التعرف على اتجاهات التفكير الابتكاري لمعلم التربية الفنية للوصول إلى إنتاج فني أكثر ابتكارا وفعالية لدى المتعلمين، وفق نظريات التربية الفنية الحديثة التي تعتبر عملية تدريس الفنون مجموعة من الحلقات تتظافر في الموقف التعليمي لتحقق الهدف من التعلم في مجال الفنون.
تحقيق /امجد الكعبي
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)
- مكونة من ستين منسفا وصينية.. سفرة طعام طويلة على طريق الزائرين في كربلاء المقدسة (صور)