في عيادة أحدى الطبيبات المشهورات بحي الاسكان وسط كربلاء، يتجول رجل قوي البنية في نهاية العقد الثالث من العمر، يلبس الزي العربي، والعبائة الرجالية، ويتحدث مع المرضى بصوت خافت، ما نوع هذا الكلام ؟!... لا احد يعرفه، وعند الأقتراب منه تجده يطلب مساعدة مالية !
وعندما تحدثنا مع أحد الرجال الذي حدثت بينه وبين هذا الرجل مشادة كلاميه، قال رسول الخزرجي، وهو رجل يراجع احدى العيادات الطبية منذ ٧ أشهر، إن "هذا الرجل غريب الأطوار، منذ دخولي للعيادة في أول مراجعة لي منذ ٧ أشهر، وهو يطلب المساعدة، وفي كل شهر لي موعد عند العيادة ذاتها، نجده وايضاً يطلب المساعدة، أي أنه يوميا موجود".
وأضاف، أنه "وعند الحديث معه وسؤاله لماذا لا تعمل وانت بكامل صحتك وقوي البنية، يتحجج بأنه مهجر من مناطق ساخنة وبتهرب، أذن أنه يمتهن التسول وهذا الموضوع يثير الريبة".
ومن الملاحظ عند التجول في محافظة كربلاء المقدسة، وخاصة عند التقاطعات المهمة والمجمعات التجارية، وايضا بالقرب من المدينة القديمة حيث المراقد المقدسة، تجد متسولين ومن كلا الجنسين وبأعمار مختلفة منتشرين بكثرة، وكأنه لا عمل سوى التسول !
وقالت (أم محمد)، وهي متسولة في (شارع حميد الشكرجي) أحد الشوارع المهمة في كربلاء، إن "زوجي تركني أنا وابنتي وابني دون معيل، ولم أجد من ينفق علي، وأنا من محافظة أخرى فلم أجد غير التسول وسيلة للعيش".
وتابعت أن "الحكومة أهملتنا، وعند مراجعتي الدوائر المعنية، يطلبون مني وثائق رسمية، علماً أني مطلقة وزوجي السابق لا يقبل أن يزودني بالوثائق، فلا عمل سوى أن استجدي المارة حتى اعيش".
من جانبه قال مسؤول وحدة العلاقات في دائرة الهجرة والمهجرين حيدر الربيعي، إن "حالة التسول شهدها العراق منذ بداية الحصار الاقتصادي عام 1991 ونحن كدائرة انسانية تعنى بشرائح المهجرين والنازحين وان ما يحصلونه هؤلاء من مساعدات ورواتب بين الحين والآخر لايسد رمقهم من نواحي المأكل والملبس والمسكن".
وأضاف أن "دائرة الهجرة والمهجرين في كربلاء لديها تنسيقا مع عدة جهات إنسانية، ونحن معنيين كدائرة بتوفير المساعدات اللوجستية والانسانية حيث تم شمول اغلب العوائل المهجرة بمنحة رئيس الوزراء البالغة (900000) دينار اضافة الى مبالغ شبكة الحماية ومبالغ (العيديات)"، مبينا أن "جميع هذه المبالغ ضئيلة بالنسبة لما يعانيه المهجر من حيف وهو خارج مدينته او منطقته التي ولد فيها".
وتابع أن "حالات الاستجداء والتسول التي يمارسها البعض في كربلاء وباتت منتشرة في الوسط الكربلائي هي من اختصاصات دائرة العمل والرعاية الاجتماعية، ولكن بحكم تعاوننا مع الدائرة المذكورة ستقوم دائرة العمل والضمان في ادخال اعداد كبيرة من هذه الشريحة ومن العاطلين منهم عن العمل في دورات تدريبية يتعلمون فيها مهن حرة لاجل ممارستها في معترك الحياة ليكونون قادرين على العمل وليحصلوا على قوتهم اليومي"، مشيرا الى إن "الكثير من هؤلاء المهجرين هم اسياد في مناطقهم حيث لديهم المسكن المناسب والعمل المناسب ولكن الظروف هي التي جعلتهم بهذه الحالة ونحن كجهة معنية نحاول قدر الامكان ارجاع هؤلاء الى مناطقهم رغم التخوفات التي تصاحبهم للرجوع والعودة الطوعية".
ويرى باحثون ومختصون، أن ظاهرة التسول في كربلاء المقدسة تزداد مع قرب موسم الزيارات المليونية، ونجد هناك متسولين من دول اجنبية، أي أنها اصبحت مهنة وليس فقط ظاهرة، الأمر مخيف حتى بالنسبة للجانب الامني، حيث هناك متسولين من مناطق ساخنة، وهناك في محافظات أخرى تم استخدامهم من قبل الجماعات الارهابية لتنفيذ اعمال اجرامية او للتجسس، لذا فالجهات المعنية يجب أن ترصد هذه الظاهرة وان تحد منها، من خلال دمجهم بالمجتمع وايجاد فرص عمل حقيقة لهم.
محمد الخزرجي - كربلاء
أقرأ ايضاً
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها
- جاء من ديترويت الى كربلاء المقدسة.. طبيب اميركي تطوع لعلاج زوار الامام الحسين في الاربعينية
- تعرضوا للقتل والتشريد :عائلات موصلية تقيم موكبا حسينيا لخدمة زاور الاربعينية في كربلاء