كلما شاهد اللقطات التي توثق الزيارة الاربعينية هاجت في نفسه رغبة المشاركة وتقديم الخدمة الطبية لتلك الحشود المليونية، فهو الطبيب الاميركي الذي ولد وعاش ودرس وتخرج في اميركا وعمل في مستشفياتها، ولكنه ومجموعة من زملائه الاطباء ممن لديهم نفس الرغبة لم يجدوا سبيلا للاتصال بالجهات المعنية للمجيء للعراق، وعندما تحقق الامل جاؤوا مسرعين والتحقوا بملاكات هيئة الصحة والتعليم الطبية وباشروا بالعمل في احدى المفارز الطبية، ويؤكد بكل ثقة ان الاربعينية هو اكبر تجمع بشري في العالم ويعد معجزة بحق.
امنيات المشاركة
وقال الطبيب الاختصاصي في الطب العام الدكتور احمد ميرزا عن رحلته الى العراق ومشاركته في الزيارة الاربعينية لوكالة نون الخبرية ان" رغبتي في تقديم الخدمات الطبية للزوار هاجس عندي منذ مدة، وانا ولدت وعشت اكثر من ثلاثين عاما ودرست وتخرجت وحصلت على شهادة البكالوريوس في الطب من اميركا في العام (2018)، وعملت في المستشفيات لسنوات عدة، والآن اعمل في عيادتي الخاصة مع طبيب زميلي في تخصصات الطب العام وطب العائلة، ونعالج الكبار والصغار ونقدم للمرضى خدمات التحاليل والاشعة والسونار، ومنذ سنوات عدة اشاهد الزيارة الاربعينية والحشود المليونية التي تسير لمسافات طويلة نحو قبر الحسين (عليه السلام)، وكلما شاهدت لقطات عن الخدمات الطبية التي تقدم للزائرين تمنيت ان اكون معهم، وجئت الى العراق عام في العام (2009) اي قبل (15) عاما بزيارة عائلية، وتشرفنا بزيارة المراقد المقدسة في العراق".
الفكرة والتنفيذ
ويشرح "ميرزا" امنياته وتحقيقها في الخدمة الطبية للزوار قائلا" منذ سنوات وانا امني النفس بالحضور الى كربلاء المقدسة لتقديم الخدمات الطبية لزوار الامام الحسين (عليه السلام) في الزيارة الاربعينية، ولم اكن اعرف بمن اتصل او اي طريق اسلك للوصول، ومن خلال والد طبيب زميل لنا اسمه "صالح الامين"، له علاقات مع بعض العاملين في العتبة الحسينية المقدسة، عرض الامر عليهم فوافقوا وحصلنا على الفرصة التي كنا نتمنى الحصول عليها، وسافرنا من الولايات المتحدة الى النجف الاشرف وجئنا الى كربلاء المقدسة للمشاركة في تقديم الخدمات الطبية للزائرين بزيارة الاربعينية المليونية وهي المرة الاولى التي اشارك بها، وبصراحة منذ يومين اقدم الخدمة وفوجئت بحجم الزيارة والزخم البشري الهائل للزائرين ولم اكن اتوقع ان في الزيارة مثل تلك الاعداد المليونية، واعمل حاليا لمدة ثماني ساعات يوميا من الساعة الرابعة عصرا الى الساعة الثانية عشرة ليلا، واستقبل حوالي (200) مريض يوميا، بينما اعمل في عيادتي الخاصة لمدة عشر ساعات لا يصل فيها عدد المراجعين الى (40) مراجع، وجميع الحالات المرضية التي كشفت عليها هي طبيعية ولا توجد حالات اوبئة او معدية".
اطباء متطوعين
ويلفت النظر الى انه لم يأتي بمفرده بل جاء مع مجموعة من زملائه الاطباء العاملين في المستشفيات والعيادات الخاصة بالولايات المتحدة ويفسر ذلك بقوله" اننا مجموعة من الاطباء سافرنا من ميشيغان بالولايات المتحدة الاميركية الى لبنان ومنها غادرنا في الخامسة فجرا الى النجف الاشرف ولم نستطع النوم من كثرة التفكير بهذه الرحلة وما سنراه فيها، ورافقني خمس اطباء آخرين، هم الدكتور حسين عجروس اخصائي الباطنية، والدكتور علي نصر الله تخصص طب العائلة متخصصين والاخصائي في امراض الحساسية الدكتور علي سعد، والدكتور علي صبح جراح العظام، والدكتور صالح الامين المتخصص بالطب العام، ووصلنا كربلاء المقدسة واخذنا قسطا من الراحة لمدة ساعتين فقط، ثم باشرنا عملنا في المفارز الطبية التي نشرتها هيئة الصحة والتعليم الطبي التابعة للعتبة الحسينية المقدسة في حرم الحسين (عليه السلام) ومحيطه الخارجي، بدون ان نشعر بالتعب بل شعرنا بحافز كبير لتقديم الخدمات الطبية للزائرين، بينما في حياتي الاعتيادية يجب ان انام لمدة ثماني ساعات يوميا لتقديم خدماتي الطبية لمرضاي، ووفرت لنا العتبة الحسينية المقدسة السكن والطعام ووسائل النقل مجانا".
الجميع يخدمون
ويصف "ميزا" اجمل ما شاهده في الزيارة الاربعينية بالقول ان" اكثر ما اعجبني هنا في مدينة كربلاء المقدسة وتحديدا في ايام الزيارة الاربعينية ان الجميع يحب ان يخدم الزائرين وبأي خدمة يسعى لها، حتى وصل الى تقديم الماء والعصير وورق المحارم وجميع الخدمات مجانية دون مقابل، بينما في جميع دول العالم لا تحصل على اي خدمة الا بعد ان تدفع مقابل مادي، ورغم اني سافرت كثيرا لدول عدة وحضرت مهرجانات او تجمعات بشرية الا اني لم ارى في حياتي مثل الزيارة الاربعينية، فهي اكبر تجمع بشري عالمي، ولم ارى في حياتي مثله ومثل الخدمات المجانية التي تقدم فيه، ولو قارنا الزيارة الاربعينية بموسم الحج في الديار المقدسة لوجدنا ان هناك اعداد لا تتجاوز الثلاثة ملايين، ويدفع الزائر اجور مقابل كل شيء يحصل عليه، وهنا تتجاوز الزيارة (22) مليون زائر يسيرون من محافظات عدة، يأكلون ويشربون وينامون لايام عدة مجانا، وهي اعتبرها معجزة من الله بحق وببركة اهل البيت، ووثقت الكثير من تفاصيل الزيارة والخدمة وارسلتها الى اهلي واصدقائي في اميركا فاندهشوا مما شاهدوا وتمنوا المجيء الى العراق والمشاركة فيها".
أقرأ ايضاً
- نصف مليون متسول في العراق.. 90% منهم يحصلون على رواتب الرعاية
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي