بقلم: عبدالزهرة محمد الهنداوي
ثمة نظرية تقول أن “الدم والدولة” خطان أحمران، لا ينبغي تجاوزهما بأي حال من الأحوال، لأن أي تجاوز لاي منهما، يعني، أننا سنكون ازاء حالة من الانهيار المريع، لكل المنظومات الحاكمة، سواء أكانت أمنية أم اجتماعية أم دينية أم قانونية، وبالتالي فإن أيَّ محاولة، لضرب أحد هذين الخطين، وتحت أي عنوان كان، تتطلب تصديا حازما، من الجميع من دون استثناء، فلو أفلت المسيئون من مثل هذه الوقفات، فإن الأمر سينسحب إلى منظومة السلم المجتمعي، وتنهار هي الأخرى، وهنا سنكون أمام الطامة الكبرى، التي ستأخذنا إلى منزلقات يصعب التكهن بمآلاتها.
وعلى مدى السنوات الماضية، تعرض الخطّان إلى الكثير من محاولات الاختراق، من قبل قوى محلية واقليمية ودولية، وقد يكون بعض من تلك المحاولات نجح في عملياته الاختراقية، وتسبب بتداعيات كانت في منتهى الخطورة، وعلى سبيل المثال، عملية تفجير سامراء عام ٢٠٠٦، التي كانت مثل زلزال عنيف، ضرب الواقع العراقي، وتسبب بانهيارات مخيفة، كان من بينها، تدحرج البلد إلى حافة حرب أهلية مرعبة، كادت ستودي بنا إلى مهاوي الهلاك، ولعل الحال ذاته ينسحب على ظهور التنظيمات الارهابية، عام ٢٠١٤، وانهيار المنظومة الامنية في ثلاث محافظات تتميز بثقلها السكاني والاقتصادي، ويدين العراقيون بكثير من الفضل للمرجعية الدينية الرشيدة في النجف الاشرف، بوصفها جدار امان صلدا، وقف بقوة مدافعا عن الدولة، وحاميا للدم، عبر فتوى الجهاد الكفائي، التي كانت بابا، لدحر الارهاب واستعادة الارض من براثن الاشرار، وقبل ذلك كانت هذه البوابة، تعمل بتقنية عالية، لرأب الصدع، وايقاف الانهيار على خلفية أحداث سامراء.
طبعا، أصحاب الأجندات، لم يتوقفوا عن محاولاتهم الاختراقية، مستهدفين الدولة والدم، وقد وتنطلي هذه المحاولات على البعض، تحت عنوان، حرية التعبير عن الرأي!، لا سيما مع الانتشار الواسع والتأثير الكبير، لوسائل التواصل الاجتماعي، ومن قبيل تلك المحاولات الاختراقية، الإساءة المتكررة إلى مقام المرجعية، سعيا لاستفزاز الرأي العام، ودفعه نحو الخروج على منظومة القيم الحاكمة، وبالتالي الوصول إلى الهدف، وهو إشعال الفتنة.
ولولا بوابات الأمان التي يتمتع بها العراق، لوقع المحذور، وساءت الامور، ودائما تتصدر المرجعية تلك البوابات، بما لديها من عمق قيمي وديني ومجتمعي، إذ ينظر إليها العراقيون، بجميع ألوانهم واطيافهم، نظرة احترام وتقدير وسماع.
وهناك بوابة أخرى متمثلة بالنخب الوطنية، التي لطالما أدّت أدوارا فاعلة في التصدي لجميع المحاولات القذرة للعب بمصير العراقيين، وقد كان لتلك المواقف أثر وتأثير في وئد تلك المحاولات، دون أن ننسى، أن بعضا من هذه النخب، مارس دور الوزغ “ابو بريص” الذي كان ينفخ في النار التي أُشعلت لحرق النبي ابراهيم ليزيدها اشتعالا، وفقا للموروث المحكي.
وقطعاً أن دورا سلبيا مثل هذه سيؤثر سلبا في المجتمع، ولكن تبقى مصدّات الأمان العراقية القوية، هي المعوّل عليها في حماية البلاد والعباد من طوارق الحدثان.
أقرأ ايضاً
- الأمانة العاطفية والخيانة الاخلاقية واضطراب السلوك الانساني
- آثار جريمة خيانة الأمانة من الناحيتين الجزائية والمدنية
- أحلام خريجي العلوم العاملين بالتمريض تتهدم على أعتاب وزارة المالية و الأمانة العامة لمجلس الوزراء