- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تأويل الدستور منشأ الانسداد السياسي
بقلم: غازي فيصل
يتسارع مسار الانسداد السياسي في ظل استفحال أزمة سياسية، تشهد حرب المواقف الحادة بين أطراف العملية السياسية، تبرز فيها لعبة القانون، والذي يراهن عليه الطرف الآخر لتعطيل استكمال شوط تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وفقا للتوقيتات الدستورية، ولكن تسعى الأطراف المتحالفة بناء حكومة خارج دائرة منطق المحاصصة السياسية والتداخلات الخارجية الإقليمية والدولية، يترجم هذا الصراع الذي يخوضه الطرف الآخر على بقاء هيكلية النظام على تقاسم السلطة والنفوذ.
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 تشرين الأول العام الماضي، يبدو التوتر السياسي في العراق على أشد درجاته.
إن التيار الصدري وحلفاءه مصرون على الذهاب إلى نهاية هذه العملية ان يشكلوا بمفردهم (حكومة أغلبية وطنية)، في حين الصيغة التي حكمت البلاد بين عامي 2003 و2021 اشتركت فيها جميع القوى السياسية، كل على مستواه في عملية تشكيل الحكومات العراقية، هكذا بنيت العملية السياسية برمتها على خطأ، بسبب العجالة في وضع وتشريع الدستور وتشكيل أركان السلطة، فجاء كل شيء قائما على جرح لم يشفَ ولم يعالج.
والدستور العراقي الحالي بوصفه وثيقة سياسية وليس كما يشاع أنه عقد اجتماعي، اشتمل على عدد كبير من المغالطات، فضلا قابلية نصوصه للتاويل المفرط، وبالتالي جرت العادة أن من يملك القوة في لحظة التأويل، هو القادر على فرض تأويله على الجميع بغض النظر عن مدى صحة ذلك التأويل.
يبدو موازين القوى حاليا تمثل مواجهة متكافئة إلى حد كبير، ليس بالعدد ولكن بحكم لعبة قواعد الدستور، كما شهدنا من الجلسة البرلمانية الأخيرة لم يستكمل نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية، في حين الثلث المعطل لعدم حضوره وتفاعله أصبح عائقا أمام إفراج الأزمة، ويدفع باتجاه الانسداد السياسي.
اهم ما يسجل على هذا النظام السياسي هو قدرته الفائقة على إنتاج الأزمات وتدويرها، فضلا عن الاعتماد المستمر على العامل الخارجي في حل المعضلات التي تواجهه، كان الوجود الأميركي منذ عام 2003 لغاية الانسحاب 2011 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق بارك أوباما بمثابة جدار صد للازمات النظام السياسي في العراق، بحكم وجوده على الأرض وتحكمه بمعظم أنماط التفاعل السياسي، وتفرض الحلول أحيانا إلى تفاهمات عبر الاتفاقات ضمن الغرف المظلمة والمعلنة مع الطرف الإقليمي الفاعل والمؤثر في المشهد السياسي العراقي.
اليوم بعيدا عن القراءة النمطية لواقع العراق السياسي، ان العراق يمر في أسوأ مراحل تاريخه السياسي، إن عوامل الفشل في اداء النظام السياسي وخصوصا بالأزمة السياسية الحالية هي امتداد تراكم أزمات سياسية سابقة.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي