تنوع الخطاب السياسي في الفترة الأخيرة بين الكتل السياسية التي استعرضت كل إمكاناتها المتاحة في العمل السياسي وأفرزت به محتوى ثقافتها السياسية ، على الرغم من أنها ، الثقافة السياسية ، لأغلب المكونات السياسية لا زالت في مراحلها الأبتدائية ولم ترتقي بعد للدخول في الممارسات الصعبة التي تمر بها كافة الحراكات التي تتطلبها العملية السياسية الكبرى في العراق وهي كبرى لكون العراق لم يشهد حراكاً سياسياً منذ عقود من الزمن بسبب سيطرة الحزب الواحد . وبدء سيادة نظام حزبي واسع الطيف دخل في العملية السياسية على الرغم من حداثة نشأته ، ومجموعة الأحزاب تلك التي كونت النظام الحزبي الجديد في العراق من خلال العلاقات التنافسية حيناً والتعاونية ، بتشكيل الائتلافات ، والأقصائية أحياناً أخرى . وتلك الأحزاب بموجب هذا النظام الحزبي ولدّت ثقافة سياسية مشوهه .
والأمانة والحفاظ عليها هي جزءاً من أساسيات العرف السياسي المتبع فعلى السياسي الذي أؤتمن على صوت ما أنتخبه ليكون عضواً في البرلمان أن يحافظ على تلك الأمانة بما أوتي من قوة .. والأمانة هنا ليست تلك التي يتحدث عنها السياسيين وتلك الأسطوانة التي تتحدث حول عدم مشاركة بعض الكتل في حكومة يشكلها فلان أو أن أصر أن يكون لي المنصب الفلاني .. لقد اؤتمنت أيها السياسي على مئات الآلاف من الأصوات التي انتشلتك من مكان لترفعك الى مكان آخر فعليك أن تبادر بأتباع أكثر الوسائل سلماً وأمناً في خدمة من أئتمنك على صوته فلماذا يجب أن تكون أنت الرئيس وأنت القائد ؟ ولماذا لا تكون أنت الخادم لشعبك وأن تكون راعي مصالحه من خلال أكثر المواقع التي تمسه وتحسن من واقعه الأجتماعي والخدمي ؟ ولماذا لا تكون أنت الحارس أو أنت الطبيب الذي ستعالج جراحه المثخن بها جسده ؟ ولماذا لا تكون أنت المعلم الذي يعلم أبناءه بحكمة ويلقنهم مبادئ الوطنية والإيثار؟ .... لماذا يجب أن تكون انت القائد والرئيس ؟ . لماذا لا تكون أنت من يرعى الأرامل والأيتام ولماذا لا تكون أنت من تحمي حدوده من أطماع الطامعين، ولماذا لا تكون أنت من تنظف له شوارعه وترفع له الأبراج وتقيم له المجمعات السكنية التي تأوي مشرديه الذين أثخنت جراح الغربة فراقهم عن الوطن .. ولماذا لا تكون أنت من يقيم له المصانع لتلم شتات عاطليه .. فالأصوات التي رفعتك أملها بك أن تكون من ينتشلها مما هي فيه ويرفعها الى حال افضل مثلما رفعتك أصابعهم لتكون صوتهم في قاعات البرلمان .. صوتهم الذي يقول لا لكل الفساد الأداري والمالي .. صوتهم القوي الثابت على الحق على لكل من يريد أن يفوّت الفرصة على هذا الشعب أن يعيش حياته الحرة الكريمة الطاهرة .. صوتهم الذي يقول لا لكل مظاهر التخلف التي تجر أبناءه الى مخططات الرذيلة والتبعية . صوتهم الذي يقول لا للبطون التي انتفخت من ماله بعدما أئتمنهم عليها ..عليك أن تكون قوياً بما يكفي لتكون على قدر قوة هذا الشعب وإمكاناته الهائلة فهو لم ولن يرضى أبدا بمن هو متخاذل عن حفاظ الأمانة وصيانتها بدمك قبل كل شيء .. لقد أختارك كي تكون القدوة له ولأبنائه وعشيرته .. أنها الأمانة أيها السياسيون .. فهل أنتم جديرون بها ؟
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي