حجم النص
بقلم:حيدر مرتضى علي لدى (مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي) FBI اشخاص متخصصون بتخيل ووضع سيناريوهات عديدة محتملة؛ لأي حدث أو عملية مرتقبة، وهؤلاء المتخصصين يمتازون بمعرفة كبيرة بالطريقة التي يفكر بها الخصم سواء كان (مجرم، أرهابي، خائن عميل،.....)، فمثلاً لديهم معرفة بدوافعه النفسية، والبدائل المتاحة أمامه، لديهم معرفة بخلفيته الثقافية التي تجعله يختار بديل دون أخر، ولديهم معرفة بنشأته وطفولته التي شكلت أطره الإدراكية للعالم؛ بأختصار لديهم كل ما يحتاجونه ليجيبوك: كيف يفكر هذا الشخص؟ وهذا بعض مما يعرفه هؤلاء الخبراء عن خصوم دولتهم، وكلما ازدادت معرفتهم أصبحت السيناريوهات التي يضعونها أكثر دقة. وعلى اساس هذه السيناريوهات التي يضعها متخصصي (FBI مثلاً)، يأتي دور مخططي العمليات ومنفذيها، لكي يضعوا خططهم وعملياتهم على اساس المعرفة التي وفرها لهم اولئك متخصصوا السيناريوهات؛ وما هي أفضل السبل لإيقاع خصمنا في المصيدة؟! وربما، هذا ما يجعل الدول المتقدمة.. متقدمة على الاخرين! فغالباً ما تحتل الدول المتقدمة موقع الفاعل والمتحكم والمخطط للظروف والاحداث التي تسيير العالم، بعكس العالم الثالث الذي يعلب دور المنفعل والتابع، والذي غالباً ما يضع خططه على اساس الخطط التي وضعها العالم الاول!. فحيثما يعتقد العالم الثالث أنه المبادر والمتصدر، يكتشف أنه يعمل وفق ما خطط له الاول. بنفس الطريقة يمكننا النظر إلى الانتصارات المتابعة لقواتنا العسكرية على داعش في الانبار: سيناريو أول: إن هذه الانتصارات المتتابعة هي نتاج المعنويات العالية لقواتنا القتالية، وتجهيزاتهم وتدريبهم وأيمانهم بقضيتهم وحبهم لوطنهم. سيناريو ثاني: إن قواتنا تتقدم في الانبار؛ لأن داعش قرر التراجع تكتيكياً لجر قواتنا العسكرية إلى حيث يريد! ما الذي يجعلنا نطرح هذا السيناريو الثاني؟! في الحقيقة، هناك تساؤلين يطرحان انفسهما امام قيادات قطاعاتنا العسكرية: التساؤل الاول: أين الاسلحة الثقيلة التي استولى عليها تنظيم داعش، واين خبأها، ومتى وكيف ينوي استخدامها؟! التساؤل الثاني: ما السر وراء الانهيار المفاجئ لهذا التنظيم الذي شاع عنه تنظيمه وتدريبه عالي المستوى، بالإضافة إلى خططه وتمويله، بل وماذا حدث لحاضنته الاجتماعية المتقاربة معه من حيث الفكر والاهداف والمصالح؟! من الجيد أن تكون هناك اختلافات حدثت أدت إلى أنهياره وتقهقره، ولكن يجب التأكد أنها خلافات حقيقية، وليست اشاعات تكتيكية وأعلامية تحاول ذر الرماد في العيون. فهل يا ترى إن التنظيم المتطرف المدعوم من دول قدمت له الكثير من التدريب والمساندة المالية والاعلامية والتخطيطية، بدأ بالتدهور فجأةً.. هذا ما نأمله ولكن ماذا لو.. ))