عبد الحميد الصائح
من هم المضروبون بوري ؟ نحن المضروبون بوري، من نحن؟ نحن الذين كنا شبابا متحمسين نأمل أن تتحرر بلادنا من ديكتاتورية صدام،وان يستلم حكم البلاد الخيرون الأمناء الأوفياء الاتقياء العلماء الخبراء المخلصون الأقوياء بالعدالة والحكمة والعلم والحق، لينتشلوا شعبنا من الأمية و الجوع وبلادَنا من السياسات المرتجلة الخاطئة والحروب العشوائية في كل اتجاه.الذين بقينا دون انتماء لحزب أو تيار ايمانا منا بان المواطنة العراقية هي الحزب الاقوى الوحيد مابعد الديكتاتورية.
كانت أصواتنا عالية اعلاماً وفناً وتظاهراً ومغامرة، وكنا نحمل هموم الناس واختناقها في مانكتب ومانقول ومانعمل في جميع المنظمات الحقوقية والمدنية التي تقف مع محنتنا ورسالتنا الحرة. مراحل ومواقف واحزاب تتقلب بين عداء اميركا لصالح الايديولوجيا ثم الوقوف معها لصالح المصالح!.
حدث الذي حدث، واسقطت اميركا صدام في حربها وقدمت العراق هدية بلا مناسبة للمجاهدين الذين اذا ذ ُكر اللهُ وجِلتْ قلوبُهم فقلنا: العوض بهم كي ينقذوا مايمكن انقاذه، فقد كان أملنا بالاسلاميين أكثر من العلمانيين، لاعتقادنا انهم يخافون الله قبل ان يوضع قانون يخافونه، ويحترمون العهد قبل أن يُسن ّ دستور يحترمونه.
لكن كل شيء حدث في العراق الا مخافة الله والقانون واحترام الدستور، افترسونا افتراسا لامثيل له، وحكمونا بالنفاق والكذب، وقدموا صورة بائسة عن الدين والتنافس السياسي، ونموذجا سيئا في حفظ المال والتنمية وتربية النشء الجديد على القيم والعلم والنظافة والاعتدال، بدل الكراهية والوساخة وسَوق المغفلين (المُجَهَّلين) الى نواعير التخريف والإفك والروايات والتأويلات المختلقة، حتى انتجوا بسبب ادائهم المسخ هذا شبابا كافرا، وبسلوكهم شيوعا للفساد والرشوة. سيق أبناؤنا الى حروب ضد الارهاب وخنازير الدين التي اخترقت حدود البلاد من كل فج عميق، دون أن يحاسَب من أدخلها أو تراجع عن ردعها، بل واصل الفَشَلة ُالفَسَدة ُالقتلة يتقدمون الصفوف برفقة كلابهم في خلطة مؤسفة لايوجد شجعان لفلترتها، يجلس الذي ضحى امام الذي هُزم، ويجلس الذي جاع امام الذي سرق، ويجلس الذي أّذل أمام الذي كذِب. وبقينا نحن من انتخابات الى اخرى نأكل البوري تلو البوري، محرجين من الأعداء الشامتين بفشل هؤلاء، الذين يلوون النصوص الدينية ليجعلو منها تبريرات للرذيلة فقط! الذين جهزوا لنا مشاجب الألسن لردعنا واسكات كل من يقول إن البلاد تنحرف بفسادكم وفشلكم وقلة خبراتكم، وانكم همشتم الكفاءات الموقرة، واعليتم على الناس أسافلهم في جميع مفاصل الحياة.. وانكم بصلافة لاتكترثون للشهداء أو النازحين أو المهاجرين أو الجياع،بل نسيتم جرائم كبرى في التاريخ الحديث مثل سبايكر وتسليم الموصل،اليوم الناس لاتميز بين الوجوه فقد تشابهت وتضخمت وبقيت مصرة على دفن العراق مع جثثهم التي لاراد لقضائه اذا حانت الساعة.
اليوم الدعوة الوطنية ليست للشعب الذي أخرجوه من المعادلة راضيا مرضيّا!، الدعوة للمشاركين في الانتخابات أنفسهم، للكتل ذاتها ان تنظف نفسها من رموز الاخفاق المريع خلال السنوات المرّة الماضية، ان يقف الذين جاهدوا في مواجهة الذين انهزموا، والذين اكرموا الوطن بدمائهم ضد الذين سرقوه ورهنوه،انها الفرصة الذهبية والاخيرة للمصلحين، الفرصة التاريخية لمن يرى باسم الشعب انه على حق،ان لايكونوا مترددين خانعين متواطئين، ان تجري عملية تطهير اخيرة،غيّروا الفاسدين في لحظة شرف وشهامة تواضعا أمام دماء الشهداء ومعاناة النازحين ومصائر المهاجرين واحتراما لوطن مهم وشعب يستحق الحياة..