حسن كاظم الفتال
لقد رغب العرب منذ القدم أن يختاروا لمخاطبتهم أحسن وأسعد وأجمل وأنبل الملافظ في أحاديثهم والمخاطبة فيما بينهم وأن يستعيضوا التحدث بالكلام التقليدي الدارج بكلام آخر منتقى أو ألفاظ أخرى تنطوي على لغة رشيقة أنيقة عذبة تخترق الأعماق قبل التسطح.إذ أدركوا أن الإنسان أحيانا تواق إلى دغدغة مشاعره بعذوبة ورقة وحنين وصفاء وشفافية. فابتكروا لغة جميلة تحقق تلك الدغدغة بمخاطبة المشاعر والروح والعقل والأحاسيس والأفئدة الرقيقة قبل أن يخاطبوا عقولا أو أشخاصا ويملئوا أسماعا بكلام تقليدي دارج وجمل وعبارات بعضها مكرر أو لعلها مملة أحيانا.
وبدأت القافية تحتل موقعها والمفردة الشعرية الرشيقة الأنيقة تؤدي دورها وتترك الوقع البالغ والأثر في النفوس.وكل استخدم ببراعته القوافي بصياغة فذة واختص بوسيلة تعبير وسبيل توصيل.
وانشطر الشعر إلى إنشطارات عديدة.
ومن أبرز الإنشطارات ما أطلق عليه تسمية: (الشعر الشعبي)وهذه التسمية نالت استحسانا كبيرا لدى شرائح كبيرة من المجتمعات
حيث أن الشعر الشعبي لعله أكثر قوة وفاعلية وعمق مصداقية في دغدغة المشاعر كما يقال ويستقطب شريحة واسعة من المجتمع ويترك على المتلقي أثرا بالغا لأنه يحاكي أحاسيسه وتأملاته.
أما أنا ففي مقتبل العمر إحساسي بفيض موهبتي في داخلي أجبرني على أن أشَمِّر ساعدي لولوج الساحة الأدبية بكل هدوء واقتدار وثقة وبدأت بصياغة القوافي مستهلا ولوجي هذا بتدوين القافية في الشعر الفصيح والغوص في أعماق معظم بحور الشعر وسطرت الكثير مما لاقى رضا واستحسان المتلقين المتذوقين.
وكان عليَّ أن أبرهن أحقية ولوجي وقدرتي على العوم لذا لم أنتظر طويلا على الضفاف بل أغطس وأغط للتوغل وأصارع أمواج البحر فأجتازه طولا وعرضا.
فحملتني أمواج الشعر الشعبي العذب ومنحت أدبياتي حصة لا باس بها من هذا النتاج.
وإلى جانب الدواوين التي حوت بطياتها الشعر الفصيح العمودي راحت تصطف إلى جانب ذلك من نتاجي دواوين من الشعر الشعبي منها ما زارت المطابع وتدبجت بالإلوان ومنها وما ينتظر.
وذات يوم كانت لي حكاية مع الشعر الشعبي تتلخص في عنوان:
(على هونك ولا تتعجب بجرحك الضمدته ** تعال نشوف ياهو الجرحه أكبر آنه لو إنت.. (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
أحد الأحبة لما أخذ الجرح منه مأخذا وترك أثرا كبيرا في نفسه راح يسدي نصيحة لمن يعتقد بأنه لا زال فتيا على سرد حكايات الجراح ووعظه طالبا منه أن يتمهل ويتأنى في مصاحبته وينتظر كثيرا ليزداد طاقة وتحملا وتأهبا واستعدادا لاستقبال المزيد من الطعنات حتى يكبر به الجرح فيوازي كبر جرح مخاطبه ليحق له أن يصاحب مطعونا في مسيره ويتبادلا الحديث المر تحت غيمات سود تمر فتحجب النور حتى وإن لفترة قصيرة فقال المجروح:
(احتراما للجرح ما أوگف وياك **وعله نفس الدرب ما خلي ممشاي
كتلك عالسوالف بعدك زغير** صير بكبر جرحي وسولف وياي (
## ولأني لا زلت أحمل من الجراح أكبرها فأقول ردا على ذلك: ##
لو گلبي فتح بيبان الأسرار **وسر من بعد سر بيهن غده يبوح
وبيان يذيع عن طعناته الكبار ** الصابت مو جسد بل صابت الروح
ولو رش على الحقيقة جروحه شوباش ** بعمق جرحي متگيش كل الجروح
لو مد صفحه من صفحات الآلام ** ونشرها وصبح سره بهاي مفضوح
أظن سور الصبر والجلد ينهار ** بيك ويغدي دمعك سيل مسفوح
لون همك جبل والقمة حسرات ** أنا همومي جبال وما لها سفوح
لسهام الضماير صرت نيشان ** واليصوب علي ما يخطأ يلوح
البعض قوسه ابتسامه وضحكته سهام ** ونيشانه الخديعه ويرمي ويروح
البعض سيفه المصالح وقبضته أطماع ** وأمر من النفاق الطعني ممنوح
يذم كل صح لأجل إرضاء الأسياد ** وكل مذموم يصبح عنده ممدوح
وأفضع ما شفت اليذبح إخوان ** ويوگف يم جثثهم يون وينوح
يتفنن بطعنه الأقرب الناس ** لأجل يصعد ويسكن فوگ السطوح
هم سامع چبد امرگعته اللوعات ** بسبب ربعه وجروحه تنضح نضوح ؟
چبدي اللي زماني ايحط رگع بي ** شما يجلي الزمان الأثر ميروح
الناس تشخص بهمسات أخطاء ** بس تخاف تحچي بعلن بوضوح
صحت لكن هواي ارتفعت أصوات ** حتى صدى صوتي يظل مبحوح
ارفضت بعض المساوئ والمسيئين ** وعلة دكة صراحة أصبحت مطروح
وكلمن سل لسان وأصدر أحكام ** وإبأطراف ألسن صرت مذبوح
أنا جرحي كبر مينفعه تضميد ؟ ** تخيطه الدنيا كلها ويظل مفتوح
ها..؟ حق من أسولف وأمشي وياك ** لو ممشاي بعده غير مسموح ؟؟
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد