بقلم: عبد الحميد الصائح
اضافة لتعليق لي على مقال لاحد الزملاء الذين احترمهم يشير الى اننا بحاجة اليوم الى ألف جواهري، اقول: ان تلبية هذه الحاجة أمر يثير الفزع فعلا، كوننا أمة انشغلت بتسويق الشعر الى الامم الاخرى مجانا، بعنا الاكو والماكو ولم يبق لنا حتى لِحافٌ نلتحفُ به، أثرّنا في شعراء وخطباء بلدان وشعوب قلدوا غضبنا وعواطفنا وعلاقاتنا الخاصة مع الله والموت واللغة والسلطة واللذة والجنون والخلود ولم نتأثر (قَيدَ أنمُله) بان يكون لنا شارع نظيف أو بالوعة تشتغل او مدرسة أطفال متطورة او واسطة نقل نظيفة ُالمقاعد مضبوطة ُالمواعيد، ركّزنا على التحشيش في انتاج الجملة الشعرية وأهملنا التحشيش في الصناعات والتكنلوجيا التي اصبحت من مقالب ودهاليز والعاب العقل، نسينا ان هناك فنونا صناعية كالسينما والطب والهندسة وتخطيط المدن والازياء واستكشاف الفضاء وانماط الحياة المتغيرة وتبادل الخبرات ورموز التعامل اليومي بين الناس من اللون الى الموعد الى طرق الاكل الى الصحة الى فهم قيمة الزمن والعناية بالطفولة والامومة والشباب والقانون والنظافة واحترام الاخر.وحَجَزْنا مصطلحَ المثقف حصريا لمن يكتب الشعر والقصة والعمود الصحفي حتى وان كان ياماكان من مستوى المهارة واسلوب الحياة والازدواجية في تقييم الشؤون الخاصة والعامة. في مجتمعات متقدمة غيرنا، الثقافة مفهوم اخر، هي طبائع الشعوب وعاداتها وفلكلورها ورقصها وموسيقاها الشعبية وهندستها وازياؤها وعلومها وهي خلاصة انجاز المادي والمثالي الذَين تآخيا في العصر الحديث، لذلك فان الاهتمام بثقافة أن نقول الشعر ينبغي ان يكون في ذيل الاولويات بالنسبة الى ثقافة بناء المجتمع والتنمية والتعليم والتخطيط العلمي وفهم القانون وطاعته ومكافحة الجهل والعبودية للاشخاص او الافكار او غرائز المال والقوة والسلطة، ماجدوى انجاز شاعر عظيم في مجتمع ينحدر الى انفاق الامية والايمان بالخرافة؟، ومافائدة دولة تصدّر الكتب وشوارعُها قذرة ومدارسُها من طين ليس فيها مستشفى محترم او حقنة لطفل مريض ؟ ومافائدة شعب يفتخر بانه ارسى اسس القانون والفلسفة والطب والاسطورة،واليوم يتحكم بمصيره الاميون والافاقون الذين يبيعون الآمال ويبخّرون الناس بالخوف والمحاذير، اليوم بنا حاجة الى عمال نظافة مايسَختون ومرشدين تربويين يداومون بدوائرهم مو بالحسينيات والمساجد واطباء يشتغلون بالعيادات مو بمجلس النواب، بحاجة الى معلمين مخلصين ومناهج ووسائل حديثه بحاجة الى قضاة شجعان وشرطة لايرتشون اكثر من حاجتنا الى مئات اخرى من الشعراء والقاصين في بلد يبدو الاديب فيه مضطربا عقليا خارجا على الجماعة، بنا حاجة ملحة الى ناس لايبصقون في الشوارع ولايتذابحون في منتصف الحوار، حاجة الى تربية الى عدالة الى ذوق الى ادارة، ففي مجتمع به مليون سياسي ومليون شيخ وشعبُه نصفهم حمايات لهؤلاء ونصفهم الاخر ضحايا لهم، ليست هناك اهمية اساسا لمزيد من الشعراء ليأتي - لاسمح الله - جواهري جديد يقول. "عندي من الأسى جبلُ " لأمّة تقرأ في مجالسها قصيدة دينية شهيرة له وهي لاتعرف معاني كلماتها!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير