حجم النص
بقلم: سليم الحسني أصبحنا أمام مقياس دقيق واضح، فالقيادات السياسية التي لا تدين أطراف الأزمة الخليجية بدعم الارهاب، فمعنى ذلك أنها استلمت ملايين الدولارات من الحكومات الخليجية. لقد التزمت هذه القيادات الصمت، مع أن الخليجيين أنفسهم تبادلوا الاتهامات العلنية بدعم الإرهاب، ومع أن المسؤولين الأميركيين أيضاً دانوا الخليجيين بدعمهم للإرهاب. لكن قادة العملية السياسية لا يستطيعون الكلام في هذا الموضوع الحساس، لأن ذلك يفرض عليهم أن يدينوا قطر أو السعودية والامارات منفردة أو مجتمعة. وهذا ما لا يجازفون بفعله، حيث سينفضح أمرهم وتنشر صحف الخليج وفضائياتها المتحاربة، حجم الأموال التي استلموها خلال السنوات الماضية. لقد كتب الهارب طارق الهاشمي تغريدة بسيطة حاول فيها أن يمر في منطقة الوسط بين محوري الأزمة الخليجية، ففضحت السعودية أمره، ونشرت صحيفة الشرق الأوسط بعددها في ٧ حزيران ٢٠١٧ خبراً مفصلاً عن استلامه مليارين دولار ونصف المليار من السعودية. ولو أن تغريدته كانت تمس قطر لربما كشفت الدوحة الأموال الطائلة التي دستها في جيوبه. من المؤكد أن طارق الهاشمي شعر بالندم الشديد على تغريدته، ومن المؤكد أن فضيحة الهاشمي ستجعل القيادات السياسية والحكومية والبرلمانيين من كافة الكتل، يعتمدون الصمت المطبق، فلا يقربون هذه الأزمة بإدانة أطرافها المتورطين بالدم العراقي. فمثل هذا الموقف منهم يعني أن حساباتهم البنكية سيجري نشرها على وسائل الإعلام بالأرقام والأسماء والتواريخ. عندما يستلم المسؤول والسياسي العراقي ملايين الدولارات من الحكومات الخليجية، لا يخطر بباله لحظة الاستلام، أنه سيواجه يوماً ينكشف فيه المستور، لسببين مهمين: الأول: أن لون الدولار يأخذ بالأبصار فيتوقف عقله عن التفكير، وتتلاشى كل الاحتمالات المستقبلية، لأن الضمير لحظتها يموت، وحين يموت الضمير، فيسهل عند صاحبه فعل أي شيء. الثاني: لم يخطر بأذهان المسؤولين والسياسيين أن الخليجيين سيمرون بأزمة حادة فيما بينهم، فهم شركاء في المنهج المعادي للعراق، وهم متوحدون في العداء للعراق ودعم الإرهاب، وعليه فقد استبعدوا احتمال بروز أزمة بين حكومات الخليج. نحن هنا نضعهم أمام الاختبار علناً، فمن لا يدين الإرهاب الخليجي ودعم الحكومات الخليجية للجماعات الإرهابية بالسلاح والمال، فمعنى ذلك أنه استلم الملايين منهم، مع علمه اليقيني بأنه أخذ الملايين من قتلة الشعب العراقي، لكن الضمير تعطل عنده بفعل المبالغ الضخمة، فهان عنده كل شيء. الكلام هنا يشمل كافة القياديين من إسلاميين وعلمانيين، سنة وشيعة واكراد، لا فرق هنا في الهوية والانتماء، فحين يموت الضمير، ويبيع هؤلاء أنفسهم للخليجيين يصبحون على حد سواء.. يتحولون الى كائنات يشبه بعضها بعضاً. التهمة تلبس جميع القيادات، فمن لا يدين إرهاب قطر والسعودية والامارات وإجرامها بحق الشعب العراقي، فهو مأجور باع نفسه لهذه الحكومات.
أقرأ ايضاً
- دجاجات غاندي وملايين نوابنا
- الامام الكاظم (ع) من النعش الغريب المنادى عليه بأستخفاف الى مرقد يعانق السماء و تشيع ومسير الملايين من القلوب المحبة
- التوقيع على الربط الشبكي مع الخليج