حجم النص
بقلم:الدكتور طلال فائق الكمالي لا شك في أن الله تعالى موجود في كل مكان إلا أن المقصد من حضور الله بحضور الضمير حضور فطرته جلّ وعلا في الإنسان، التي تعني وجود الداعي لتقبل المعارف والمثل العليا، وعليه يمكننا القول: إن الضمير عندما نجده حياً وحاكماً على متناقضات النفس وصراعاتها عند إنسان ما؛ فإننا نستطيع أن ندعي استقرار فطرة الله تعالى عنده ومنها الضمير، في الوقت الذي لا نستطيع أن ندعي حضور الله حال غياب الفطرة، ومن ذلك غياب الضمير عند إنسان قتل المعارف والمثل العليا داخل نفسه، تاركاً الى أن تكون ملذات الدنيا والهوى حاكمةً عليه. كان المقصد من كتابة هذه الخاطرة قصة في غاية الروعة والجمال في وقت غاب فيه الجمال إلا ما ندر، في أحدى الأماسي رنّ هاتفي... أسرعت لأُجيب لأنني كنت أترقب نتيجة فريقين من الفتية يعملان بمعيتي، إذ كان أحد الفريقين من اليتامى، ولأجل ذلك كنت أرغب أن يفوز هذا الفريق من دون ذاك بلحاظ اليتم الذي يفتقر للدعم النفسي والمعنوي، هذا فضلاً عن أنّ الجائزة كانت هي سفرة خارج البلد، وأن منال اليتامى لها أولى من الفريق الثاني. كانت المسابقة مسابقةً فكريةً وثقافيةً متنوعة المحاور فاز فيها الطرف الثاني، كان فوزهما لمرتين مرةً لأنهما كانا أوسع معرفةً فنالوا الدرجات العلى التي تؤهلهم للفوز، ومرةً أخرى وهو الأهم حين كان الله تعالى حاضراً في قلوبهم لانعاش ضمائرهم في إحياء الفطرة التي حملت أعلى المضامين المعرفية والإنسانية والقيمية، فقد أقروا بالإجماع أن يهدوا فوزهم ومكسبهم المادي والمعنوي إلى فريق اليتامى، ومما يثلج الصدر ويقر العين أن ذات الأمر قد تكرر في قاعة أخرى لفريقين من الإناث. هنا اُطلق العنان لعينيَّ أن تنهمل دموعها فرحاً وفخراً، أن قرأت ـ حين التقيت بفتية الخير ـ لغات عديدة رسمت حروفها الذهبية الأبية على وجوههم وجباههم الوضاءة، فعلمت كيف يمكن أن تكون إحياء النفوس طاعةً، والركوع والسجود في محافل العلم صلاةً، والطواف بالقلب حول الشجرة الطيبة حجاً، والإنفاق في سبيل الإنسانية جهاداً، ورسم الابتسامة على شفاه فاقديها عبادةً. حينها أدركت متى يستمطر الله رحمته مدراراً، و أين العلة من وراء تصحر الأرض وتحطب الزرع، وكيف يتندى الماء فيسقي الصغار ليكونوا كباراً الله... الله ما أروع هؤلاء الفتية، وما أعظم أن نجد الله تعالى حاضراً كلما كان الضمير حياً.
أقرأ ايضاً
- وقفه مع التعداد السكاني
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)