حجم النص
بقلم:المهندس زيد شحاثة العراق بلد حضارات أصيلة و متعددة, هي من أولى الحضارات وأقدمها, لا يختلف اثنان على ذلك, وقدمت كثيرا من المعارف للبشرية. هذا لا يعني عدم وجود أمم أخرى, تملك حضارات أصيلة, كالمصريين واليونانيين والرومان والفينيقيين والفرس, وغيرهم كثير من الأمم. تجاور العراق وإيران جغرافيا, جعل تكرار التحاور والصدام بين حضارتيهما, امرأ لا مفر منه, هذا التأثر والتأثير امتد لغاية العصور الحديثة, جزء من هذا التأثير تمثل بحكم وتبعية إحداهما للأخرى, خلال فترات زمنية متفاوتة من العصور التاريخية. خلال العصر الحديث, وبعد تدهور الدول والكيانات العربية,على علاتها, وتراجع العراق عن دوره التاريخي, وكون إيران دولة كبيرة وقوية, ومؤثرة إقليميا, أصبح لها دور مؤثر في الساحة العراقية, كجزء من دورها الإقليمي, وحماية مصالحها. مرت العلاقة بين البلدين خلال السنوات المائة الأخيرة, بمراحل صعبة, ومرت بفترات قتال دموية, راح ضحيتها الآلاف من الشعبين, وترك ذلك أثرا نفسيا كبيرا في قطاعات واسعة من الشعبين, فيما يتعلق بنظرة بعضهما للأخر كقومية. اليوم وبعد سقوط نظام البعث, وظهور نظام حكم جديد في العراق, ومشاكل إيران مع الولايات المتحدة, وبروز قوى إقليمية مؤثرة, اختلفت معطيات المنطقة, فإيران لم تعد تلك الدول التي يمكن تجاوزها, وأمريكا لديها مشاكلها الخاصة, ولا تريد أن يكون لإيران اليد الطولى في ساحتها الخلفية, التي تتحكم بنصف نفط العالم أو أكثر. كل ذلك وما تقوم به إيران من ملاعبة أمريكا, بأكثر من مكان وملف, وكيفية تعامل إيران مع مختلف الملفات, ونجاحها ولو نسبيا, في معظم تلك الملفات, واُثر إيران على ساحتنا العراقية, يدعونا لان ندرس التجربة الإيرانية وسياستها..ونتعلم منها ما يفيدنا. إيران لا تقطع شعرة معاوية مع احد, ولا تتخذ مواقف راديكالية, لا يمكنها التراجع عنها, ولديها أجنحة سياسية وتيارات مختلفة, بين صقور وحمائم, ولديها قابلية على تفكيك الملفات وتفصيلها مع أي طرف, وهي مجموعة سلطات ومراكز قوى داخل الدولة, تختلف توجهاتها ولا تتقاطع, تسوق الإسلام والتشيع, كوجه رسمي للدولة, وتحكم بطريقة واليات تكاد تكون ليبرالية!. لا تفوت فرصة للحصول على موطئ قدم في الساحة الدولية, حتى في مجاهل أفريقيا, أو غابات أمريكا الجنوبية, لا تترد إيران في حماية مصالحها القومية على حساب أي جهة, وهذا مبرر في عرف السياسية.. وللآخرين أن يحموا مصالحهم كما يشاءون, هي تتعامل مع الأقوياء ومن يثبتون أنفسهم في الساحة. ساستنا حديثو عهد بإدارة الدولة وقيادتها, معظمهم احترف العمل الجهادي المعارض, ويكاد عمرهم الزمني ينتهي, وهم لازالوا يتلمسون طريقهم, لتعلم كيف يكون احدهم رجل دولة, الا قلة من مشاريع قادة يمكن أن يكونوا نموذجا جديدا لقادة المستقبل. قيل في المثل "خذوا الحكمة من أفواه المجانين", وهي دلالة رمزية على التعلم ولو من اغرب المصادر, ولا يمكن لأحد أن ينكر أن الإيرانيين مدرسة في السياسية والقيادة..لنتعلم منهم ما يفيدنا, مصالح شعبنا وكيفية حمايتها.. ولنترك ما يهمهم لهم. تعلم السياسية والعمل بها, ليس بالضرورة يجعلنا خارج الإطار الأخلاقي, فالسياسية فن وعلم..ولنا أن نطبقه كيف نشاء..سلبا أو إيجابا.