توزيع الأموال والملابس وتمكين المواطن في الحصول على مسكن لائق ومصدر رزق ثابت يحافظ المرء من خلاله على كرامته وشخصيته وهو يعيش في أغنى بلدان العالم، هذه الأمور من حق المواطن أن يحصل عليها ولاسيما أنه لاقى الأمرين من تسلط النظام المركزي الذي جلب على البلاد والعباد الويلات والدمار والخراب، لا منة من مسؤول ولا إعطاء ولاء لحزب أو لكيان سياسي في بلد قد دخل الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة من أوسع أبوابها وهو يعيش في منطقة كانت ومازالت تعاني برمتها الإستبداد والقمع والظلم وغياب الممارسات الديمقراطية.
وفي هذا الخضم نرى ضعاف النفوس من بعض المحسوبين على الأحزاب الإسلامية والإسلام منهم براء، وبدلا من خدمة الناس بالأفعال لا بالأقوال، وبعد إحساسهم أن البساط سينسحب من تحت أقدامهم، ويحرمهم الشعب من التطاول على بيت المال وإهمالهم المدن وتركهم المواطن يواجه حظه العاثر في بيئة قد انعدمت فيها الخدمات وتعثرت فيها المشاريع وكثرت فيها المحسوبيات وكثرت فيها السرقات، في هذه الأجواء التجأ أولئك النفر الضال إلى شراء الأصوات في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة فإنها قامت ومن اجل كسب أصوات الناخبين- بتوزيع مواد غذائية وملابس وأشياء أخرى ومنهم من يقدِّم الأموال ويطلب من الناخبين أداء اليمين لانتخابه، ومنهم من أعطى وعودا لبعض المواطنين الذين اضطرتهم الظروف الصعبة للسكن في أراض متجاوز عليها بتمليكهم تلك الأرض، إن هذه الأساليب غير جائزة وقد بين العلماء وعلى رأسهم سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني (حفظه الله ورعاه) بحرمة شراء الأصوات، وان اليمين الذي يؤديه الشخص لا قيمة له وصاحبه غير ملزم به ... وان المواطن عليه أن يحكم ضميره ودينه وما تفرضه عليه مصلحة بلده ومدينته في تشخيص من هو مؤهل لعضوية مجلس المحافظة.
وعلى هؤلاء الموتورين الذين يلتجئون إلى هذه الطرق الملتوية وغير الشرعية أن يتقوا الله ويحجموا عن طرق هكذا أبواب إن كانوا إسلاميين كما يزعمون، وعليهم تقديم برامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنهض بالمستوى المعيشي للمواطن، وليكن ديدنهم الخدمة وإحقاق الحق وإبطال الباطل كما كان أمير المؤمنين وهو القائل (عليه السلام) في آخر خطبته الشقشقية: أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.( شرح نهج البلاغة ج1 ص:202. وذكرت العبارة الأخيرة في النهاية في مادة عفط، ولسان العرب في مادة عفط).
وفي كلام له (عليه السلام) مع عمه العباس في التعقيب على تعيين عمر جماعة الشورى، قال (عليه السلام): والله ما بي رغبة في السلطان، ولا حب الدنيا. ولكن لإظهار العدل، والقيام بالكتاب والسنة.( شرح نهج البلاغة ج:9 ص:51.).
ولما سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذي قار ابن عباس عن قيمة نعله التي كان يخصفها بيده، فقال: لا قيمة لها، قال (عليه السلام) : ألا والله لهي أحب إلي من إمرتكم، إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً.( نهج البلاغة ج:1 ص:80).
هكذا كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يسعى لتطبيق العدالة وإحقاق الحق، وطالما قد سعت وركعت السلطة على أبوابه وهو يرفضها إلا أن يقيم اعوجاج الحق، لا أن يسلك بعض المنتسبين إليه زورا وبهتانا الطرق الملتوية للتحكم برقاب الجماهير وإغارة بيت المال ويقومون بصرف الأموال الطائلة لأغراضهم الحزبية والشخصية وآخر من يفكرون به هو المواطن المسكين الذي سيلفظهم ويلفظ كل الخونة الذين غدروا بموكليهم ولم يجنوا منهم سوى الشعارات الفارغة والوعود المعسولة.
وما صناديق الإقتراع إلا الفاصل لكي يقول المواطن المغلوب على أمره كلمته حيال كل من باع ضميره ووجدانه وأخذ لجبر فشله في تقديم الأحسن لمواطنيه أن يؤمل الناس بأموال السحت والحرام التي سرقها من قوت الشعب ظنا منه أنه قادر على تخديرهم لأربع سنوات أخرى ولا تنطوي تلك الحيل الشيطانية على عموم الشعب الذين اكتووا بنارهم، ربما تنطوي على المغفلين والمنتفعين من تلك الأحزاب وهم قلة في عراق اليوم ولاسيما بعد خوضه عدة انتخابات في غضون الخمس سنوات المنصرمة فبات يميز الغث من السمين والطالح من الصالح وكل من غدر محافظات الوسط والجنوب ولاسيما المقدسة منها بإهمالها وعدم تطويرها وبناءها سيضرب به عرض الجدار وسيخسأ في الدنيا وسوف يكون في الآخرة من النادمين.
أقرأ ايضاً
- إعلان عن بيع حمار
- ربّما نشهدُ إعلاناتٍ عن فتحِ التقديمِ إلى جامعاتٍ خاصّةٍ بالبنات !
- المواجهة وتخليد شهداء جنين يكون بإعلان 2023 عام فلسطين فوراً