يبدو أن جهود العراق في حربه مع المخدرات والتعاطي ليست كافية، بعد أن وصل إلى مستويات غير مسبوقة رغم تدخل المرجعية الدينية للحد من انتشارها، الأمر الذي بات “كابوساً” يقلق العوائل على أبنائها وبناتها وسط عجز الأجهزة الأمنية عن القضاء عليها.
وفي هذا الإطار، كشف رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، اليوم الخميس، عن إحصائية صادمة ومهولة للمخدرات المضبوطة والمتورطين بها خلال ثلاث سنوات.
ويتضمن قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 عقوبات تصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 27 على عقوبات قاسية منها “يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من يتورط بزراعة المخدرات والصناعة والاستيراد والتصدير”، أما فيما يخص تجارة المخدرات محلياً ما بين النقل والترويج فتنطبق عليها أحكام المواد 28 من القانون والتي تتضمن “عقوبات السجن المؤبد أو المؤقت”.
إذ قال الغراوي في بيان، إن “عدد الملقى عليهم القبض في تجارة وحيازة المخدرات بلغ 43 ألف تاجر وحائز مخدرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة بينهم 150 تاجراً أجنبياً”.
وأضاف أن “المديرية العامة لشؤون المخدرات ضبطت أكثر من 28 طناً من المخدرات والمؤثرات العقلية إضافة إلى ملايين الحبوب المخدرة والمهلوسة”، مبيناً أن “نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة بلغت 17% وأعلى نسب لأعمار المتعاطين كانت من 15-30 سنة”.
وبين أن “أكثر المواد تعاطياً في العراق هي الكريستال حيث بلغت 37.3%، والكبتاغون 34.35%، والأنواع الأخرى بلغت 28.35%”.
وأشار الغراوي إلى أن “العام 2022 شهد إتلاف خمسة آلاف طن من المخدرات والمؤثرات العقلية، و54 مليون حبة مخدرة، و31 ألف أمبولة، وتسعة آلاف قنينة من المخدرات المختلفة”.
وتابع “في العام 2023 تم إتلاف كميات كبيرة من المخدرات والمؤثرات العقلية بواقع طنين و118 كيلواً 386 غراماً، بالإضافة إلى أربعة ملايين و934 ألفاً و132 قرصاً مخدراً”.
وأوضح أنه “في العام 2024 جرى إتلاف 42 مليوناً و322 ألفاً و380 كيلواً و322 غراماً و390 مليغراماً من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة، و772 قرصاً من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة”.
وطالب الغراوي الحكومة بـ”تفعيل إجراءاتها بإنشاء مصحات لتأهيل المدمنين سواء الحكومية منها أو الأهلية أو عن طريق الاستثمار وفقاً لأعلى المعايير العالمية”، داعيا البرلمان والحكومة إلى “الإسراع بتعديل قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 وأن يكون قانوناً علاجياً وقائياً رادعاً وتعديل العقوبات الواردة فيه ضد تجار المخدرات واعتبار المتعاطين مرضى بحاجة إلى الرعاية بدلاً من وصمة العار”.
وحث الغراوي الحكومة والفعاليات المجتمعية والمؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني إلى “إطلاق حملة للوقاية من خطر المخدرات، وتعزيز الجهد الاستخباراتي والأمني وملاحقة عصابات الجريمة المنظمة وتعزيز الجهود مع دول الجوار الإقليمي لمنع دخول المخدرات للعراق”.
وأعلنت السلطات العراقية، في 28 آب الماضي، القبض على أكثر من 130 تاجراً دولياً ومحلياً للمخدرات، فضلا عن ضبط (926) كيلو غراماً من مختلف المواد المخدرة.
ودعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، في 10 آب الماضي إلى اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق، مؤكدة أن موظفين وعناصر أمن يسهلون دخول المخدرات عبر المنافذ الرسمية.
يشار إلى أن أكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة الكريستال التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.
وفي أيار الماضي، كان قد أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن حكومته ستتعامل مع قضايا المخدرات على أنها “تهديد إرهابي”، مؤكدا أنها “وضعت إستراتيجية وطنية مكثفة لمكافحة المخدرات للسنوات 2023-2025 ضمن خطة موسعة نحو عراق خال من المخدرات”.
وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن في 14 كانون الأول 2023، عن تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات بحوزتهم 12 كيلوغراما من الكرستال في البصرة، مكونة من 10 أشخاص، المتهم الرئيس فيها كان يعمل على إدخال المخدرات من خارج الحدود إلى المحافظة.
ووفقا للإحصائيات الدولية، يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، إلى أن السلطات العراقية صادرت عام 2023 رقما قياسيا بلغ 24 مليون قرص كبتاغون تقدر قيمتها بين 84 مليون دولار و144 مليونا، مضيفا أن مضبوطات هذه المادة زادت بنحو ثلاثة أضعاف بين سنتي 2022 و2023.
وتعد المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، لاسيما أن تجارتها توسعت بشكل خطير في الفترة الأخيرة، فيما توجد تحركات نيابية لتعديل قانون المخدرات، حيث سيتضمن القانون الجديد إجراءات مهمة على مستويات مختلفة تسعى لتشديد العقوبات على المتاجرين، وتعزيز البرامج العلاجية للمدمنين، إضافة لتحويله صفة المتعاطي من “مجرم” إلى “مريض” لأول مرة في تاريخ العراق.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.
ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.
أقرأ ايضاً
- استشهاد 42 شخصا في أحد أعنف "الاعتداءات الطائفية" في باكستان
- عمليات بغداد: المناطق التي تنتهي فيها عملية التعداد السكاني سيرفع عنها الحظر
- تفكيك شبكة "خاصة" لتجارة وترويج المخدرات جنوبي العراق