منذ إعلان وزارة النفط، اعتماد نظام الدفع الإلكتروني في جميع محطات الوقود بدءا من العام الحالي، ما يزال تطبيق القرار يتأرجح بين الرفض والتأييد من قبل العديد من المواطنين في مدينة السماوة مركز محافظة المثنى، لا سيما اصحاب سيارات الأجرة والكسبة، لأسباب عديدة أبرزها انعدام الثقة بالنظام المصرف وغياب الثقافة الإلكترونية، بحسب مواطنين، الذين تخوفوا من أن يتحول الأمر إلى إلزامي، وهو ما لم تنفه شركة توزيع المنتجات النفطية.
ويقول محمد علي (37 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة، إن هناك تخوف لدى المواطنين، وأنا منهم، من استخدام البطاقة المصرفية، حيث نتوقع استقطاع مبالغ أكبر من قيمة البنزين عند إدخال البطاقة لجهاز السحب، فأغلب العاملين في محطات الوقود لا يجيدون التعامل مع أجهزة الدفع الإلكتروني، ولا بد من إدخالهم دورات على هذه الأجهزة.
ويضيف علي، أن هذا الأمر، تسبب بظهور نوع جديد من التجار، الذين يسحبون البنزين من محطات الوقود بطرق عديدة، ويبعيوه في الطرقات إلى الأشخاص الذين لا يمتلكون بطاقات مصرفية أو يتخوفون من استخدامها.
ويتابع أن هذا القرار ينم عن تطور البلد ورقيه على غرار البلدان الاخرى، ونحن داعمون له، لكن يجب تثقيف المواطنين وتوفير البطاقات المصرفية بشكل مجاني، وليس دفع 10 دولارات مقابل الحصول على البطاقة.
وفي وقت سابق، أعلنت شركة توزيع المنتجات النفطية في المثنى، أن جميع محطات الوقود بالمحافظة مزودة بأجهزة الدفع الالكتروني، في خطوة للتحول من التعامل الورقي إلى التعامل الرقمي، إضافة إلى توزيع البطاقات المصرفية للمواطنين مجانا من المصارف، باعتماد آليات ووسائل حديثة، من أجل توسيع رقعة ثقافة التعامل الإلكتروني ومواكبة الدول المتطورة.
يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي مهمل من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي فأن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم.
يذكر أن تجربة الدفع الإلكتروني بدأت في محطات الوقود، وجرى تزويدها بالأجهزة اللازمة، بعد أن حدد البنك المركزي العمولة المستحصلة، خاصة إذا كان الدفع والاستلام بين مصارف مختلفة، وهذا منذ منتصف العام الماضي.
من جانبه، يؤكد مسؤول الإعلام في شركة المنتجات النفطية في المثنى، رعد حسوني، أنه تم تنفيذ نظام الدفع الإلكتروني في جميع محطات المثنى الحكومية والأهلية، إذ تم تنصيب أكثر من 150 جهاز موزعة بين 7 محطات حكومية و17 محطة أهلية مشيدة، وتم المباشرة بهذا المشروع مطلع العام الحالي.
ويتابع أن هذا المشروع يشمل جميع المنتجات النفطية، مثل أصحاب المولدات الأهلية وجميع المضخات الزراعية، فبإمكانهم الحصول على حصصهم من مادة البنزين عن طريق البطاقة المصرفية، بعيدا عن الطرق التقليدية المتمثلة بـ(الكابون)، بعد تجهيزهم بهويات خاصة لكل صاحب مولد ومضخة زراعية لاستلام المنتوج كل شهر.
ويوضح حسوني، وقد وصل عدد البطاقات الموزعة إلى 301 بطاقة لأهل المولدات، و15 بطاقة نفط أبيض من اصل 30 وكيل، وهناك 61 بطاقة خاصة لوكلاء الغاز من إجمالي 246.
وبشأن كيفية استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني وطريقة التعامل معها، يبين حسوني: عملت الشركة العالمية الخاصة بتنفيذ هذا المشروع على وضع منافذ خاصة في جميع محطات الوقود الحكومية بالمحافظة، لذلك أصبح بإمكان اصحاب سيارات الأجرة الدخول إلى المحطة والتعامل مع الموظف الموجود داخل هذه المنافذ ويقوم بتعبئة البطاقة بالمبلغ الذي يريده مهما كان بسيط.
ويستطرد لم تصل أي توجيهات من قبل وزارة النفط بشأن فرض عقوبات على الذين لا يستخدمون البطاقات الإلكترونية، لكنها ستكون إلزامية على الفرد في منتصف العام الحالي بحسب تقديراتنا، وهذا الأمر يشمل المرور والداخلية والدفاع والصحة وليس النفط فقط.
وعلى الرغم من أن بعض المصارف في العراق تصدر بطاقات ائتمانية، إلا أن استخدامها بقي في نطاق محدود، كتسلم حوالات خارجية على سبيل المثال، وعادة ما تكون أجهزة الصراف الآلي قرب فروع البنك فقط، ولا تنتشر في أغلب الأسواق المحلية، ما دفع المواطنين إلى الاعتماد على البطاقات المعبأة مسبقا لاستخدامها في مواقع الإنترنت، كدفع مستحقات أو الشراء.
ويضم العراق، بحسب آخر إحصاء منشور في موقع البنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، منها 62 محليا و18 مصرفا عبارة عن فروع لمصارف أجنبية.
إلى ذلك، يرى أبو عقيل (57 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة في المحافظة، أن هذا القرار مستعجل ولم يخضع للدراسة، خصوصا وأن الأرضية غير مهيئة للتعامل الإلكتروني بالعراق، وليس بمستوى يتيح التحوّل من النقد إلى الدفع الإلكتروني، فضلا عن عدم امتلاك المواطنين لبطاقات الماستر كارت، التي تتيح لنا التعامل مع الجباية الالكترونية بشكل جيد، لا سيما وأننا من غير الموظفين.
ويلفت إلى أن هذا القرار لو طبق بشكل إلزامي، سيضيف علينا أعباء مادية، نحن في غنى عنها مثل كلفة إصدار البطاقة وإجبار المواطن على تعبئة البطاقة بمبلغ معين قد لا يستطيع المواطن توفيره مما سيؤثر هذا الأمر بشكل سلبي على المواطن، وينعش من جانب آخر السوق السوداء للوقود.
يشار إلى أن مدير الشركة العامة للمنتجات النفطية، حسين طالب، أعلن مؤخرا، عن عدم صدور أي توجيهات بإيقاف التعامل مع الدفع الكاش بمحطات الوقود، مضيفا أن نسبة الإقبال على تفعيل الدفع الالكتروني في محطات تعبئة الوقود تصل بين 30 – 35 بالمئة في الوقت الحالي.
وكان مجلس الوزراء، صوت أواخر العام الماضي، على حزمة من الإجراءات التنفيذية تخصّ الدفع الإلكتروني ونقاط البيع الإلكترونية POS، وتضمنت إيداع المكافآت والحوافز والأرباح السنوية وأجور الساعات الإضافية الممنوحة للموظفين والمكلفين بخدمة عامة، بنسبة لا تقل عن 20 منها في حساباتهم المصرفية، على أن يتم استخدامها للدفع الإلكتروني حصراً وعدم جواز سحبها نقدا، بالإضافة إلى إلزام المصارف وشركات الدفع الإلكتروني بتوفير تطبيق إلكتروني (مجاني) على الهاتف النقال، يتيح للزبائن الدفع بواسطة الهاتف والاستعلام عن أرصدتهم وتعاملاتهم المالية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟