بالتزامن مع تأكيد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على تعزيز التعاون مع حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ازدادت الترجيحات حول اتخاذ بغداد هذه القوات، بدلا عن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بعد انسحابه من العراق، وهو ما أكده خبراء أمنيون، مشيرين إلى أن هذه الترتيبات تجري منذ أكثر من عام، فيما تحدث مراقب عن أن هذه الخطوة هي فكرة أمريكية، لوجود “مقبولية” للناتو في العراق.
وكان رئيس الوزراء أكد، أمس الأربعاء، رغبة بغداد في تعزيز مجالات التدريب والمشورة بالاشتراك بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) مع القوات المسلحة العراقية، وأفاد خلال استقباله قائد بعثة الحلف في العراق الفريق لوكاس شخويرس، بأن العراق يرغب في الانتقال إلى التعاون الثنائي مع دول الحلف التي اشتركت في التحالف الدولي.
ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، إن “هناك أوليات وأساسيات قبل لقاء السوداني برئيس بعثة الناتو في العراق، فمنذ أكثر من عام كانت هناك ترتيبات لحلف الناتو ليحل محل قوات التحالف الدولي، وكان هناك توافق واضح بين الحكومة العراقية وحلف الناتو”.
ويضيف أبو رغيف، أن “حلف الناتو قدم الكثير على الصعيدين الأمني والمدني، وفيما يخص الشق المدني وعلى مستوى الخدمات الوزارية سبق للحلف أن جهز بعض الوزارات بتجهيزات تقنية من أجل دعم العراق مدنيا وصناعيا”.
وبشأن الشق الأمني، يشير إلى أن “هناك دورا تسلسليا في التعاون، يتعلق بإجراء دورات انخرطت فيها القوات والأجهزة الأمنية تحت رعاية حلف الناتو وعمليات تسليح وتطوير وتدريب من أجل رفع قدرة رجل الأمن العراقي”.
كما يعتقد أن هناك “تنسيقا يجري بين الجانب العراقي والناتو لغرض ملء ما ستتركه قوات التحالف الدولي من فراغ بعد رحيلها في أيلول 2026″، لافتا إلى أن “هذه الترتيبات سيتم الاتفاق عليها لاحقا من خلال لجنة برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي مع فريق أمني حرفي، وستعقد جولات من المباحثات في هذا الشأن”.
وأجمع ضباط ومسؤولون في تشكيلات أمنية وعسكرية مختلفة، في وقت سابق، على الدور المهم الذي لعبه حلف الناتو في تدريب وتأهيل القوات العراقية، فيما استبعد هؤلاء لجوء بغداد إلى قوات بديلة عن الأمريكية أو الناتو، كما أشاروا إلى أن قوات الحلف لا تثير استفزاز فصائل مسلحة مثلما يثيرها الوجود الأمريكي.
يشار إلى أن حلف شمال الأطلسي، أعلن سابقا، عن زيادة تعداد أفراد بعثته في العراق بثمانية أضعاف، إذ قال أمينه العام ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي، إن “القرار يقضي بزيادة عدد أفراد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق من 500 حتى أربعة آلاف شخص“، لكن هذا الإعلان نفاه العراق في حينها بشكل رسمي.
من جهته، يعلق مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، بأن “منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) هي منظمة عسكرية تأسست بعد الحرب العالمية الثانية لضمان الأمن الأوروبي باعتباره جزءا من أمن الولايات المتحدة بمواجهة الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، ثم بعد نهاية الاتحاد السوفيتي أصبحت وظيفة حلف الناتو موضوع الطاقة وأمنه”.
ويرى فيصل، أن “وجود حلف الناتو في العراق يأتي في إطار اتفاقية منفردة ليست لها علاقة باتفاقية الإطار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن ولا ترتبط أيضا بدعوة العراق للتحالف الدولي للحرب على الإرهاب”، مؤكدا أن “هذه الاتفاقية أوجدت عددا من الجنود والضباط الذين تشير بعض التقديرات إلى أن عددهم بنحو ألفين إلى ثلاثة آلاف جندي وضابط، ويعملون في مجال التدريب وتطوير القوات العراقية على اختلاف اختصاصاتها”.
ويعتقد أن “استمرار حلف الناتو سيمكن القوات المسلحة العراقية من الحصول على فرص للتطور والتقدم في مجال القدرات العسكرية وأمن الطاقة وغيرها، لذلك بقاء هذا الحلف غير مرهون ببقاء التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب أو موضوع بقاء قوات الولايات المتحدة”.
وعن إمكانية استبدال الناتو بالتحالف الدولي، يقول “كانت هذه الفكرة لدى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في ولايته عندما سحب القوات الأمريكية، إذ فكر في أن يحل محلها قوات لحلف شمال الأطلسي، لأنها قد تكون أكثر مقبولية لدى الرأي العام والفصائل المسلحة”.
وتوصّلت بغداد وواشنطن الشهر الماضي إلى اتفاق حول انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، وذلك وفق خطة يجري تنفيذها على مراحل خلال العامين المقبلين.
وكانت ألمانيا، وهي إحدى الدول الأعضاء لحلف الناتو، قد أعلنت تمديد تفويض مهمة الجيش الألماني كجزء من مهمة الناتو في العراق والتحالف الدولي ضد داعش حتى كانون الثاني 2026.
من جهته، يعلق الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، بأن “قوات حلف الناتو هي قوات قتالية، وكانت هناك عملية عسكرية منذ وقت قريب في محافظة صلاح الدين بمشاركة قوات فرنسية وجهاز مكافحة الإرهاب أدت إلى جرح اثنين فرنسيين، معظم العناصر الموجودة ضمن حلف الناتو هي عناصر قتالية بعيدا عن الاستشارات والتدريب”.
ويضيف الكناني، أن “أحدا لا يتمنى وجود أي قوات على الأراضي العراقية سواء أمريكية أو تحالف دولي أو قوات حلف الناتو، لكن إن بقيت قوات ساندة لا بأس شريطة أن تحدد بواجبات معينة وتحكمها القيادة العامة العراقية لا العمليات المشتركة، مع وجود ضباط أكفاء غير تابعين للأحزاب”.
ويشير العميد المتقاعد إلى أن “فكرة العمليات المشتركة فشلت لأن هناك قطعا وتوترا وعدم انسجام بين مكوناتها، لكن هناك من يريد وجود الأمريكان كقوات البيشمركة مثلا التي ترى في وجودهم دعما لها”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟