عشية اليوم الدولي للقضاء على الفقر، الذي يصادف غدا الخميس، ما تزال أوضاع الفقراء بعيدة عن التحسن على الرغم من التوسع في برامج الرعاية الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة خلال الأعوام الأخيرة، في ظل تباين واضح بأرقام نسب الفقر بعموم العراق، بحسب ناشطين.
يشار إلى أن دول العالم تحتفل سنويا في يوم 17 تشرين الأول من كل عام بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر.
ويقول علاء حميد (44 عاما) وهو ناشط متطوع في المبادرات الإنسانية بمحافظة بابل، إن "من يتعمق في مجال نسب الفقر سوف يستغرب من النسبة الحقيقية للفقر".
ويضيف حميد، أن "الكثير منهم ما زالوا بلا مأوى، إذ نزور في حملاتنا خرائب وعشوائيات لا تصلح حتى كحظائر للحيوانات، بعيدا عن المأكل والملبس".
ويشير الناشط الذي يجول في نواح وأقضية من محافظة بابل، إلى أن "الحملات الإنسانية غير كافية، فالقضاء على الفقر يحتاج إلى جهد حكومي كبير، لأن الأمر يتعلق بالصحة والتعليم والغذاء، وما نوفره في الحملات لا يسد سوى رمق الجوع لبعض الأسر، لكننا نعتذر عن الحالات الصحية، فالتبرعات التي نجمعها لا تكفي سوى لبعض الخضر والأرزاق الجافة".
ويتابع أن "رواتب الرعاية الاجتماعية لا تكفي مع ارتفاع الأسعار، وأحيانا تتسبب الرواتب في غلاء الأسعار، ناهيك عن أن هذه المبالغ الزهيدة دائما ما يستغلها المتعففون في مراجعة العيادات الخاصة للأطباء، لأن القطاع الصحي الحكومي متدهور أيضا".
وتفيد البيانات الرسمية بأن قرابة ثلاثة ملايين عراقي يتلقون منحا مالية شهرية من الحكومة، وهم من أصل تسعة ملايين يستحقون المساعدة، ولا تستطيع الحكومة تقديمها لجميعهم بسبب ضعف المخصصات.
وكان وزير العمل أحمد الأسدي قد أعلن في تموز 2023 أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة رفعت مستوى العراق 20 درجة في تسلسل درجات الفقر الدولية، وفق منظمة الأمم المتحدة"، ولفت إلى أن "العراق كان يحتل المرتبة الـ86 ووصل الآن إلى المرتبة الـ66"، مؤكدا الاستمرار "حتى يصل العراق إلى مراحل متقدمة".
لكن الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، يرى، أن "نسبة الفقر في العراق في اتساع وثمة تقارير تشير إلى اقتراب معدلات الفقر إلى 30 بالمئة".
ويضيف الهاشمي، أن "الفقر في العراق تحول إلى أزمة مركبة ذات تعقيدات متشعبة نتيجة أخطاء في إدارة النظام الاقتصادي والاجتماعي العراقي وإخفاقات في إدارة ثروات البلاد والتي أدت إلى تضخم حالة الفقر وحولتها من حالة إلى أزمة تتطلب حزمة من الحلول على المستوى الوطني".
ويتابع الخبير الاقتصادي، أن "المعالجات والإعانات المالية لا تكفي لمعالجة الأزمة، إنما تتطلب إعادة تأهيل شريحة واسعة من الطبقة الفقيرة وتحويلها من طبقة مستهلكة إلى طبقة مجتمعية منتجة، وهذا يتطلب من الحكومة دعم قطاعات اقتصادية ذات نشاطات إنتاجية وخدمية جاذبة للعمالة ولاسيما القطاع الخاص، ومن دون ذلك فالأرقام ستكون مرشحة للارتفاع مما سيشكل خللا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا".
وأعلن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في أيلول الماضي، عن انتشال 12 مليون فرد من حافة الفقر عبر الإعانات النقدية والسلات الغذائية.
وبحسب توقعات أطلقتها وزارة التخطيط، فإن نسبة الفقر في البلاد ارتفعت إلى 25 في المئة، بزيادة نحو ثلاثة في المئة، وذلك عن إحصائية أطلقتها الوزارة عام 2019، بينما تحدثت إحصاءات أخرى لوزارة التخطيط عن أن إجمالي سكان العراق بلغ 42 مليون نسمة خلال عام 2022، وإن في البلاد أكثر من 10 ملايين فقير.
وفي مطلع عام 2022، قال وزير التخطيط السابق، خالد بتال النجم، إن "تداعيات فيروس (كورونا)، تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي أعداد الفقراء، وإن عدد الفقراء بموجب هذا الارتفاع، بلغ 11 مليونا و400 ألف فرد، بعدما كان قبل الأزمة نحو 10 ملايين فرد، كما أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 31.7 في المائة، التي كانت 20 في المائة في عام 2018".
من جهته، يشير المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، إلى أن "وزارة التخطيط ومن خلال هيئة الإحصاء والمعلومات الجغرافية بدأت منذ العام الماضي 2023 بتنفيذ المسح الاقتصادي للأسرة وانتهى المسح منذ فترة قريبة، ونحن الآن في طور استخراج النتائج وتحليلها لمعرفة نسبة الفقر الدقيقة في البلاد وأي المحافظات أكثر وأيها أقل".
ويضيف الهنداوي، أن "التعداد السكاني المنتظر إجراؤه الشهر المقبل سيسهم بشكل واضح ودقيق في تحديد نسبة الرفاهية والفقر في البلاد، وستكون هذه الأرقام مهمة في رسم السياسات الاستراتيجية مستقبلا لمكافحة الفقر في العراق".
ويشير إلى أن "العراق يعمل الآن على إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر لخمس سنوات مقبلة، وهذه بالتأكيد ستأخذ بالنتائج التي سيفرزها التعداد السكاني وسنضع سياسات لمكافحة الفقر مختلفة الأبعاد تتعلق بالدخل والسكن والصحة والتعليم".
وكانت وزارة التخطيط كشفت في تموز الماضي عن اتخاذ حزم من الإجراءات للتخفيف من معدلات الفقر والبطالة في العراق، مبينة أنَّ السياسات الحكوميَّة أفضت إلى تراجع نسب الفقر لحدود 21.5 بالمئة وفقا للمسح الذي تم إجراؤه في النصف الثاني من العام الحالي.
وطالب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، الحكومة بالعمل جديا على تقليل نسب الفقر والبطالة من خلال وضع خطة استراتيجية لخمس سنوات مقبلة، كاشفا عن وجود أكثر من "10 ملايين" عراقي يعيشون "تحت خط الفقر"، لافتاً إلى "خلو" موازنة العام 2024 من دعم هذه الفئات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟