بقلم: أياد السماوي
تداولت وسائل الإعلام المحلّية وثيقة مسرّبة صادرة من هيأة النزاهة ومعنونة إلى مكتب رئيس الوزراء , تحمل الرقم 8848 في 31 / كانون الأول / 2019 .. الوثيقة تتحدّث عن مجموع الأضرار الناتجة عن كميّات النفط التي تصرّف بها إقليم كردستان ( إقليم شمال العراق ) ولم تسدّد مبالغها إلى الحكومة الاتحادية وهي 128 مليار و 625 مليون دولار .. ولم تتطرّق الوثيقة إلى مبالغ الرسوم والضرائب وإيرادات المنافذ الحدودية والمطارات والتي يجب أن تسلّم هي الأخرى إلى خزينة الدولة الاتحادية .. وإذا ما أضفنا هذه المبالغ إلى مجموع المبالغ المترّتبة بذمة حكومة الإقليم عن تصديرها للنفط , فإنّ مجموع الأضرار سيتجاوز المئتي مليار دولار .. السؤال الذي يدور في ذهن المراقب السياسي المستقل هو أين ذهبت هذه الأموال وفي أي حساب أودعت , وكيف سيتم إرجاعها إلى خزينة الدولة ؟ ومن هو المسؤول عن ضياع هذه الاموال ؟ .. وماذا سيقول سماحة السيد عمار الحكيم الذي يرفض القبول بأي حكومة لا يشارك بها حزب مسعود بارزاني ؟ ولماذا صمت الجميع كصمت سكان القبور عن هذا النهب للمال العام ؟ .. والحقيقة التي يجب أن يطلّع عليها الرأي العام العراقي عربا وأكرادا , أنّ لا أحد يعرف مصير هذه الاموال وأين ذهبت بما في ذلك برلمان إقليم شمال العراق .. وهذه بحدّ ذاتها قصّة تكشف مأساة العراقيين عربا وأكرادا في ظل النظام ( الديمقراطي ) الجديد الذي أعقب سقوط الديكتاتورية.
الوثيقة المتسرّبة لا تحمل إدانة للحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط الديكتاتورية فحسب , بل هي إدانة للبناء الفوقي للدولة بأسره من قضاء إلى برلمان إلى مؤسسات رقابية إلى الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة إلى وسائل الإعلام , بل وحتى الكتّاب الذين يعرفون هذه الحقيقة ودّسوا برؤوسهم في الرمال كالنّعام حفاضا على مصالحهم الشخصية.
ويتحمّل بالدرجة الأولى رؤوساء الوزراء الذين تعاقبوا على حكم العراق ابتداء من أياد علاوي وانتهاء بعادل عبد المهدي مسؤولية ضياع أموال الشعب العراقي .. فجميع هؤلاء الرؤوساء قد فرّطوا بالمال العام العراقي ويجب أن يقدّموا إلى القضاء بتهمة التفريط بالمال العام العراقي .. كما ويتحمّل القضاء العراقي والهيئات الرقابية الحكومية والبرلمانية المسؤولية أيضا عن ضياع أموال الشعب.
والحقيقة المؤلمة الثانية التي يجب أن يطّلع عليها الرأي العام العراقي , أنّ هذه الأموال قد ضاعت ولا يمكن استرجاعها مطلقا , لأنّها ببساطة قد تحوّلت إلى أرصدة شخصية في البنوك العالمية لمسعود وأبنائه وابناء أخوته وعشيرته .. والمطالبة بها نوع من العبث وضياع للوقت والجهد , وينطبق عليها المثل الشعبي ( تقبض من دبش ) .. وإن كان هنالك ثمة بقايا لشرف أو ضمير أو شعور بالمسؤولية عند أصحاب الأمر , فعليهم إيقاف سرقة أموال العراقيين.
ومن يقول من الساسة لا أشارك في حكومة ليس فيها حزب مسعود , فأقول له .. اذهب إلى الجحيم أنت ومن جاء بك لأنّك مجرم وشريك في سرقة أموال شعبك . ويجب أن تحاكم قبل غيرك.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً