حسن كاظم الفتال
سيدي أبا عبد الله الحسين .. يا سيد الجهاد ..يا سيد الجراح.. يا سيد الشهداء صلى الله عليك .
سلاما إليك بعدد رفيف أجنحة الملائكة الغادية والرائحة إلى ضريحك والمحدقة فيه .
يا وحيا أزليا سرمديا استخلص الكونُ بهاءَه من ضميرك الوضاء القادح زنده فيوضات لتنضح ببركات لا غايَةَ لِعَدَدِها وَلا نِهايَةَ لِمَدَدِها ولا نَفادَ لِأَمَدِها .
سيدي ..حين لَوَّحت الدياجير متوعدة الزمن بأنها ستداهمه وتهوِّم عليه وتغشيه بالظلمة إنهمرت وهدرت من سفر حقب الزمن مناجات وتهجدات راجيا أن يتطلسم بانبعاث وهج ليحترس ويتحصن الزمن من العتمة. فتبلج فيك نور الله جل وعلا ليصوغك إشراقة بهية بهيجة تعفو كل ظلمة وعتمة فيتلألأ السِفر بنصاعة ازدهارها . ويتباهى بالتماع بهائها كل من في الكون جميعا وينداح في الكون الإنشراح وتتسع رقعة الابتهاج حتى يتقاسمَ سطوعَها أهلُ السماوات الأرض .
سيدي أبا عبد الله ..الجهاد بكل عظمة كينونته وهيبته وجلاله ووقاره وسموه وارتقائه ساقته الرغبة واشتعل فيه التوق لأن تكون أميرَه فيرافقك وتحالفه ليشمخ بمرافقتك فخورا محبورا فيك . لذا قد آل على جوهره ومغزاه وفحواه في أن ينصهر وينساب فيك غايةَ الانسياب بل ود أن يتوئمَك ليحظى بمرتبة الشرف الرفيع ولاحق روحك في طف كربلاء ليمتزج بالنبضِ فينهلَ من حياض جودك المترع ِبالجلالة التي فاضت من مناهل عزمك المبجل فدَوَّن الجهاد بقيده البكر موعدا للإلتقاء لتتعانقا وراح يرسم صورة عناقه بموجات الأثير على أفق الوفاء والإباء والتضحية بأجَلِّ وأنفسِ القرابين ( الجود بالنفس أسمى غايةِ الجود ) فكنت القربان . وكنت الجود وكنت الجهاد وكنت الجلال وكنت أنفسَ وأجل وأكرم وأزكى وأعظم قربان وهبته السماء نذرا لصون مسار شريعتها ولتفخر باحتوائه الأرض إذ هو طيَّب ثراها بعطره وقدسه.
وحين تشابكت السيوف وترادفت بنثار التماعها وتداخل بِكرُها بالمشيخ وترامى صدى صليلِها ورنينُ إلتوائِها فانثال عزف ملكوتي صاغت انهماراتُه أذانا شجيا تهجأته العقيدة بثباتها وعزها وكرامتها .
وأنشأت محرابا ملكوتيا إتكأ على سبع وسبعين ركيزة وقوامة طرزته بزركشة عبيطة قانية زاكية
حينئذٍ تحتم على كربلاء أن تؤدي نافلة الشكر لنيلها مرتبةَ الشرف التي انفردت به فانبرت تسبغ وضوأها بسلسال نزيف طاهر زكي إنثال من مصحف ذُبِحَ كي ينزف نورا وآيات بينات كريمات .
من المصحف النور ومن النحر الآيات
آيات مبجلات طاهرات صارت ترتلها حبات رمل الغاضرية بانبثاق إشعاعاتها.
وحين أيقنت الشموس والنجوم والأقمار والنيازك وكل الأبراج السماوية أن هذا النور مصدرُها راحت تشرئب له لعلها تحظى بتلامسه المبجل وتستقي منه تلألؤاً تنثره على كل بقاع الأحرار ليستنيروا بجلالته ويحتشد في الصدور والضمائر ويظلُ توهجُه يدور بين غادٍ ورائح بين السماء والأرض تتلاقفه سماء الحرية حين يعرج وتحتضنه أرض الكرامة والإباء حين ينثالُ عليها ليكون لها ومنها مورد شفاءٍ لكل علة تداهم النفوس .وتُنشئ سبيلا قويما سليما يهدي إلى الصراط المستقيم ومنه إلى أعالي غرف الجنان
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً