- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تضامنوا مع معاناة شعبكم حتى وإن كان نفاقاً !
بقلم: أياد السماوي
واجه العالم على مرّ التاريخ العديد من الأمراض والأوبئة الفتّاكة , وحصدت تلك الأوبئة أرواح مئات الملايين من البشر , وتسببت في تغييرات ديموغرافية واجتماعية واقتصادية شملت العالم بأسره .. وفي كلّ الأوبئة والجوائح التي اجتاحت العالم هنالك عاملان أساسيان في التعامل مع هذه الاوبئة , هما عزل المصابين وعزل المناطق التي يتّفشّى بها الوباء .. وهذه ليست المرّة الأولى التي يشهد بها العالم تفّشي مثل هذا الوباء .. وفي مثل هذه الظروف التي تمرّ بها المجتمعات تقلّ الفجوّة بين الفرد والمجتمع , حيث يرتبط مصير الفرد بمصير المجتمع ويظهر نوع من الشعور الجمعي والتضامن بين أعضاء المجتمع الذي يعاني من تهديد واحد .. فحرية الفرد في مثل هذه الظروف تصبح مقيدّة بالضوابط والقوانين والتعليمات الاستثنائية التي تصدّرها الجهات الرسمية المعنيّة بمواجهة الوباء .. ومخالفة هذه التعليمات والضوابط من قبل قادة المجتمع من رجال السياسة وعلماء الدين وشيوخ العشائر ستترّتب عليه آثارا سلبية مضاعفة وسيكون سببا مباشرا لانتشار الوباء بين الناس.
حفلة الرقص ( الجوبي ) التي أقامها السيد أحمد الجبوري أبو مازن في صلاح الدين قبل بضعة أيام وحضرها وزير الصناعة وعدد من النواب , اثارت مشاعر عامة أبناء الشعب الشعب العراقي , ليس لأنّها مخالفة لضوابط الحظر ومنع التجوّل فحسب , بل أنّ إقامة مثل هذه الحفلات العلنية وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد , تعدّ تحدّيا صارخا لمشاعر ومعاناة الناس الفقراء الذين أصبحوا يعتاشون على المساعدات التي يقدّمها الميسورين من الناس وأهل الخير .. والتضامن والتكافل الاجتماعي الذي يتطلّبه المجتمع في مثل هذه الظروف , يوجب على قادة المجتمع أن يكونوا القدوة الحسنة والمثل الأعلى في التواد والتراحم ونكران الذات , بل التضحية من أجل البلد والمجتمع .. المئات من الأطباء والعاملين في المجال الصحي فقدوا حياتهم بسبب تعاطيهم المباشر مع المصابين بهذا المرض .. طبيبة عراقية شابة في ريعان شبابها فقدت حياتها في النرويج بعد إصابتها بالمرض .. صور عن شباب العراق وشاباته يتسابقون على تقديم العون والمساعدة إلى العوائل المحتاجة متحدّين خطر الإصابة بالمرض.. ألا تهزّ هذه الأخبار والصور المشرّفة وجدان وضمائر من حضر حفلة الرقص ( الجوبي ) التي أقامها السيد أبو مازن الجبوري ؟
لا أحد يريد منكم التضامن مع شعبكم في هذا الظرف الحرج وتمدّوا له يد العون والمساعدة .. فقط ما نريده منكم أن تحترموا مشاعر الناس الفقراء في هذه المحنة التي يمرّ بها البلد .. كونوا شرفاء لمرّة واحدة في حياتكم واظهروا روح التضامن مع معاناة شعبكم حتى وإن كان ذلك نفاقا ودجلا.