القاسم بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) السيد الذي شاءت مقدرة الباري أن يكون مثواه الأخير في منطقة (سورى) التي تبعد عن الحلة حوالي 37 كم جنوبا ويعتبر موقع المدينة إستراتيجيا لكونها تقع على الطريق الذي يربط الجنوب بمحافظة كربلاء المقدسة؛ لذلك فهو يكتظ بالزائرين فترة الزيارة الأربعينية، وسميت المنطقة التي دفن بها بناحية القاسم نسبة اليه، ولها دورا كبيرا حيث تعتبر محطة استراحة رئيسية لجميع المواكب القادمة من جنوب العراق باتجاه الحسين (عليه السلام)..
ويقول الشيخ أحمد جبار أحد خدمة مزار القاسم (عليه السلام) لمراسل موقع نون : \"لمّا استُشهد الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه في سجن هارون العباسي توارى القاسم عن الأعداء واختفى في ناحيةٍ من مدينة الحِلّة، فعاش عاملا على سقاية أهل المنطقة متخفّياً متنكّراً لا يُعرَف نسبه، حتّى أباح بتعريف نفسهِ عند احتضاره ليُعرَف نسب ابنته «فاطمة» فتُؤخَذ إلى بيت جدّتها في المدينة المنورة\"، مشيرا الى أمه تُكنّى \" بأمَّ البنين وإن القاسم هو أخو الإمام عليّ الرضا (عليهما السلام) أباً وأمّاً، فيقتضي أن تكون أمّه هي (تُكْتَم) رضوان الله عليها، فهو سيّد جليل القَدْر من سلالةٍ هي أشرف سلالات الخَلق، وخيرُ العِباد وأزكاهم\"..
وبيّن جبار، إن \" قبره الشريف يقع في مزارٍ يتباهى بضمِ جثمانه الطاهر، على الطريق الرابط بين محافظتي الحلّة والديوانية، وهو مزار متبرك به، يقصده الناس للزيارة وطلب البركة وهو اليوم مزارا يشمخ في ناحيةٍ عامرة تُسمى باسمه (ناحية القاسم)، ومشهده هذا قديم البناء، تَداعى وطرأت عليه عمارات آخِرُها العمارة القائمة اليوم، ويُعهَد تاريخ بنائها إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري..
[img]pictures/2010/11_10/more1289639331_1.jpg[/img][br]
فيما قال أمين خاص المزار الشيخ (عباس الخاقاني) لموقع نون إنه \"في مراحل متأخرة قام أهالي المنطقة التي كانت تسمى آنذاك (سورى) قاموا ببناء طارمة من اللبن (الطين) لإيواء الزائرين، وبعد توسع المدينة وتحديداً في العقد الثالث من القرن (العشرين) قام أهالي المدينة وخدام المرقد بإزالة البناء القديم المتكون من اللبن وخشب التوث حيث شيدوا بناءً جديدا وقبة اكبر، وكان ذلك من جيوبات أهالي المنطقة والعشائر المجاورة\"، لافتا إن \"في عامِ 1963 حصلت نقلة نوعية في تطوير المرقد الشريف من خلال تنفيذ المأذنة الأولى التي استمر العمل فيها لثلاثة أعوام حيث تبرع بها أهالي مدينة كربلاء، بعدها قام أهالي ناحية القاسم بالتبرع لأجل إنشاء المأذنة الثانية في 1967 تحت سقف زمني قاربَ على الثلاث سنوات، وفي عام 1979 وصل الشباك الى المرقد المطهر ومن أهم معالمه ما نقش عليه من قصيدة للسيد أياد جمال الدين الهاشمي بحق سيدنا القاسم ومطلعها:
إن رُمتَ أن تحيى وعيشك ناعم فأقصد ضريحا حل فيه القاسم
فيه تحل المشـــكلات وقبره كالبيت في زواره متزاحــم
وتابع الخاقاني، إنه \"في سنة 1995 تم إزالةِ كافة منشات المرقد باستثناء المأذنتين ومما تجدر الإشارة إليه إن محيط المأذنة الخارجي 6.80م وسمك بناءها 24 سم وارتفاعها 26.5 م الجزء العلوي منها تم اكساءه بالكاشي المذهب لآخر سبعة أمتار نحو الأعلى، أما القبة الذهبية فيصل ارتفاعها الى 25 مترا وقطرها 12.5 مترا وهي مكسية من الداخل بالزجاج والمرايا بشكل جميل تنعكس فيه الإنارة والأضواء، بينما المساحة الإجمالية للحضرة الداخلية والسور الخارجي 4600م2 ومساحة الحضرة فقط تقارب 900م2 يتوسطها الضريح الشريف\"، مبينا إن \"البناء القائم للمرقد يقع على منطقة مرتفعة عما يجاورها من ارض حيث إن منسوب أرضية الصحن الحالية أعلى من المنطقة المجاورة باتجاه شمال المرقد بأكثر من متر ومن الجهة الجنوبية منسوب أرضية الصحن مساوية تقريبا للشوارع المجاورة\" مشيرا الى إن العمارة الحالية شيدت بإشراف الأمانة الخاصة للمزار ومشاركة المواطنين من خارج المدينة عام 2003من الميلاد\"..
ومما أكد عليه الشيخ الخاقاني هو أهمية المرقد بالنسبة للمنطقة فقال: \"يتجاوز عدد سكان الناحية 170000 نسمة ومن هذا يتبين لنا ثقل الزيارة التي يتحملها المرقد في الظروف الطبيعية لو افترضنا إن سكان الناحية فقط هم من يرتاده غير ان واقع الحال في الظرف الطبيعي يتجاوز ذلك بكثير اذ ان المناطق المجاورة كقضاء الهاشمية وناحية الطليعة تعتبر القاسم مركز تسوق لها لما تحمله المدينة من صفة تجارية بسبب موقعها أما بالنسبة للزيارات المتعارف عليها فان الإمام الرضا (عليه السلام) قد نص بقوله: (من لم يتمكن على زيارتي فليزر أخي القاسم)، وهناك زيارات خاصة بالمرقد وهناك زيارات أخرى يحصل خلالها ان يدخل المرقد أعداد كبيرة جدا من الزائرين\"..
المزار الشريف الذي تلمح قبته الشماء حالما تلج الناحية، قبةٌ تعدُ من أكبر قباب المزارات الشريفة، زاهية ذهبية تعلوها راية خضراء، معلنة للملا أن هاهنا عبدٌ صالح لاذَ بنفسه من بطش العباسيين، فعاش بين أناس هذه المدينة ساقيا للعطشى وغريبا حزينا، ومزاره اليوم مصدرا لإشاعة البركات والكرامات..
تقرير: حسين النعمة
أقرأ ايضاً
- حققت (15) الف زيارة طبية: العتبة الحسينية تنفق اكثر من "ملياري" دينار على علاج الوافدين اللبنانيين(فيديو)
- الشيخ يوسف دعموش لبعثة العتبة الحسينية بلبنان: استمروا بدعمنا ولابد لخط السيد السيستاني ان يستمر لتقوية خط اهل البيت (فيديو)
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟