واثق الجابري
لا تختلف أحياناً وجهة نظر مواطن لديه سيارة موديل حديث، عن آخر لا يملك أية سيارة، ومواطن يسكن في بيت متكامل الخدمات الحديثة، ومواطن في بيت صفيح، وفي كل الأحوال تشاؤم وتذمر ونقمة على الدولة مرة وعلى الحكومة آخرى والبرلمان ومجالس المحافظات والدرجات الخاصة والقائمة تطول لتطال المواطن نفسه فينقدها وينتقد غيره، كله كلام جمعي يثير الأحباط لكنه من نفس مصدر الثأثير، سواء كان هذا المواطن مهتماً بالسياسة أو لا.
من الصعوبة إقناع مواطناً بأن العراق في عام 2019 ليس كما في عام 2003، ولا حتى قبل سنوات 2014، ولا يستمع أن تحدثت له عن إيجابية؛ فيسرد عليك عشرات السلبيات.
تؤثر في كل أنسان عوامل عدة منها المباشرة، بأن يشعر أنه لم يأخذ فرصته الكافية، وربما من هو أقل منه كفاءة وعلمية أو جدية، ويحصل على ما لا يحصله في عشرة أعوام، وغير المباشرة بعوامل تحرك العقل الجمعي بإتجاهات تبرز من الدولة صور مشوهة، عن النظام السياسي والمجتمع.
خلال سنوات سابقة ومع الإنفتاح على حرية الإعلام، بشكل مفاجىء.. كم من وسائل اعلام كلها مؤدلجة وتعتقد بأن نجاحها على حساب تسقيط الآ خر، و90% من ضيوف القنوات الفضائية تحت مسميات سياسية، ليشبعوا العملية السياسية إهانة وتشويها، وزج مفردات السياسة للحشو والتليمع وإعتقاد المفهومية، في حين بعضهم لا يعرف الترجمة الحرفية للمعاني، بل أدخلوا مفردات هجينة وكأنها هي أصل علم السياسة، وأعتبروا تلك الكلمات الدخيلة، مقدمات التمنطق والتفسير على قدر التفكير المحدود.
أشبعنا طيلة السنوات السابقة بالمعلومات المغلوطة، ومن شخصيات يعتقدها الناس صناعا للقرار! يمكن للمواطن أن يصدق نائب رئيس الوزراء في وقتها، وهو يتحدث عن سرقة ألف مليار دولار، بينما كل الواردات لا تصل الى 800 مليار، منها ما يُقارب 60% رواتب، وعضو في مجلس الحكم ولجنة كتابة الدستور ومحافظ وبرلماني، وساكن الخضراء في أحد عقارات الدولة، دون أن يدفع إيجار، ومع ذلك يتحدث عن الفساد؟!
جرت العادة بأن تستضيف القنوات الفضائية برلمانياً بعنوان سياسي، حتى أحيانا لا تؤخذ المعلومات عن الحكومة والتجاذبات السياسية، إلاّ من التصريحات، أو ما يسمى التسريبات، وأكثر الضيوف ظهورا هم مثيري الجدل، سواء كان في القنوات أو مواقع التواصل الإجتماعي، حتى صار التصريحات الأكثر تطرفا أكثر إنتشار، وتبنى عليها مواقف رسمية وشعبية، سيما من أورد أحصائيات وأرقام غير دقيقة، ومنها لقادة هرم السلطة، وصار البرلماني والوزير وعضو مجلس المحافظة يتحدث السياسية ولا يتكلم عن الإدارة، بما فيهم من الدرجات الخاصة، ليبرر سبب فشله ويلقي اللوم على الآخر.
إن الحديث بما لا يجب الحديث عنه, خلط للأوراق وزج للوظيفة في السياسة، فالبرلماني واجبه التشريع والرقابة وإقرار الموازنة، والمفترض أن يكون حديثه بهذه الإختصاصات، وعدم جر الوظيفة الى الحزب أو الجمع بين وظيفتين، وكلام السياسة يفترض أن ينطلق من الحزب بشكل رسمي، وهكذا بقية المناصب التي إنجرت لحديث السياسة الذي يتحدث بالسلبية وجلب اليأس والإحباط لدى المواطن، سواء كان منتفع من الدولة أو متضرر من فساد بعض المسؤولين.
واثق الجابري
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته "البيئية - المناخية" الخانقة ؟