- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تعالوا إلى كلمة سواء .. خطوات أربع كبرى للمرجعية العليا لمكافحة الفساد والفاسدين إن كنتم فاعلين!
بقلم: نجاح بيعي
حينما بيّنت المرجعية الدينية العليا الأسباب المُباشرة التي أدّت إلى تمكين عصابات (داعش) من السيطرة على أكثر من ثلث أراضي العراق الأمر الذي اضطرتها إلى إصدار (فتوى الدفاع المُقدسة) لردع شرّ (داعش)وإنقاذ (الأرض والعرض والمقدسات) وحصرتها في سببين رئيسين هما: (إستشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيّما المؤسسة الأمنية) و(سوء استخدام السلطة ممّن كان بيدهم الأمر) فإنها كانت تعني ما تقول تماما ً.
وكان يُفترض على مَن كان (أو مَن سيكون) بيده الأمر ـ وأقصد الطبقة السياسية المُتصديّة ـ التفكير مليّا ً بهذه الأسباب التي لو تمادت بغيّها أكثر بعدم مُعالجتها بمُحاربة الفساد المستشري وبعدم الكف عن سوء استخدام السلطة سيُفضيان إلى ما هو أخطر (لا قدّر الله) من (داعش) لا مُحالة. كيف لا والحال مع (الفساد) وقد تعدّدت مظاهره وتنوّعت فغدى كالغدّة السرطانية المُتفاقمة والمُنتشرة في كل مفاصل الدولة والمُجتمع ومن مظاهره:
(تكاثر الذين أثروا على حساب الشعب)و(الإستحواذ على المال العام بأساليب ملتوية وطرق غير مشروعة)و(إستغلال المناصب الرسمية والمواقع الحكومية لتحقيق مآربهم)و(تفاقم الفساد وتجذّره وتشعّبه في مؤسسات الدولة و(وترهّل الجهاز الإداري للدولة)و(تكاثر الفاسدين من لصوص المال العام)و(تكاثر عصابات الخطف والإبتزاز)و(شيوع ثقافة الرشاوى في كافة مفاصل الدولة والمجتمع)و(وجود جهات سياسية متغاضية عن الفساد إن لم تكن داعمةً له)و(وجود جملة من القوانين تحتوي على الثغرات التي يستغلها الفاسدون لتحقيق مآربهم)و(عدم الإسراع في تنفيذ الأحكام بحق الفاسدين حتى يكونوا عبرةً لمن تسوّل له نفسه المساس بأموال الشعب وقوته) وغيرها الكثير الكثير.
لذلك نوهت المرجعية العليا مرارا ً وتكرارا ً ومنذ انبثاق أول حكومة منتخبة عام 2006م, بأنّ معركة الإصلاحات هي (معركةٌ مصيريةٌ تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعبا ً وحكومةً إلا الإنتصار فيها) و(إنّ مكافحة الفساد المستشري في المؤسّسات الحكومية كانت من أهمّ هواجس المرجعية الدينية العُليا منذ السنوات الأولى من تغيير النظام).
أن المُدرِك لعِظم هذا الأمر وخطورته يخلُص إلى أن (الفساد) في العراق ومُحاربته لا تقوى عليه استحداث مجلس تثقل كاهل الدولة وبالتالي تكون غير مُجدية, كتشكيل (المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) الذي أقدمت عليه الحكومة وأقرّته بالأمرالديواني رقم (70) في 29/1/2019م.
أو على عقد جلسات للبرلمان في ذات السياق كالجلسة التي إشرأبّت لها الأعناق واستبشر بها الكثيرين وهي(جلسة مكافحة الفساد)الذي أفتتح الفصل التشريعي الثاني بها في 9/3/2019م وكانت بحضور رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية, ورئيس مجلس القضاء الأعلى, ورئيس ديوان الرقابة المالية وكالة, ورئيس هيأة النزاهة وكالة وغيرهم, حتى ظنّ الجميع واعتقد, بأن تباشير مكافحة الفساد قد لاحت وأن قطار مُحاسبة حيتان الفساد قد انطلق. ولكن للأسف وكما في كل مرّة كانت أجواء الجلسة مشحونة بالخطب الحماسية الرنانة الإستهلاكية التي تقرب إلى حد المهاترات, وإلقاء المسؤولية أو إبعادها عن ساحة بعضهم إلى البعض الآخر.
أو على التصويت (في ذات الجلسة)على قرارات (5) خمس هشة قيل أنها تصب في سياق مُكافحة الفساد, ولعمري أين أجدها إن كانت (4) أربعة منها جاءت لدعم السلطة القضائية, وقرار (1) واحد يخص السلطة التشريعية, اقتصر على إبداء الإستعداد لإجراء تعديلات على قوانين تسهم بمكافحة الفساد.
أو على استعرض عضلات فارغة مشفوعة بعبارت مُجترّة كـ(سنعمل وسنشرع وسنكافح وسنعاقب وووو) كالتي أبداها رئيس مجلس الوزراء في ذات الجلسة وأعلن عن (40) ملف فساد هي في الحقيقة (40) مفصل نخره الفساد من مفاصل الدولة العراقية. وحسب فهمي القاصر ولخطورة الموقف وحجم الفساد المهول الذي تمّ رصده, أن لا يتم الكشف عنه هكذا من قبل رئيس الوزراء, في حين نسمع ونلمس أن وراء هذا الفساد ليس حيتان فساد فحسب وإنما (كارتلات) مُنظمة وكبيرة لها النفوذ الواسع في الدولة بكل مفاصلها والتي تسمى بـ(الدولة العميقة) إن لم تكن دول تتحكم بكل شيء.
نعم الإصلاح مسؤولية تضامنية تتحمّلها السُلُطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية). وأن كل سلطة من تلك السلطات يجب عليها أن تنهض وتتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والوطنية والتاريخية كل ٌ حسب اختصاصها , بأن تخطو خطوات الإصلاحية الجادة في مكافحة الفساد المالي والإداري المستشري في الدولة.وأن (ليس للمسؤولين في السلطات الثلاث ـ التشريعية والقضائية والتنفيذية ـ خيارٌ سوى المضيّ قُدُما ً في إجراء الإصلاحات الضرورية) ولكن التسويف والمُماطلة في كل مرّة هو أحد أنواع (الفساد) المُقيت والمُميت.
المرجعية العليا كانت قد أعطت خطوات فاعلة (4) أربع كبرى لمكافحة الفساد والفاسدين تشمل السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) هي بمثابة الترياق الناجع لإصلاح الوضع المتردي عموما ً ولمكافحة الفساد والفاسدين خصوصا ً. ولكن قبل استعراض تلك الخطوات المهمة علينا أن نتعرف على الفئات (3) الثلاثة التي تعاملت بالضدّ من الحركة الإصلاحيّة, كما جاءت عبر منبر صلاة جمعة كربلاء في 4/5/2018م, ليتبين لنا علة ذلك التسويف والمماطلة وعدم الجدية في في التصدي لهذا الملف المهم:
ـ فئة 1ـ الطبقة (المتنفّذة في المجتمع تنفّذها وتسلّطها إمّا بسبب موقعها السياسيّ أو المالي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعلامي.. وهي الأكثر تمرّداً ورفضاً وخطرا ً على الحركة الإصلاحيّة بسبب استكبارها..).
ـ فئة 2ـ الطبقة (الجاهلة أو غير الواعية..الذين ينساقون ويسيرون وينعقون خلف كلّ ناعق، خصوصا ً مع وجود الوسائل الإعلاميّة القادرة على التضليل والتجهيل).
ـ فئة 3ـ الطبقة التي (تتحكّم بها الأهواء والشهوات والأمزجة الشخصيّة، والتي تسير أحيانا ً خلف نزعاتها القوميّة أو العشائرية، وتكون أسيرةً لفكرها في الماضي..).
وهذه طبقات الثلاث تشترك بـ(الموقف السلبي تجاه الحركة الإصلاحيّة)و(الوقوع في العمى القلبي والنفسي الذي يجعلهم يرفضون دعوة الإصلاح)و(عدم وضوح الرؤية مما يمنعهم من الحقّ واتّباعه).
ـ أما الخطوات الكبرى الـ(4) الأربع الفاعلة لمكافحة الفساد والفاسدين والتي جاءتنا عبر منبر جمعة كربلاء ليوم 27/7/2018م هي بالحقيقة برنامج حيوي لـ(رئيس مجلس الوزراء) ولـ(كابينته الحكومية) وبإمكانها أن تضع الحكومة وجميع مؤسسات الدولة على السكة الصحيحة في محاربة الفساد والفاسدين , بعد أن بينت صفات وشروط ذلك (الرئيس) حتى يكون مُهيئا ً بالإضطلاع بتلك المهمة الكبرى وإلا فلا. ومن تلك الصفات والشروط:
أن (يتحمّل رئيسُ مجلس الوزراء كامل المسؤوليّة عن أداء حكومته). وأن (يكون حازما ً وقويا ً ويتّسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والإداري الذي هو الأساس في معظم ما يُعاني منه البلد من سوء الأوضاع). وأن (يعتبر ذلك واجبه الأوّل ومهمّته الأساسيّة ويشنّ حربا ً لا هوادة فيها على الفاسدين وحماتهم. وأن (تتعهّد حكومته بالعمل في ذلك وفق برنامجٍ معدّ على أسسٍ علميّة يتضمّن اتّخاذ خطوات فاعلة ومدروسة ومنها ما يأتي:
ـ الخطوات الكبرى الـ(4) الأربع الفاعلة لمكافحة الفساد والفاسدين:
الأولى: (تبنّي مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النوّاب تتضمّن إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوقاً ومزايا لفئات معيّنة يتنافى منحُها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب).
الثانية: (تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النوّاب لغرض سدّ الثغرات القانونيّة التي تُستغلّ من قبل الفاسدين لتحقيق أغراضهم، ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابيّة الأخرى اختيارات أوسع في مكافحة الفساد والوقوف في وجه الفاسدين).
الثالثة: (تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولا سيّما للمناصب العُليا والدرجات الخاصّة، بحيث يُمنع عنها غيرُ ذوي الإختصاص والمتّهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب إنتماءاتهم المذهبيّة أو السياسيّة ومن يستغلّون المواقع الحكوميّة لصالح أنفسهم أو لصالح أقربائهم أو أحزابهم ونحو ذلك).
الرابعة: (الإيعاز الى ديوان الرقابة الماليّة الى ضرورة الإنهاء والتدقيق في الحسابات الختاميّة للميزانيّات العامّة في السنوات الماضية وجميع العقود والتخصيصات الماليّة للأعوام السابقة على مستوى كلّ وزارةٍ ومحافظة، وضرورة الإعلان عن نتائج التدقيق بشفافيّة عالية لكشف المتلاعبين بالأموال العامّة والمستحوذين عليها تمهيداً لمحاسبة المقصّرين وتقديم الفاسدين للعدالة).
ـــــــــــــــــــــــــــ
ـ ملاحظة: الجمل والعبارات المحصورة بين قوسين هي جمل وعبارات مجتزئة من خطب صلاة جمعة كربلاء بتواريخ مُختلفة إن لم تكن بيانات صادرة من مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!