حظي بعض الحلاقين في تاريخ الأمم والشعوب بمنزلة كبيرة، ومنهم من تبوأ مقاماً مرموقاً كونه كان حلاقا لأحد الملوك أو الوجهاء، وعندما يتطرق الحديث إلى الحلاقين يتبادر للذهن تلك القصة المشهورة عن ذلك الفتى الذي ضربه المعلم فقال له: \" كيف تضربني وأبي يطأطئ له رأس الوالي ومن في المدينة؟\"، وعندما سأل عن والدهِ قيل له إنه حلاق معروف.
ففي السابق أصحاب المهنة لا تملك المال الكافي لفتح صالون حلاقة، ولكن الحلاقة في عصرنا اتخذت منحى جديدا ولم تعد رمزا ثقافيا أو اجتماعيا، بل غدت مهنة كسائر المهن التي يتعاطها الرجال والنساء على حد سواء، كما عرفت تغييرات كثيرة في نظرة الناس للحلاقين، ونظرة الحلاقين أنفسهم لمهنتهم.. واليوم أكثر صالونات الحلاقة تجد لديها مختلف قصاة الشعر وتصفيفه، وبدا واضحا إن الانفتاح على الأمم والشعوب واهتمام الفنانين والمشاهير ولاعبي كرة القدم حين تواجدهم بمظهر لائق، ما حذا بالشباب أن يقلدوا أكثرهم بطريقة قصاة الشعر وتصفيفهِ، لكن مثل هذه الثقافات تسللت الى المدن التي تحمل الطابع القدسي بشكل بطيء جدا؛ والسبب واضح للعيان، فما يبدوا واضحا إن انفتاح باقي المدن العراقية على الثقافات الدخيلة لافتقار أهاليها وابتعادهم عن ثقافة الدين وما يدعو إليه حتى في أبسط الأمور ومنها موضوعنا ..
فكان لموقع نون الخبري جولة بين محلات قصّ الشعر، وجولة بين تاريخين بعيدين بين ماض بعيد وحاضر معاش..
[img]pictures/2010/09_10/more1284365745_1.jpg[/img][br]
ومع حركة كرسي الحلاقة الخشبي الذي يعود بذاكرته ليجيبنا عن تساؤلات قد تجول في ذهن كل من يود أن يقف متأملاً ويسأل، كم زبون حمله هذا الكرسي؟ وما هي الحكايات التي سمعوها، أمام هذه المرآة الشاهدة وحدها على وجوههم قبل الرحيل، فيحدثنا مهنا رباط الدرويش الباحث التاريخي عن عُدةِ الحلاقة القديمة الموس التي تشحذ بواسطة (القايش) وهو عبارة عن قطعتين متوازيتين من جلد البقر المشدود إلى مقبض معدني، ثم ينتقل إلى الإناء النحاسي الذي كان يستعمل لغسيل الذقن بعد الحلاقة.
ويتوقف الدرويش قليلاً عن الحديث وكأننا قد حرضنا ذاكرته على الصمت والتأمل، وربما جالت أمامه الذكريات بلوحة كرتونية صغيرة كتب فوقها (طهور الولد بـ 200 فلس) فيصل بنا الى قرن التاسع عشر، حيث كان الحلاق يمتهن مهنة أخرى هي التطبيب والختان، وقلع الأضراس..
ومحال الحلاقة تلك مسكونة بنكهة الماضي، وبآلاف الحكايات التي رويت على أسماع الزبائن، ولم يبق سوى الجدران، والمرآة والكرسي، وعدّة الحلاقة القديمة، فمن رفات أسماء الحلاقين القدامى التي استعادتها ذاكرة الدرويش: الحاج إبراهيم گمبر من العقد التاسع في القرن التاسع عشر وهو أقدم حلاق استطاعت ذاكرة الدرويش تسجيله في مؤرخاته، والحلاق الكربلائي توفي منذ عقود كما أغلب زبائنه، وحيث كان لهذه المهنة أصولها، وضوابطها، كان على الحلاق أن يكون قاصاً أو راويا يجلس في بعض المقاهي الشعبية ليحكي قصصا وروايات، والأهم أن يكون أميناً، وكاتماً للسر فأول جملة كان يُنطق بها عند فتح المحل (يا ستار يا كريم يا رزاق).
فيما قال الحاج جدوع حمد (88) سنةً يعمل مزارعا لأكثر من 70عاما، ومن سَكنت مدينة كربلاء، عاصر جيل العقد الثالث من القرن المنصرم، وكان مطلعا على مجريات التغير والتطور الحاصلة في مدينته حتى يومه هذا، وعن حرفة الحلاقة عاد بنا الى سجل ذكرياته القديمة ليحدثنا عن الحلاقين منذ عام 1930، فقال: \"كان يعرف الحلاق في السابق باسمٍ آخر هو (المزين)، ولم يكن لأكثر الحلاقين دكاكين (مقرعمل) بل كانوا يتجولون الأزقة والأسواق حاملين معهم عدة الحلاقة المتمثلة بالمشرط وجلد لغرض برد المشرط ومقص ومشط مصنوع من الخشب، فضلا عن المقعد وهو علبة السمنة الفارغة حيث يجلس عليه الزبون، ويتدلى من طرفيها حبلا يساعد الحلاق لحملها على ظهره، وحقيبة خشبية تضع فيها عدة الحلاقة، وكان الحلاق حيث يجد الزبون يضع علبة السمنة ويأخذ جانبا معينا من المكان ليبدأ لزبونه بالحلاقة\"..
[img]pictures/2010/09_10/more1284365745_2.jpg[/img][br]
حمد أضاف: \"إن الحلاق (المزين) كان ما يظهرُ عليه في السابق الفقر، بدليل أن أغلب الحلاقين لم تكن لديه دكان، بل كان يتجول لكسب قوته وكان عدد الحلاقين قليل ففي كل منطقة (محلة) من مناطق كربلاء السبع القديمة كان يوجد حلاق واحد أو اثنين\" ..
وتابع حمد مستطردا بذكرياته عن الحلاقين قائلا: \" في بداية العقد الخامس من القرن العشرين بدأ الحلاقون بتحديد أماكن تواجدهم لأنهم كثروا في هذه الحقبة وأصبح لكثيرٍ منهم محالا تذهب لهم الزبائن وبقي الحال هكذا الى بداية العقد السادس حيث بدا التطور شيئا فشيا من خلال وضع المرايا والكراسي الجيدة والاهتمام بشكل أفضل بالزبائن، ثم إن هذه الفترة كانت نوعا ما أكثر نفعا للحلاقين فأتخذ البعض منهم من يوم الاثنين استراحة له ليهتم بإدامة المحل والخروج برفقة أسرته الى زيارة المراقد المقدسة بعض الأحيان\"..
في حين يبين لنا فاضل عبد الأمير الخفاجي (60) عاما، وهو من أبناء مدينة كربلاء أيضا، يبين في حديثَه لنا مبتسما عن حلاقي السابق قائلا: \"سمعنا عن حلاقي الماضي وهذا ما تحدث به آباءنا إن البعض منهم كان ذو شانا كبيرا لأنه كان يحلق لوالي المدينة أو شيخ عشيرة ولأن أكثر الأهالي كان يبحث عن وسيط بينه وبين ضالته كان كثيرا ما تجد الحلاقين هم أولائك الوسطاء، هذا لغاية العقد الثاني من القرن الماضي، وبعد الحروب التي توالت على العراق والتغيرات التي طرأت كان الحلاق من بين من عانى من المواطنين من سوء الحال وصعوبة المعيشة، الى العقد السادس حيث بدا الحلاقون بفتح محال الحلاقة لتستقر أوضاعهم نوعا ما والبعض منهم هاجر الى بغداد لأنها منفتحة على التطور والتغير مع كل جديد ليمارس مهنته فيها بشكل يدر عليه بمال أكثر مما كان عليه\"..
وعن أول ظهور لمهنة حلاقة النساء في كربلاء قال الخفاجي \" لم نسمع لغاية السبعينيات بصالونات الحلاقة النسائية في كربلاء، لكن مع بداية حكم نظام البعث البائد العراق الذي عمل على إتاحة الفرص للنساء بممارسة مثل هذه المهن، كان مثلا نسمع إن توجد فلان امرأة بالمنطقة الفولانية تعمل على تجميل العرائس والنساء في بعض المناسبات علما إن مَن كانت تعمل مثل هذه المهن لم تكن تسكن المحلات السبع القديمة الى سنة 1980 تقريبا احتراما لقرب هذه المحلات من العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين \"..
وأكد فاضل: \"إن أكثر الأسر الكربلائية لم تكن تسمح لنسائها بارتيادها صالونات النساء حتى بداية العقد التاسع، وتحديدا بعد الحرب العراقية الكويتية ونزوح الكثير من الأسر البغدادية الى كربلاء المقدسة التي أثرت بشكل ملحوظ على تفعيل عمل الصالونات بشكل خاص\"..
وقالت سعاد البازي(أم حسن) 41 عاما، إحدى العاملات بمهنة الحلاقة النسائية: \" أن مجال حلاقة الشعر بدأ في كربلاء بعد عام 1980 وكانت يسيرة وتقتصر على بعض النساء العاملات في هذا المجال في أماكن متفرقة بنواحي مدينة كربلاء، وهذه المهنة لم نتمكن من خلالها بناء ثروة أو امتلاك صالون حلاقة في السابق، فلدي في هذه المهنة 34 سنة خبرة، ومع هذا بالكاد كنت أساعد زوجي في توفير لقمة العيش للعائلة، ولكن اليوم صالونات الحلاقة تساعدك على الحياة لأنها بدت تدر بأموال كثيرة خصوصا فترة الأعياد وبعض المناسبات \"، وتابعت أم حسن \"النساء كن يخترن هذا العمل لأنه لا يحتاج لقوة عضلات بل لطول البال والصبر\"، وأردفت بندم \"لو عاد بي الزمن لما اخترت هذه المهنة\".
[img]pictures/2010/09_10/more1284365745_3.jpg[/img][br]
أما رسول علوان الوزني الكربلائي (48) عاما، حلاق يعمل في هذه المهنة أكثر من 35سنة منذ إن كان طالبا في التعليم الابتدائي، حيث عاصر الحلاقين القدامى في مدينته وتحدث لنا عن مهنة الحلاقة سابقا فقال إن الحلاق في السابق لم يكن يقتصر على الحلاقة بل كان يمارس مهنة التطبيب معها كقلع الأسنان وختان الأطفال والحجامة والتضميد بل كان بعضهم يطبب حتى المواشي والخيل\"..
يتابع رسول بحديثه عن شخصية الحلاق مبينا إن أكثر الأماكن التي ظهر بها الحلاقين في كربلاء هو سوق وشارع معاوية ما يسمى اليوم بشارع حبيب بن مظاهر (رضوان الله عليه) حيث يفترشون الأرض انتظارا للزبائن، ثم ذكر بعض الطرائف التي شاهدها عن الحلاقين وهو إن أحد وجهاء المدين قصد ذات يوم للحلاقة في شارع حبيب (رضوان الله عليه) فجلس عند أول حلاق وبعد أن أكمل حلاقته أعطى الحلاق أجرة كبيرة في وقتها قيمتها ربع دينار حيث كانت أجرة الحلاق درهم، ولما عاد ذات الشخص الى ذات الحلاق بعد أسبوعيين أهتم ذاك الحلاق به وحلق له بشكلٍ جيد أظهره بأناقة أكثر فأعطى أجرة الحلاقة هذه المرة درهم ولما سأله الحلاق لماذا؟ قال الوجيه إن هذا الدرهم أجرة حلاقتهِ عنده لأول مرة أما أجرة حلاقته هذه فقد أعطاياه في المرة السابقة..
رسول الذي أحب هذه المهنة من صغر سنه يقول :\" إن الحلاق في السابق كانت أجرته درهم أو عدة دراهم مع مرور الزمن الى أن أصبحت اليوم بآلاف الدنانير لكن الحلاق كان يحلق لبعض المزارعين سابقا مقابل رطل من التمر أو الفواكه بشكل مؤجل أو آجل\"..
أما جبار علو (75) عاما وهو حلاق 48 سنة زاول مهنة الحلاقة خلال تنقله في محافظات الجنوب وبغداد حتى أستقر به المطاف بأن يعود الى مسقط رأسه كربلاء، ليفتح محلا مع أولاه الأربعة ويخلفهم حرفته، وفي رده على سؤال سبب اختياره لمهنة الحلاقة يقول: \"أحببت مهنة الحلاقة منذ صغري، عندما كان والدي يأخذني للحلاق وفي ذلك الصالون نفسه تعلمت الحلاقة\" وعن كيفية تعامله مع الزبائن وردود فعلهم عند بداية مشواره ذكر أنه مر بمرحلة حرجة جدا \"عندما بدأت العمل حصلت عدة مشاكل، منها مع والدي فقد كان حريصا على تعلمي هذه المهنة وكان شعره ولحيته أول الضحايا، فقد سالت دماء كثيرة من وجهه قبل أن أتعلم الحلاقة، وكان يشجعني على الاستمرار رغم جراحه البليغة\".
وعن بقية الزبائن يقول علو: \"كان بعضهم يحاول الفتك بي، وبعضهم الآخر يشبعني سبا، فلم يكن التعلم سهلا ومن دون ثمن\". وللعلم، من النادر في كربلاء أن يكون الحلاق صاحب صالون، فهو إما أجير عند صاحب المحل، أو يعمل بنسبة من الأرباح. وثمة من يقوم بتأجير الصالون ومن ثم يدعو حلاقين آخرين للعمل معه بالأجرة. وإذا كان البعض يعمل منفردا أو مع مجموعة من الحلاقين، أحيانا من الجنسين..
صعوبة تكوين ثروة من خلال المقص..
وفي حوار علو عن صعوبة تكوين ثروة من خلال المقص فيقول: \"لم أتوقف عن العمل سوى في فترة الحرب (1991) حيث تفرغت لرعاية أبنائي وهم الآن كبار، ويفضل علو حلاقة الرجال على النساء قائلا: \"إن الرجال أقل ملاحظات وأسهل في التعامل داخل صالونات الحلاقة مبديا رأيه هذا لأن أحد أبناءه الأربعة كان صاحبة صالون نسائي وهي تزاول مهنة الحلاقة منذ أحد عشر عاما، وبيّن علو تبعا لما يسمعه من أبنته أنه يفضل أن يحلق شعر رجلٍ من أن يصفف شعر امرأة كما كان ببغداد\".
أما أمير طالب وهو حلاق شاب (29) سنة يعمل أجيرا للحلاقة في محل خاله، وهو في ذات الوقت شابا مكافحا حيث إنه مستمر بدراسته في الجامعة، وأمير قد حدثنا عن صالونات الحلاقة الحديثة بحسب ما سمعه من معلمه في الدكان، إن الحلاقة اليوم تمتاز بالنظافة والأناقة للحلاق وتجهيز محله بكافة المستلزمات المطلوبة\"..
وعن الفرق بين الحلاقة القديمة والحديثة يبيّن أمير إن الحلاقة القديمة لا تمتاز بالنظافة لعدم وجود المواد المعقمة والمستحضرات الموجودة اليوم فضلا إن اليوم اهتمام أكثر الرجال وعلى وجه الخصوص الشباب يهتم بأن يكون بأبهى صورة فهناك من يقصدنا للحلاقة في الأسبوع بمعدل مرتين أو مرة\"..
وبالنسبة لعالم الموضة ودور الحلاقين يوضح أمير: \"إن الموضة عالم واسع ومتابعته تكون عن طريق المجلات وبعض القنوات التي تقدم كل جديد في عالم التسريحات والقصات أضف إلى ذلك الملاحظة التي يجب أن يتميز بها الحلاق من خلال متابعة القصات الجديدة التي يراها على رؤوس الناس، أما أهم القصات الدارجة حاليا قصة \"الفلاة وسبايس\" والأولى تتلخص في الحفاظ على الشعر أعلى الرأس بشكل سابل وتخفيف الشعر عن جوانب الرأس إلى حد درجة الصفر، وهذا يعطي الرأس شكلا مربعا، أما الثانية هي تصفيف الشعر من خلال القص والسيشوار، حيث يأخذ الرأس شكل أحد الطيور ولكن يبقى للحلاق تقدير القصة المناسبة من خلال شكل الرأس الذي أمامه، فالرأس المستدير تناسبه القصات القصيرة مثلا والرأس الذي يأخذ الشكل الطولاني يفضل فيه أن يكون الشعر متناسقاً وبطول واحد وطبعا أنا أفرض رأيي والرأي الأخير للزبون، لأنه يود أن يقلد الفنان أو اللاعب الذي أبتكر هذه القصة\".
وحينما بادرنا أمير بسؤالنا هل هذه المهنة مربحة؟ وهل تجد نفسك فيها؟ فأجابنا قائلا: \"بالنسبةِ لي هي ممتازة ولكن برأيي ليس هناك مهنة مربحة ومهنة غير مربحة، وإنما جهدك وإخلاصك لمهنتك هو الذي يجعلها مربحة أو لا، أما مهنة الحلاقة فنعم أحبها جدا ولا أحب استبدالها بأي مهنة أخرى، وأكون مسرورا جدا عندما يأتي إلي زبون ليشكرني لأن رفاقه هنئوه بقصة شعره الجميلة فعندها أشعر بأنني قدمت له أو ساهمت في زيادة الجمال في مظهره\"..
الحلاقة بين الإرهاب وإرهاصات المجتمع..
عن بعض المعاناة التي أدركت الحلاقين يذكر أمير: \" إنه بعد سقوط النظام البائد كانت هناك جهات شتى بينها ميليشيات وعصابات مسلحة وراء تهديدات الحلاقين بقطع رؤوسهم، فكان الكثير من الحلاقين يلجأون لمزاولة عملهم بشكلٍ سري، وباتت مهنة الحلاقة والحلاقين في عموم العراق، وتحديدا في بغداد، هدفاً لرصاص العصابات المسلحة والميليشيات، فبدلاً من أن تكون مهنة تدر على صاحبها الرزق الوفير باتت تستنزف معها حياتهم بعدما أصبحوا عرضة للقتل المبرمج تحت تسميات طائلة وفتاوى تأخذ معها أرواحهم الواحد تلو الآخر ولم يفرق الموت بين النساء والرجال الذين يمتهنون هذه المهنة القديمة الحديثة ثم ما لبثت هذه الاعتداءات حتى تلاشت تدريجا ولكن بعد قتل الكثيرين منهم..
وأمام هذا الوضع تحول اغلب أصحاب محلات الحلاقة النسائية والرجالية الى العمل بشكل خفي خوفاً من المجهول الذي ينتظرهم بعد أن قضى كثيرون من زملاء المهنة نحبهم بطرق بشعة تحت بند التحريم حتى اضطر بعضهم الى تعليق الإعلانات التي تتماشى مع فتاوى المتشددين على زجاج محالهم مثل \"نعتذر عن أخذ الخيط\" بالنسبة للرجال أو \"نعتذر عن عمل مساج الوجه\" كونها لا تمت للرجولة بصلة ـ بحسب المتشددين ـ فيما يعلق الحلاقون الآخرون إعلانات يعتذرون فيها عن ممارسة القصات الحديثة للشعر للشباب أو حلق اللحية وهذا ما يلاحظ كثيراً في المناطق ذات الغالبية السنية والتي تسيطر عليها الجماعات المتشددة.
وقال (مسلم حميد)، (18) عاما، \"انه خضع لتحقيق مطول من قبل إحدى الميليشيات التي زعمت إن حلاقته مخالفة لتوجهاتهم التي ينتهجونها وبعد عدة أيام أطلقوا سراحه\".
أم سارة صاحبة صالون حلاقة للنساء تقول: \" سابقاً بعد احتلال العراق وتواتر الأحداث زادة مخاوفي بسبب التهديدات التي تعرضت لها صالونات النساء في السابق فكنت لا استطيع أن افتح باب الصالون خصوصاً قبيل أيام الأعياد بسبب كثرة الزبونات، فبت حبيسة البيت أزاول مهنتي بالخفاء للطالبات والجيران فقط \" وتتابع: \"على أثر ما تعرضت له صالونات الحلاقة من أطلاقات نارية أودت ذات مرة ٍ بحياة زبونة حيث كانت عروسا جُن زوجها حال سماعهِ بخبر مقتلها \"..
الشاب (ميسم طه) أحد زبائن المحل قال عندما سألناه عن رأيه:\" أنا زبون دائم في هذا الصالون لأنني أجد من يفهمني ويقدم لي النصيحة في الحلاقة ليعطيني منظرا جميلا وأنا أحب قصة \"السبايك\" لأنها تعطي الوجه شكلا جميلا ويناسب الموضة.
الشاب (نورس أنور) قال: \"أقصد صالونه دائما ليس فقط لأنني أعرف أنه يجيد الاعتناء بمظهري بل لأنه يتابع كل جديد في عالم الحلاقة، ويجعل من صالونه مكانا جميلا، ومع أنني أفضل موضة الشعر القصير، لكنه دائما يقنعني بالقصة التي يراها مناسبة أكثر لشكل وجهي وبعد الحلاقة أعرف أن رأيه كان الصحيح\"
الحلاق رغم إن مهنته لا تندثر ولا تقل أهميتها ما دام للإنسان شعر في الرأس والوجه، لكن المهام التي كان يقوم بها الحلاق أيام زمان غيرها في الوقت الحاضر إضافة الى إن أدوات الحلاقة سابقاً تختلف كلياً عنها في الوقت الحاضر، كما إن ماضي الحلاق كان لا يقتصر على حلاقة الرأس فأن حاضره أقتصر على الحلاقة والتجميل فضلا عن دوره الهام اليوم في القنوات الفضائية تحت مسمى (الماكير) لزينة الإعلاميين وضيوفهم ومكاتب الإنتاج التلفزيوني والمسرحي وما شابه ذلك..
تحقيق / حسين النعمة
تصوير :رسول العوادي
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)