د. غالب الدعمي
ثبت بالدليل القاطع أن أغلب الفعاليات السياسية لا ترغب ببقاء العبادي رئيساً للوزراء لولاية أخرى على الرغم من أنه لم يكن حازماً في ملفات الفساد، ولم يلق بالفاسدين في السجون كما وعدنا، لكنه كان بخيلاً معهم وأوقف كثيراً من حالات الفساد التي كانت سائدة في الحكومة السابقة، ولم يقرّب أهله أو أبناءه، وحدّ من حركة بعض النواب وسلطتهم في التأثير على عمل الوزرات، مما أدى إلى أن تثور ثائرتهم عليه واستخدموا منابر الإعلام المتنوعة لتشويه أي نشاط يقوم به رئيس الوزراء بدءاً من تطبيق نظام جباية الكهرباء، وقانون التأمينات، وتحرير المناطق المغتصبة من داعش، وتحقيق الانسجام بين أبناء الشعب، وإعادة الثقة للقوات الأمنية عن طريق بسطه سلطة القانون على المناطق المتنازع عليها، وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الدول الإقليمية والاتحاد الأوربي، وغيرها من الإجراءات التي سعى إلى تطبيقها، لكنها خضعت جميعها للتشكيك من الفرقاء والتقليل من شأنها، على الرغم من شهادة الأعداء قبل الأصدقاء بفعاليتها.
ويعتقد بعضهم أن العبادي يملك عصا سحرية لتوفير فرص العمل للعاطلين والبطش بالفاسدين والبدء بثورة كبيرة لإعادة بناء بلد خضع لأكبر مزاد في التاريخ لبيعه على الشركات الأجنبية بعمولات قبضها بعض السياسيين العراقيين فلم يعد لسيادته من وجود، وفقد هيبته بين الدول كما أن ثرواته بدّدها تجار السحت الحرام، وبيعت معامله الصناعية بثمن بخس لدول الجوار وقبض بعضهم ثمن تعطيلها.
ويسعى خصومه الذين تأثرت تجارتهم وتقوض فسادهم إلى نشر أكاذيبهم عبر شاشات فضائياتهم التي أسسوها بما سرقوه من الشعب العراقي، وهم معروفون ومشخصون، وما يثير عجبي بقاؤهم لغاية اليوم في المشهد السياسي يجولون ويصولون من غير حساب وكأن ثمة قوى خلفهم تدعم وجودهم وتدافع عنهم وربما تستلم أتاوات منهم ثمناً لحمايتهم من سلطة القانون.
وقد تكون الشركات النفطية هي من يحميهم عن طريق التأثير على مراكز القرار وعملت على ترويض السلطات التي تكافحهم بل وجعلتهم يتحكمون في منح مناصب كثيرة لشركائهم في الفساد ويدعمونهم في البقاء والتمدد في سلطاتهم.
وهنا ثمة سؤال يراودني بشكل مستمر وبات كابوساً لا يفارقني هو: متى ينفرط عقد الفاسدين مع السلطة ويرتاح الشعب من فسادهم ؟ وهل يستطيع العبادي تقويض سلطاتهم أم أنه سيقع تحت تأثيرهم ؟ هذا إذا بقي في السلطة لولاية أخرى، وقد يكون من الواجب علينا دعوة الشعب العراقي لانتخاب شخصيات جديدة حتى وإن كانت مغمورة فهي أفضل من هولاء بكثير.