حجم النص
بقلم الفنان التشكيلي نعمة الدهش هو فن قديم ساخر، وهو صورة تبالغ في اظهار وتحريف الملامح المشهورة، ذلك بإعادة تصويرها بأشكال مضحكة، وغاياته النقد والاساءة والتحقير، وهذه كانت هي البداية الأولى لنشأته. لقد ذهب مؤرخو الفن في أوروبا، إلى ان الاشوريين ومن بعدهم اليونان، هم أقدم مَن صور بأسلوب الكاريكاتير. وأمّا في أوروبا، فكان أول ظهور له في ايطاليا عام 1477م على يد الرسّام (تيتيانوس)، وأنتشر بعد ذلك، أي في أوائل القرن السادس عشر في بلدان غرب أوروبا، مثل فرنسا وانكلترا. كانت الرسوم لاذعة، وتدور حول محاور مُختلفة، منها السياسة والحكومة، وظهر ذلك بشكل خاص في انكلترا. ومن أشهر الفنانين (جورج كروك شانك) و(جيمس كيلاري) و(توماس رولاندسون). ويذهب بعض المؤرخين إلى أن فن الكاريكاتير، قد برز بشكل واضح في انكلترا خلال فترة شيوع (البروباغاندا) المُعادية لنابليون بونابرت، أبان حروبه التي اجتاح فيها مناطق واسعة من أوروبا. كما أن هذا الفن المميّز، قد اشتهر في فرنسا بعد الثورة الصناعية، وخاصة بعد انتفاضة (ليون) عام 1830م، ذلك على يد الفنان الفرنسي الموهوب (هونريه دومييه). لقد اعتادت انكلترا على إقامة مهرجان سنوي للكاريكاتير في اسكوتلاندا، سُمِيَ (البسمة العريضة The Big Grin). وأمّا في العراق وضمن التأريخ المعاصر، فقد ظهر هذا الفن على صفحات بعض الصحف والمجلات، ففي يوم 29 / 9 / 1931م كان أول ظهور لرسم كاريكاتيري في العهد الملكي في العراق. ومن أشهر المجلات التي تناولت هذا الأسلوب كانت (حبزبوز) لصاحبها نوري ثابت، وكذلك مجلة (قرندل) الهزليّة. ومن أشهر الرسّامين العراقيين في هذا الباب الفنان (غازي)، حيث كانت رسومه تجسيدا لمنجزات ثورة 14 / تموز / 1958م، بالإضافة إلى الرسامين (مؤيد نعمه) و(ضياء الحجار) و(الحميري) و(كفاح محمود) و(علاء كاظم) و(أمير تقي عجام) و(سلمان عبد) و(ميثم راضي) و(عبد الكريم ياسر). ومما يؤسف له، ان فناني الكاريكاتير قد تعرّض الكثير منهم إلى القتل، وقد ذهب دفعة واحدة في فرنسا عشرة رسامين، في حادث تفجير مجلة (شارلي أبيدو) اليهودية في ضواحي باريس، وقد اتهم الفنان الفرنسي (زيون) امريكا وإسرائيل وفرنسا بتدبير الحادث المأساوي هذا. ومن المهم أن اشير هنا، وفي معرض حديثي هذا، للقول بأن الفن الكاريكاتيري يعتمد أيضا على النكتة المكتوبة أو الشفاهية، للتأشير على جوانب النقد السياسي والاجتماعي وربّما الديني في بعض الأحيان، بهدف تسهيل عملية التفاعل لدى المُتلقّي ما بين النص والرسم من جهة، والموضوع المُختار للعرض من جهة أخرى. فيحدث هنا مزج فني خلّاق، هدفه خلق الوعي الموضوعي عند المُشاهد للرسم الكاريكاتيري المَعروض.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثالث والاخير
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثاني