- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السيستاني...نجم يتألق في السماء
بقلم: عبود مزهر الكرخي
من المعلوم ان لمرجعيتنا الرشيدة ممثلة بآية الله العظمي السيد علي السيستاني(دام الله ظله الوارف) دور واضح ومهم في البلد وكانت ولا تزال صمام أمن وامان للعراق والعراقيين وخصوصاً توضح ذلك الدور بعد السقوط مع العلم حتى قبل السقوط كان دورها واضح ومعروف لدى كل أوساط الشيعة وحتى لدى كل أفراد الشعب العراقي. وكان الدور الأبوي والحكيم للسيد السيستاني قد ترك بصمته لدى كل مواطن بحيث عرف كيف هي كانت ولازالت القيادة الحكيمة لتلك المرجعية الأبوية.
وقد عرفنا تلك الشخصية العظيمة لأبو محمد رضا منذ أن بلغنا الحلم فقد عرفناه حيث قدم إلى النجف لينهل من علوم حوزة النجف السامية فنراه شاباً يافعاً يتنقل بين دروس وأساتذة الحوزة العلمية وبين مراجعها ممثلة بالأمام الخوئي والامام محسن الحكيم والشيخ الحلي (قدس سرهم)وغيرهم من السادة والفضلاء الأعلام وكان علامات نبوغه وعلمه قد ظهرت منذ الوهلة الأولى بين أقرانه من طلاب العلم وهذا أمر لأنه قد تدرج في العلم ومنذ نعومة أظفاره فهو وفي مسقط رأسه المشهد الرضوي كانت نشأته عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما، فتخرج من هذه المدرسة وكان نبوغه العلمي قد برز السيد السيستاني (دام ظلّه) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ (شهادة الاجتهاد المطلق) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه) والشيخ الحلي (قدّس سرّه) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته وهم اثنين فقط كانت السيستاني واحد منهم كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره (دام ظلّه) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
وقد شاءت حكمة الله أن يدخل هذا الرجل الى العراق في زمن العواصف السياسية، من الملكية الى حكم عبد الكريم قاسم الى حكم البعث الأول الى حكم صدام، وعاصر مرجعيات مختلفة وعرف حقيقة العمل السياسي من جهة، والعمل الديني والمرجعي من جهة أخرى، عرف هذا الشعب، ودخل في اعماق حقيقته ليعرف نقاط قوته وضعفه، وما يصلحه وما يفسده، ومن عدوه ومن صديقه، حتى عركته التجارب، وصقلته النوائب، وأنضجت تصوراته العبر والاحداث، ليبقيه الله ليوم تصان فيه المقدسات ومصير المذهب. وقد رجع إلى المشهد الرضوي بعد نيله شهادة الاجتهاد ولكنه فلم يكمل سنة واحدة في مشهد الرضا عليه السلام حتى رجع الى النجف الأشرف وعرف أن له معها حكاية، ولها معه حكاية وأن الله تعالى قد إدخره لهذا الشعب المظلوم.
بعد وفاة أستاذه الإمام الخوئي قدس سره سنة (١٤١٣) تصدى لزعامة الحوزة والطائفة وعمره الشريف (٦٣). وكما هي صفة العلماء، وكما تحدثنا قصص الأتقياء عن زهد الشيخ الأنصاري عندما استدعاه أستاذه الجواهري عند احتضاره فتردد (لأن هذا فيه إشارة لاختياره للمرجعية، والقوم يفرون منها) كذلك السيد عندما استدعاه استاذه الخوئي. وطلب منه الصلاة في محرابه في مسجد الخضراء والتدريس على منبره، فتردد واستمهل أستاذه ثم كما كان هو الحال عندما تلزم فضلاء الحوزة شخصاً بعينه استجاب للأمر.
وفي الانتفاضة الشعبانية كان هو والشيخ البروجردي والشيخ الغروي قدس الله روحيهما في معتقل فندق السلام ثم الرضوانية، حيث تعرضوا للتعذيب الوحشي على يد جلاوزة النظام، وكاد يعدم الثلاثة لولا العناية الإلهية.
وقد قال سماحته بأنه شاهد كل شيء في الرضوانية وكان من المتوقع قتله لولا أن إرادة الله اختارت له التصدي لهذه المسؤولية. فتصدى للمرجعية بعد وفاة الامام الخوئي(قدس سره) وكان في الحقبة الظلامية المظلمة وهو الذي دفن استاذه الأول الخوئي في الفجر وجلاوزة النظام يحومون حوله كخفافيش الظلام والين أمروا ان يدفن في ذلك الوقت لكي لا يتم معرفة الناس بذلك والتكتم قدر الإمكان وكانت حقبة قاهرة بكل معنى الكلمة وكانت روحه الشريفة قاب قوسين او ادنى من مغادرة جسده وفي عدة مرات واكنت محاولات تصفيته . اعتقله نظام صدام بعد الانتفاضة الشعبانية، وتعرض للتعذيب قبل أن يخلى سبيله، وقد تعرض لعدة محاولات اغتيال فاشلة من قبل البعثيين، وفي سنة 1418هـ/ 1998م وتعرض لمحاولات اغتيال كثيرة كان ابرزها الهجوم على داره عام 1997 ومقل احد العاملين في بيت السيد واصابة اخر وبقي هذا الجبل الاشم يدفع بسفينة العراق نحو الامان والحفاظ على ابناء العراق بكل قومياتهم من ظلم صدام واتباعه المجرمين.وضعه البعثيون تحت الإقامة الجبرية والتي امتدت حتى سقوط نظام صدام الضواء الأضواء على هذه الشخصية الديني. وقد اجتاز مرحلة الحكم البعثي منذ 1993 الى 2003 بصبر وحنكة القائد مع ما نعرفه من احداث كانت تجري في تلك الفترة المظلمة وكيف اتهم هذا المرجع الشريف بما لا يليق بشخص عادي وكما يحصل الان ولكن لا عودة على هذا الأمر في جزئنا القادم.
عرف بمواقفه الاعتدالية، والوسطية، وله دور كبير في تشكيل النظام الجديد في العراق من خلال دعوته الى الانتخابات، وتشكيل برلمان عراقي منتخب، وكتابة دستور للعراق، يحفظ حقوق جميع العراقيين، ويضمن حقوقهم أمام القانون، ويحافظ على وحدة وسيادة العراق، ويحاول اخراج المحتل من أرضه. عرف بدعوته إلى الوحدة بين المسلمين، وهو صاحب المقولة المشهورة: (لا تقولوا إخواننا السنة بل قولوا أنفسنا)، وكان له الدور الأكبر في إخماد الفتنة الطائفية في العراق بين السنة والشيعة ما بين 2004 ـــ 2006م. وعلى الرغم من أن أكثر التفجيرات في العراق كانت تحدث في الأحياء الشيعية إلا أنه رفض اتهام السنة بهذه التفجيرات، عازيا هذه التفجيرات الى مؤامرات خارجية تحاول تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي. كما وكان له دور بارز بعد هجوم داعش على العراق، حيث أصدر فتوى الجهاد الكفائي مما سببت في حضور الآلاف من الشباب إلى مقابلة داعش.
التواضع والزهد من الصفات البارزة في شخصيته، فمع كونه من كبار المراجع في العالم الإسلامي، وتأتيه الحقوق الشرعية من شرق الأرض وغربها لكنه لا يملك بيتا، بل يستأجر دارا بسيطة قديمة البنيان في أحد الأحياء النجفية القديمة.
وبعد السقوط لا حاجة لأن أكتب شيئاً، لأن من كان له فهم قد فهم، ومن طبع الله على عقله لن ينتفع بما أكتب.
والتي سنستعرض منها في جزئنا القادم أن شاء الله إن كان في العمر بقية لألقاء الأضواء على هذه الشخصية الدينية والتي حيرت عقول الكثيرين في العالم والتي لها أبعاد ومعطيات لن تجدها في كل الشخصيات الدينية الحالية والماضية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
قسم من المقال أخذ من السيرة الذاتية للسيد علي السيستاني في موقع السيد السيستاني. ومن مواقع أخرى على الانترنيت.
أقرأ ايضاً
- رائحة السماء- مقالات تنقي البحوثبقلم
- رائحة السماء
- الامام الكاظم (ع) من النعش الغريب المنادى عليه بأستخفاف الى مرقد يعانق السماء و تشيع ومسير الملايين من القلوب المحبة