بقلم:محمد حسن الساعدي
أن من أعظم الأعمال واجلها عند الخالق هو الجهاد في سبيله.. ولأجل الحق والقضايا الإنسانية الكبرى، ودفاعا المقدسات والحرمات الدينية والإنسانية والدفاع عنها.. ويكون العمل أعظم إن ختم بالشهادة في سبيله..
هذه المواقف تمثل القمة في العطاء من أجل الدين والوطن ومن أجل القضايا والمبادئ والقيم التي يؤمن بها ويعمل من اجلها، ولأنه يمثل السمو في الأخلاق والقدوة الحسنة في الصفات، فالحديث عن الشهيد ذو شجون وطويل، وأننا إذ نحاكي الشهادة فإننا نتكلم عن وعي في الفكر ويقين في الانتماء، وبصيرة في رؤية الأمور يعبر عن شعور عميق بالمسؤولية الدينية والوطنية، والمسؤولية الكبرى في تحديد المصير، والحضور في الساحة والفاعلية في التأثير على المشهد عموماً..
الشهادة الحقيقية ليست وليدة صدفة كأن يسقط الشهيد صريعاً بغير اختيار أو أرادة، إنما هي اختيار أكيد وممنهج على حياة مبنية على فلسفة ويقين ورؤية محددة للأمور.. فالشهيد قبل أن يقدم نفسه للشهادة هو مشروع متكامل، يتحرك نحو مصرعه بمثابرة وحيوية وقوة وفاعلية، ويحمل معه راية حياته الأخرى ، فيسير بإرادة كاملة وبتنظيم دقيق وبخطى ثابتة لا تزحزحه الإغراءات ولا التهديدات، لذلك تكتب له الشهادة، مع كل هذه الظروف والمعطيات التي نادى بها .
الشهادة لا تأتي إلا في بيئة ومناخ الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر وبين الفضيلة والرذيلة ، ومرتبة الشهيد لايمكنها أن تقبل إلا أن تكون في صف قوى الخير والعدل والفضيلة والحرية، وتأتي الشهادة حينما تسعى قوى الباطل والشر والظلم والتخلف لغلق الطريق أمام قوى الحق والخير، ومحاربة العقيدة الصالحة والقيم الروحية والمعنوية والمادية، وتهدر كرامة الإنسان وتسلب حقوقه الطبيعية في الحياة، لذلك تعد دليلاً على مدى إيمان الشهيد بعدالة قضيته التي أستشهد من أجلها وعلى قيمتها الكبرى وأهميتها العظمى لديه.. وهي إدانة لقوى الباطل والظلم والرذيلة والظلام والاستبداد ، وشاهد إدانة لقوى الباطل والاستكبار والانحراف أمام محكمة العدل الإلهي والتاريخ .
تتجلى صور الشهداء بأروع معانيها في دفاعهم وتقديم أرواحهم فداءً للوطن، وهم بذلك يعبدون الطريق أمام الأحرار في كل زمان ومكان ، لذلك كان وما زال شهدائنا من قادة كبار قدموا دمائهم من اجل خلاص شعبهم من الطغمة البعثية التي كانت جاثمة على صدر العراق وشعبه المستضعف، ودمائهم هي التي دفعت كابوس داعش، فصارت شعاراً ومناراً لكل الأجيال وفي كل الأزمنة.
التكريم الحقيقي للشهداء لايكون إلا من خلال السير على نهجهم في رفض قوى الظلام والاستبداد والرذيلة والتخلف والوقوف بوجه الظالمين ، وعدم الرضوخ لإرادة الشيطان الأكبر، ويأتي ذلك من خلال بث روح التضحية والفداء والمحافظة على تراث الشهداء وتخليد ذكراهم سنوياً، والمعاني والقيم والمبادئ التي ضحوا من اجلها وإحيائها والعيش بحرية وكرامة .
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني