د.غالب الدعمي
رُشحت من ضمن ستة تدريسيين في الإعلام من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء لتقويم الأداء الإعلامي للحكومة العراقية الحالية للسنوات الأربع الماضية، وفقاً لما جاء في برنامجها الحكومي الذي قدمته للبرلمان لدى التصويت على منح الثقة لها، إلا أن المفاجأة كانت أننا لم نجد أية إشارة لإي برنامج إعلامي للحكومة، وعلى الرغم من ذلك فأننا أدلينا بملاحظاتنا واقتراحاتنا بما لمسناه من تطبيق عملي لهذا الخطاب وأرسلناها عن طريق وزارة التعليم العالي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي أهتمت كثيراً بما رصدناه، ووجهت كتاب شكر لإعضاء الفريق الإعلامي والفرق الأخرى في المجالات الأخرى، وكنا نعتقد أن الحكومة قد أخذت ملاحظاتنا بعين الاعتبار، لكن الطامة الكبرى أن الحكومة كررت أخطائها المشخصة من قبل الفريق الإعلامي في خطابها الإعلامي الموجه إلى التظاهرات الحالية، وعلى سبيل المثال حينما قررت الحكومة قطع الإنترنت وحجب شبكات التواصل الاجتماعي، بررت ذلك بأنقطاع مفاجئ للكبيل الضوئي في قضاء الطوز في صلاح الدين، وخللاً آخر في البصرة أديا إلى هذا الإنقطاع، وأن الوزارة جادة في إصلاح الخلل في أربعة وعشرين ساعة فقط، وتمر الأربعة والعشرين ساعة، ويمر يومان وثلاثة ايام وإسبوع، والحكومة يوميا تتهرب حتى أعلن رئيس الوزراء جهاراً ونهاراً بأن الحكومة هي من حجبت الإنترنت بناء على شكاوى بعضهم، ثم تقول أن خدمة الإنترنت في العراق هي الأفضل من بين دول العالم، وبعضها تحجب الإنترنت عن شعبها، ولدى إعلان مكتب رئيس الوزراء بأنهاء الحجب، قالت الوزارة في تصريح لها: أنها أصلحت العطل وستسعى جاهدةً لزيادة سعات الإنترنت المجهزة للمواطنين، وكأننا في دولة مقسمة الأوصال فالوزير لايعلم بما يقول رئيس الوزراء.
رئيس الوزراء في مؤتمرة الإسبوعي يعلن بأن الحكومة هي من قطع الإنترنت، ووزارة الاتصالات تصرح أنها أصلحت الكَيبل الضوئي، ولم يكن هناك أي قطع للإنترنت أو حجب متعمد لشبكات التواصل من الحكومة، ووزارة الكهرباء تعلن عبر أحدى القنوات: إن تجهيز الطاقة في البصرة يتراوح بين (23-24) ساعة يوميا، في حين أن التجهيز الفعلي هو أربعة عشر ساعة فقط في أفضل الحالات، ومدير إعلام أحدى الوزرات الأمنية يقول: إن الاستجابة لطلبات المواطنين ليس خوفاً منهم، بل التزاماً يمليه الواجب الوطني وكأن الشعب أصبح دواعش كله في نظرهم، ووزارة الصناعة تهب مصانعنا لمستثمرين من دول الجوار مجاناً والمستثمرين بدورهم يعطلوها من أجل تحويل البلد إلى مستهلك لسلع مماثلة تنتجها دول الجوار، ورئيس الوزراء يعد بمراجعة شاملة لمشروع خصصة الجباية، ووزير الكهرباء يقول: وزارتنا ماضية في دعم تجربة الخصخصة.
في ضوء هذا التناقض الكبير تشعر أنك أمام ثمان عشر حكومة وليس امام حكومة واحدة، فضلاً عن جمهوريات الأحزاب التي تسيطر على أجزاء كبيرة من النشاط الاقتصادي، لذا في ظل هذه المعادلة لن تتحسن الأوضاع في العراق وسيبقى الشعب يئن من الأوجاع بسبب سوء الإدارة وتسلط اللصوص.
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- الحكومة والامريكان وإدارة ملف الأموال العراقية