- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تعلَّمتُ مِن الإِمامِ.. في ذِكرى مَولدهِ المُبارك في (١٣) رجب الأَصبِّ - الجزء الثاني والأخير
بقلم: نزار حيدر
[شرعِيَّةُ السُّلطةِ]
البَيعةُ أَو الصَّوتُ الإِنتخابي أَو ما يُعرف اليَوم بصُندوقِ الإِنتخاباتِ كُلُّها ليسَت مصدَر شرعيَّة الحاكِم أَبداً، فقد يحصَل المُرشَّح على أَعلى الأَصوات بالتَّآمر أَو بالمالِ السِّياسي الذي يجمعهُ بطُرقِ الحرامِ وقد يحصَل عليها بالكَذبِ والتَّدليسِ والتَّزويرِ والتَّضليلِ ورُبَّما بالسِّلاحِ والإِبتزازِ.
لقد أَسَّسَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) مِعيارَينِ آخرَينِ للشَّرعيَّةِ:
أ/ الحقُوق والواجِبات
ب/ الإِنجاز والنَّجاحات
وإِلى جانبهِما أَسَّس مفهومَينِ أَو ثقافتَينِ في غايةِ الأَهميَّةِ وهُما:
أ/ الإِعتراف بالتَّقصير
ب/ الإِستقالة وترك مَوقع المسؤُوليَّة
مُعتمِداً بذلكَ على قاعِدتَينِ:
أ/ الحاكِمٌ خادِمٌ [مُوظَّف] فهوَ وكيلٌ وليسَ أَصيلاً
ب/ الشَّعبُ هوَ صاحِبُ النِّعمةِ والفضلِ فهوَ المالِكُ الأَصيلُ
فكانَ (ع) أَوَّلَ حاكِمٍ وصلَ إِلى السُّلطةِ بالبيعةِ وليسَ بالتَّآمرِ أَو بشراءِ الذِّمَمِ والضَّمائرِ ولا بالتَّخويفِ والتَّرهيبِ أَو عن طريقِ عصابةِ [أَهلِ الحلِّ والعقدِ]، وصلَ لسدَّةِ الحُكمِ برصيدهِ الشَّخصي وليسَ بإِنتمائهِ العشائري أَو بسببِ ولائهِ لفُلانٍ أَو علَّانٍ أَو بسببِ سنِّهِ، وأَوَّلُ مَن يرفُضها ويركُلها فترمي بنفسِها عليهِ، وأَوَّلُ مَن يزهدُ بها فتطمعَ بهِ {فَمَا رَاعَنِي إِلَّا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ، يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ} وقسمهِ {أَمَا والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، ومَا أَخَذَ اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ، أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ ولَا سَغَبِ مَظْلُومٍ، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا، ولأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِه أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ}.
يعني أَنَّ شرعيَّةَ خلافتهِ (ع) واضحةٌ وضُوحَ الشَّمسِ في رابعةِ النَّهارِ ومعَ ذلكَ لم يكتفِ بها ليُمارسها على أَرضِ الواقعِ فكانَ أَوَّلَ حاكمٍ يُصارِحُ المحكُومينَ بحقوقهِم وواجباتهِ من دونِ إِغماضٍ أَو تدليسٍ، قائلاً {أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً ولَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ؛ فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ وتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ وتَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا وتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا، وأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ والنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ والْمَغِيبِ والإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ}.
وفي هذا النصِّ أَسَّسَ الإِمامُ لدَولةِ المُواطنةِ عندما خاطبهُم بقولهِ [أَيُّها النَّاس] ولم يقُل مَثلاً [أَيُّها المُؤمنُونَ] أَو [أَيَّها المُسلمُونَ] فالمُجتمعُ المدينةِ متنوِّعُ الخلفيَّاتِ فيهِ المُؤمنُ والكافِرُ والمُنافقُ والمُسلمُ واليهودي والمسيحي والسنِّي والشِّيعي واللَّاديني، ومُتعدِّدُ الإِثنيَّاتِ ومُختلِفُ الإِيدولوجيَّاتِ والحاكِمُ في مُجتمعِ المدينةِ لكُلِّ هؤلاءِ على الرَّغمِ من أَنَّ الذي بايعهُ ثُلَّةٌ مِن لَونٍ خاصٍّ.
وفي النصِّ تثبيتٌ لحقيقةِ أَنَّ مصدرَ الشَّرعيَّةِ الحقيقيَّةِ هو الإِنجازِ وتنفيذِ الواجباتِ وحمايةِ حقُوقِ الرَّعيَّةِ أَوَّلاً.
كذلكَ أَسَّسَ النصُّ لحقيقةٍ في غايةِ الأَهميَّة يغفَلُ عنها كثيرُونَ أَلا وهيَ؛ أَنَّ حقُوقَ الرعيَّةِ تسبِقُ واجباتِها وأَنَّ واجِباتُ الرَّاعي تسبقُ حقوقهُ، بمعنى آخر فإِنَّ الأَولويَّةَ لحقُوقِ النَّاسِ.
وذلكَ يعني أَنَّهُ ليسَ في الأَمرِ مُعضلةُ المتاهةِ [الدَّجاجةُ من البَيضةِ أَم البيضةُ من الدَّجاجةِ] أَبداً فحركةُ الدَّولةِ وعلاقاتُ الرَّاعي والرعيَّة تكامُليَّة تبدأ من إِلتزامِ السَّلطةِ بتنفيذِ واجباتِها إِزاء الشَّعب فإِذا تمكَّنت من إِنجازِ ما عليها من واجباتٍ دستوريَّةٍ وقانونيَّةٍ وقتها يُمكنُها أَن تنتظِرَ منهُ الوَفاءَ والإِجابةَ والطَّاعةَ والنَّصيحةَ وإِلى غيرِ ذلكَ.
ليسَ من حقِّ الحاكمِ أَن ينتظرَ كُلَّ ذلكَ من الرَّعيَّةِ بالإِعتمادِ على الصَّوتِ الإِنتخابي المُجرَّدِ كمصدرٍ للشرعيَّةِ أَبداً.
حتَّى إِعادةِ منحِ الثِّقةِ للسُّلطةِ تعتمِدُ على ذلكَ، فنجاحُ الحاكمِ مُبرِّرٌ لانتظارهِ أَن تُعيدَ الرَّعيَّةَ الثِّقةَ بهِ فتمنحهُ فُرصةً ثانيةً، أَمَّا إِذا فشلَ في إِنجازِ شيءٍ فما عليهِ إِلَّا أَن يترُكَ موقعهُ ويرحلَ من دُونِ التذرُّعِ والتحجُّجِ بحثاً عن شمَّاعاتٍ يُعلِّقُ عليها فشلهُ لها أَوَّل وليسَ لها نِهاية، ليأتي مَن هوَ أَقدرُ عليها منهُ.
ويُبيِّنُ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) فلسفةَ الحقوقِ والواجباتِ في نصٍّ هوَ الأَروع والأَعظم والأَدق في الشَّرحِ والتَّبسيطِ.
يقولُ (ع) {ثُمَّ جَعَلَ (سُبْحَانَه) مِنْ حُقُوقِه حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا ويُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً ولَا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ، وأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحَانَه مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي، فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّه سُبْحَانَه لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ وعِزّاً لِدِينِهِمْ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ، فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ وأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ وقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ واعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ وطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ويَئِسَتْ مَطَامِعُ الأَعْدَاءِ، وإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِه، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ وظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ وكَثُرَ الإِدْغَالُ فِي الدِّينِ وتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى وعُطِّلَتِ الأَحْكَامُ وكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ فَلَا يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ ولَا لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ، فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الأَبْرَارُ وتَعِزُّ الأَشْرَارُ وتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّه سُبْحَانَه عِنْدَ الْعِبَادِ.
فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وحُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْه فَلَيْسَ أَحَدٌ (وإِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللَّه حِرْصُهُ وطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ) بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا اللَّه سُبْحَانَه أَهْلُه مِنَ الطَّاعَةِ لَه ولَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّه عَلَى عِبَادِه النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ والتَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ، ولَيْسَ امْرُؤٌ (وإِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُه وتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُه) بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللَّه مِنْ حَقِّهِ، ولَا امْرُؤٌ (وإِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ واقْتَحَمَتْهُ الْعُيُونُ) بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْه}.
وفي هذا النصِّ كذلكَ ثبَّتَ الإِمامُ حقيقةً في غايةِ الأَهميَّةِ أَلا وهيَ؛ أَنَّ الحقوقَ والواجِبات لا يُمكِنُ أَن تتحقَّقَ على أَرضِ الواقعِ من دونِ تعاوُنِ الرَّاعي والرعيَّة ولا يتحقَّقُ ذلكَ إِلَّا في ظلِّ حريَّةِ التَّعبيرِ والإِعلامِ والصَّحافةِ الحُرَّةِ لترسيخِ ثقافةِ [التَّناصُحِ] التي تعني في جَوهرِها النَّقد والتَّقويم وهذا المُرتكَزُ لا يُمكنُ إِشاعتهُ في المُجتمعِ كثقافةٍ إِذا رأى الحاكِمُ نفسهُ نِصفُ إِلهٍ أَو أَنَّهُ ظِلُّ الله في الأَرضِ أَو وكيلهُ الحصري، فلم يرَ إِلَّا رأيهُ ولم يُصوِّب إِلَّا قرارهُ {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} أَو إِذا استحقرَ المُجتمعُ رأياً واستخفَّ بنقدٍ واستهزأ بوجهةِ نظرٍ.
ولترسيخِ هذا المبدأ أَسَّسَ (ع) لمبدأٍ آخر وهوَ [حريَّة الوصُول إِلى المعلومةِ] والذي اعتبرهُ حقّاً من حقوقِ المُواطنِ بقَولهِ {أَلَا وإِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلَّا أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِي حَرْبٍ} إِذ لا معنى لحريَّةِ التَّعبيرِ إِذا احتكرَت السُّلطة المعلومة الصَّحيحة واحتجزَتها عن الرَّأي العامِّ.
وإِنَّ من أَخطرِ أَسبابِ الإِرهاب الفكري في المُجتمعِ والذي يصنعُ النُّموذجَينِ السَّابقَينِ هو ظاهرة التزلُّف للحاكمِ بتبريرِ سياساتهِ مهما انحرفَت عن الجادَّةِ والسُّكوتِ عن المظالِمِ مهما اتَّسعت وتعمَّقت خطورَتها، ولذلكَ حرصَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) على مُكافحةِ التزلُّفِ والثَّناءِ والإِطراءِ للتقرُّبِ من الحاكمِ على حسابِ الحقِّ والحقيقةِ وحقُوقِ النَّاسِ وواجباتِ الحاكمِ.
لقد كافحَ الإِمامُ ظاهِرةَ [التَّبويقِ] و [التَّصفيقِ] و [التَّلميعِ] في المُجتمعِ فهي برأي الإِمام من أَخطرِ الأَسبابِ التي تُضيِّع الحقُوق.
يقولُ (ع) {وقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ واسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ ولَسْتُ (بِحَمْدِ اللَّه) كَذَلِكَ ولَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّه سُبْحَانَه عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِه مِنَ الْعَظَمَةِ والْكِبْرِيَاءِ.
ورُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ لإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللَّه سُبْحَانَه وإِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وفَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِه الْجَبَابِرَةُ ولَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِه عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ ولَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ ولَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي ولَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي فَإِنَّه مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَه أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْه كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْه.
فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ ولَا آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللَّه مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِه مِنِّي فَإِنَّمَا أَنَا وأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُه يَمْلِكُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيه إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْه فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى وأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى}.
لقد أَسَّسَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) في هذا النصِّ لِما يُعرفُ اليَوم بـ [قواعدِ التَّماس] أَو [أَخلاقيَّات التَّماس] بين الحاكمِ والمحكومِ، برفضهِ بالمُطلقِ لظاهرةِ [المِهوال] وهتافات [علي وياك علي] و [بالرُّوح بالدَّم نفديك ياهو الكان] لأَنَّ هذهِ الثَّقافة الفاسِدة والمُنحرِفة تحُولُ بينَ الحاكمِ والإِنجازِ السَّليمِ وبينَ المسؤُولِ وواجباتهِ الدُّستوريَّةِ والقانونيَّةِ.
إِنَّها كالأَقراصِ المُخدِّرة، وهي لا تنتشِرُ إِلَّا في المُجتمعاتِ الفاشِلةِ.
أقرأ ايضاً
- تعلَّمتُ مِن الإِمامِ.. سَيلُ السُّلطةِ لا تجرِفُ معهُ الرِّسالييِّنَ - الجزء الأول
- الطلاق.. ظاهرة وأسباب - الجزء الثاني
- العجب كل العجب ولمّا يأتي رجب