لا يختلف اثنان على ان ظاهرة الاعتداء على الكادر التدريسي ظاهرة خطرة ومؤشر على وجود خلل في البنية التربوية والاخلاقية للمجتمع، وهذا الامر يتطلب بحث أسباب هذه الظاهرة ونتائجها وموقف المعنيين منها وأثرها على سير العملية التعليمية والتربوية.
وكالة نون الخبرية تناولت الموضوع باهتمام وخصصت له التحقيق التالي:
رئيس قسم علم النفس في جامعة كربلاء الاستاذ أحمد عبد الحسين الازيرجاوي تحدث عن أسباب تنامي هذه الظاهرة قائلا" لا يخفى على احد ان مهنة التعليم من المهام الاساسية في تنمية المجتمع وتطويره فاذا كان المجتمع ينظر لمهنة التعليم نظرة احترام وتبجيل سنجد مجتمعا راقيا والعكس صحيح، وما يثير الاسف اننا نجد في الآونة الاخيرة ان ظاهرة الاعتداء على الكادر التدريسي اخذت تتسع فكثير من الشواهد التي نلاحظها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي او من خلال وسائل الإعلام المتعددة تؤكد ذلك، ولابد من الانتباه لهذا المنعطف الخطير جدا، وأرى من الضروري سن قانون لحماية الكادر التعليمي والتدريسي بدء من رياض الاطفال وصولا الى الجامعات ".
وأوضح استاذ علم النفس " ان اسباب تنامي هذه الظاهرة هي النظرة المتخلفة لدى بعض الاهالي و ضعف الثقافة العامة لديهم مما يجعلهم غير مدركين لخطورة ما اقدموا عليه من سلوك سيء، كما ان البعض من اولياء الامور يوظف نفوذه ومكانته في الضغط على الكادر التدريسي او الاساءة اليه، وهذا تصرف خاطئ، بالإضافة الى ان بعض اولياء الامور لا يعمل على الضبط الذاتي لنفسه، وبالتالي يفقد القدرة على الاتزان الانفعالي في المواقف الصعبة كرسوب ابنه بمادة معينة او تعرضه لحدث ما، ناهيك عن ان ضغوطات الحياه عند بعض الاسر ممكن ان تكون أداة ضغط على سلوك الفرد، فضلا عن عدم اخذ رجال الامن دورهم في حماية الكادر التدريسي ادى الى تفاقم هذه الظاهرة".
ونوه استاذ علم النفس" ان تنامي ظاهرة الاعتداء على الكادر التدريسي يؤثر سلبا على المستوى التعليمي، فعندما يرى الطالب استاذه يهان سينظر باستخفاف الى معلمه مما يولد انتكاسة نفسية عند المعلم او المدرس، وهذا الامر يمكن ان يؤثر على ادائه في المؤسسة التعليمية وبدوره سيؤثر هو الآخر على بقية المعلمين بسبب حالة الاحباط لديه مما ينعكس على العملية التعليمية برمتها".
قوانين فاعلة تحمي الكادر التدريسي
مسؤول الشعبة القانونية في تربية كربلاء الاستاذ فلاح حسن عسكر تحدث عن المواد القانونية التي تحمي الكادر التدريسي وعموم الموظفين قائلا " نظرا لما تمثله الكوادر التربوية والتعليمية من أهمية خاصة باعتبارهم الحجر الاساس في العملية التربوية، ولما يقوم به موظفو وزارة التربية والمراكز التابعة لها من دور مهم وحيوي في دعم واسناد العملية التربوية وبهدف تعزيز وتهيئة الاجواء المناسبة لهم والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم من الاعتداءات والاساءات التي قد تبدر من اصحاب النفوس الضعيفة تقرر تفعيل المواد القانونية التالية: المادة(229) يعاقب بالحبس كل من اهان او هدد موظفا او اي شخص مكلف بخدمة عامة او مجلسا او هيئة رسمية او محكمة قضائية او ادارية اثناء واجبهم او بسبب ذلك, المادة(230) يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة من اعتدى على موظف او اي مكلف بخدمة عامة او مجلس او هيئة رسمية او محكمة قضائية او ادارية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك، وتكون عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنتين اذا حصل مع الاعتداء والمقاومة جرح او اذى، وتكون عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات اذا وقع الجرح او الاذى على قاض او من هو بدرجة مدير عام فاكثر اثناء تأدية وظيفته او بسببها, والمادة(231) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين من منع قصدا موظفا او اي شخص مكلف بخدمة عامة عن القيام بواجباته, المادة(232) يعتبر ظرفا مشددا في ارتكاب الجرائم المبينة في الموارد اعلاه 1- اذا ارتكب الجريمة مع سبق الاصرار, 2- اذا ارتكب الجريمة خمس اشخاص فاكثر, 3- اذا ارتكب الجريمة شخص يحمل سلاح ظاهرا".
مدير مدرسة التيسير الاستاذ علي جواد مهدي قال " ان احد اسباب تنامي ظاهرة الاعتداء على الكوادر التدريسية هو ضرب الطلبة رغم حرمته شرعا ومنعه قانونا، موضحا" هنالك عدة أساليب يمكن ان يتبعها المعلم ليتجنب ضرب الطالب وليمنع حدوث النزاع مع ولي أمر الطالب كإتباع اساليب التشويق في التعليم او ابداء المرونة في التعامل مع الطالب وولي أمره، وعلى ولي امر الطالب ان يقوم بالتنسيق مع الكادر التربوي لمتابعة المستوى العلمي لابنه، وعليه الرجوع الى مدير المدرسة في حال حصول اي مشكلة".
وأضاف مهدي" انصح المعلم ان يطور قابلياته العلمية لينال استحسان واصغاء الطلبة واحترامهم، وان يعمل على تنظيم الدروس تنظيما حسنا يمكن الطلبة من الاستيعاب والحفظ، ومن الضروري ان يتعامل مع الطلبة تعاملا حسنا بدلا من التعنيف".
العقوبة من أجل التعلم
التدريسي الاستاذ حيدر محمد شهيد يعتقد بجدوى عقوبة الطلبة قائلا " هناك اساليب حديثة للتعليم يمكن اعتمادها في تنمية قدرات الطلبة ولا بأس بقليل من الضرب عملا بما اشار اليها علماء النفس والتربويين، ولكي لا يسيء الطالب الادب، ولكن يجب ان يراعي الاستاذ الانصاف والعدالة في ضرب تلاميذه، وان يجعل الهدف من الترهيب هو خلق جيل واعي مثقف وليس جيل مضطرب نفسيا".
أسلوب التشويق
المواطن أمير الخالدي تحدث عن موقفه من الضرب قائلا" لا أؤيد الضرب وانما أؤيد ان يقوم المعلم بنصح وارشاد الطلبة سواء كان على المستوى التعليمي أو الاخلاقي، وعلى المعلم ان يشوق الطلبة لمادته".
وبين" برأي الشخصي ارى ان الضرب يزيد المخاوف لدى الطلبة ويسهم في تنفيرهم من المادة العلمية، وقد يؤدي الى انهيار طموحات الطالب وبالتالي يترك المدرسة نهائيا، وهذا الامر يمكن ان يتسبب بخلق المشاكل بين ولي أمر الطالب والكادر التدريسي".
احترام متبادل
الطالب أحمد علي أبدى رأيه بالموضوع قائلا" ان الاساءة للأستاذ أمر مرفوض ومعيب ولكن ضرب الاستاذ للطالب هو أحد الاسباب التي تسهم في الاساءة الى الاستاذ، وأدعو الاستاذ الى اتباع أسلوب النصح والاحترام مع الطالب، وكذا الحال مع الطالب عليه ان يبادل استاذه الاحترام ويقوم بطاعته والتعاون معه".
تحقيق: عماد بعو
أقرأ ايضاً
- الفساد يقضي على هور الصليبيات جنوبي العراق
- آلاف الشركات الوهمية بالعراق مسجلة بأسماء "مغفلين" تهرباً من الضريبة
- هيئة سفينة النجاة :خمسون عاما من الاصرار على اقامة الشعائر الحسينية بنكهة كربلائية(صور)