- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رسالة مفتوحة الى ساسة التحالف الوطني..التسوية السياسية بين خيارين لا ثالث لهما
حجم النص
بقلم:عامر عبد الجبار اسماعيل.....وزير سابق لعل المتتبع للشأن السياسي في العراق يصاب بالدهشة والاستغراب لنظام التعددية المفرطة الذي لم ينجب منذ 2003 ولحد الان إلا هدر دماء وأموال الشعب وكذلك الخلافات المستديمة بين ساسة الاحزاب بل بين ساسة التحالف الواحد او الكتلة الواحدة او الحزب الواحد مما ادى ذلك الى عدة انشطارات خلفت تحالفات وكتل وأحزاب جديدة ولا تزال المشكلة قائمة دون حلول وهي انعدام الامن والاستقرار السياسي والخاسر الوحيد فيها هو الشعب المغلوب على امره عبر هدر دماء الابرياء و المال العام ان غياب نكران الذات لدى ساسة الاحزاب ولد عقدة الاسماء لديهم فاذا اقترح سياسي ما مشروع معين تجد سياسي اخر يأتي بنفس الفكرة إلا انه يغير اسم المشروع لمصادرة جهود الاخرين وهذا لا ينحصر على الصعيد السياسي فحسب بل حتى على الصعيد الاقتصادي فتجد بعض الوزراء يقوم برفع اسم الوزير السابق من على لوحات المشاريع او حجر الاساس ويضع اسمه وينسب الانجاز اليه وهذه مصادرة لجهود الاخرين مع الاسف الشديد اصبحت سنة سيئة وتغيير الاسماء اصبح نهج من اجل ترضية الساسة المتخاصمين فنجد اسم اجتثاث البعث يتحول الى المسائلة والعدالة ونجد المصالحة تحولت الى المصارحة ثم مصالحة وطنية وصحوة وطنية واليوم تغيرت الى تسوية والتسوية سميت ابتداء تاريخية فقلنا كيف تسمى تاريخية قبل تحقيق هدفها التاريخي عادوا فسموها تسوية وطنية قلنا كيف تكون وطنية وهي واقعة بين الاحزاب مع تدخل دول اقليمية والأمم المتحدة ومن ثم فان الشعب لا توجد لديه مشكلة لكي يتصالح مع بعضه فهل توجد لدينا مشكلة مثلا بين اهل البصرة وأهل الرمادي ام بين اهل اربيل وأهل الموصل ام هي مشكلة بين الحزب الفلاني مع الحزب العلاني او بين السياسي الفلاني مع السياسي العلاني عادوا فأطلقوا عليها التسوية السياسية... في الحكومة السابقة عملت بمشروع المصالحة الوطنية والصحوة الوطنية حتى استحداث وزارة سميت وزارة المصالحة الوطنية وأنفقت هذه الوزارة اموال طائلة وبين الحين والأخر تعلن عن انجاز جديد وتزف بشرى للشعب العراقي (تم انضمام التيار المسلح الفلاني او الجماعة المسلحة الفلانية او او او الى العملية السياسية وقامت الكتائب المسلحة الفلانية بإلقاء السلاح وإعلان التوبة) وتعقد على اثرها المؤتمرات وحضر فلان سياسي وغاب علان والأموال تهدر دون توقف الارهاب ونزيف دماء الابرياء مستمر حتى جاءت الحكومة الحالية فقامت عند تشكيلها برفع المستوى الاداري لمنصب المصالحة الوطنية بعد الغاء الوزارة تم استحداث منصب جديد للمصالحة الوطنية بعنوان نائب رئيس جمهورية لشؤون المصالح الوطنية و تم استحداث مستشارين للمصالح الوطنية وخبراء للمصالحة وايفادات لدول اخرى للإطلاع على تجارب المصالحة عندهم وهدرت اموال كثيرة والمصالحة الفعلية غائبة ونزيف دماء الابرياء وهدر المال العام مستمر وهذا ما يذكرني بقصة (الحارس والجسر)..يقال ان والي ابتلى بحاشية فاسدة فقرر بناء جسر وقد استمر بناء الجسر عدة سنوات وهدرت اموال اضعاف قيمته الفعلية وصبر الوالي عليهم حتى انجز الجسر وعند افتتاحه جاء احد حاشيته قال للوالي يجب ان نعين حارس على الجسر خوفا من عبث المارة عليه ومن الاضرار والتخريب وافق الوالي وعين الحارس وبعدها اخبروه بضرورة تعيين مراقبين على الحارس خوفا من غفلته عن واجبه وبعدها استشاروا عليه بتعيين محاسب مالي ومساعد للمحاسب لتوزيع الرواتب وصرف النفقات على الجسر ثم قالوا يجب تعين مدقق لتدقيق عمل المحاسب ومساعده وعين مساعد للمدقق ثم قالوا هؤلاء بحاجة الى اداري ينضم الشؤون الادارية مع مساعدين له وبعدها قالوا بحاجة الى قانوني ومساعدين له ومستشارين لشؤون الجسر ووووو حتى تم استحداث مديرية عامة للجسر ومن خلال مراجعة موازنة الولاية السنوية تبين ارتفاع مصاريف مدرية الجسر العامة وطلب منهم الوالي ترشيق المديرية لتخفيض المصاريف فاجتمع مجلس ادارة الجسر وقرروا فصل الحارس كونه فائض عن الحاجة (فضائي) واستمرت المديرية العامة بعملها بدون حارس!!!....واليوم المصالحة غائبة والمديريات العامة ومستشاري المصالحة مستمرين في مواقعهم المستحدثة في هدر المال العام والإرهاب مستمر بهدر دماء الابرياء!! وعليه اقترح ورقة عمل متكونة من خيارين لا ثالث لهما لحسم موضوع المصالحة او التسوية: ورقة العمل نظرا لكون المصالحة او التسوية تتطلب تنازل معتدل من قبل الطرفين فلا يمكن لها النجاح اذا كانت بين طرف مع جزء او عدة اجزاء من الطرف الاخر فنجد تنازل الطرف الاول وتحقيق امتيازات لجهات معينة من الطرف الثاني وعمليات الارهاب مستمرة وكلما تظهر جهة تدعي بأنها تتعهد بإيقاف العمليات الارهابية وتحصل على امتيازات وحصص ادارية في الحكومة تظهر جهة اخرى تفجر وترهب في الشارع العراقي وعليه اقترح خيارين لا ثالث لهما وكما يلي: اما: تسوية جزئية عبر تشكيل حكومة الاغلبية السياسية لا الاغلبية الطائفية يتم انشاء كتلة عابرة للطائفية والقومية من التحالف الوطني او بعض مكوناته ومن سياسيين عرب وأكراد من المؤيدين للعملية السياسية واللذين شاركوا مع قواتنا الامنية في تحرير محافظتنا المحتلة من قبل داعش الارهاب وعلى ان يكون لديهم ايمان مطلق بالإصلاحات الفعلية بعيدا عن المحاصصة الحزبية مع فسح المجال للكتل السياسية الاخرى من تشكيل كتلة معارضة في مجلس النواب تقوم اداء الكتلة الحاكمة وإهمال المعادين على ان يتم اتخاذ اجراءات صارمة بحق المجرمين وعدم التأخير في محاكمتهم او في تنفيذ احكام الاعدام على المدانين منهم في موقع الجريمة وبحضور الجماهير او: تسوية شاملة عبرالمصالحة مع اللذين تلطخت ايديهم بدمائنا ان الخطاب الاعلامي للتحالف الوطني يلوح دائما برفضه المصالحة من اللذين تلطخت ايديهم بدمائنا وهذا يعد خطاب انتخابي غير صادق والدليل بان هنالك العديد من اللقاءات مع مدانين ومطلوبين للقضاء العراقي بشكل مباشر او غير مباشر بل هنالك مدانين عندما اقضت المصالح الحزبية لبعض ساسة التحالف الوطني تم منحهم الضوء الاخضر وإعادة محاكمتهم وتبرئتهم من الجرائم المدانين عليها والبعض الاخر تم استثنائهم من قانون اجتثاث البعث (المسائلة والعدالة) وعادوا للعمل السياسي ليتحاصصوا المناصب مع التحالف الوطني والغريب بان اغلب مكونات التحالف الوطني هم من الاحزاب الدينية والمفروض بهم الاكثر تفهما لمبدأ العفو او دفع الدية الشرعية عن المقتول... والسؤال يطرح نفسه اذا المصالحة لا تتم مع اللذين تلطخت ايديهم بدمائنا اذا مع من تكون المصالحة هل تنحصر المصالحة باللذين استغابوا او سبوا او شتموا اعضاء التحالف الوطني ؟؟!! وعليه نقترح ان تكون المصالحة او التسوية مع اللذين تلطخت ايديهم بدمائنا مع ضمان دفع دية المقتول وتعويض الجرحى المعاقين بسبب الاعمال الارهابيين منذ 2003 ولحد الان عبر تأسيس صندوق لا بأس ترعاه الامم المتحدة لكي تلزم بعض الدول العالم المشاركة فيه ولا سيما الداعمة للإرهاب وكما يشارك في الصندوق المدانين الهاربين بقدر دية عدد الضحايا التي صدر حكم القضاء فيه بحقهم وهذا الاجراء ليس غريب عن المجتمع العراقي فهناك العديد من جرائم القتل يتم حسمها عشائريا بدفع دية المقتول (ما يسمى بالفصل العشائري) ويتم تنازل عائلة الضحية لصالح المجرم ويعود الوئام بين الطرفين ولو نجري استبيان الى ذوي ضحايا الارهاب ونخيرهم بين الدية او التعويض او اتباع المزايدات الاعلامية للسياسيين في التباكي على ذوي الضحايا كما حصل مع والدة احد شهداء سبايكر عندما رمت بغطاء رأسها على بعض السياسيين فردوا عليها بالنحيب والبكاء فهل نحيبهم وبكاءهم نفع والدة الشهيد او ابناء الشهيد ام الدية والتعويض مقابل العفو التسامح وعندها يمكن اطلاق العفو العام وتشكيل حكومة شاملة تتعهد ان تكون بعيدة عن المحاصصة الحزبية وفي الختام اود أبين بان الخيار الاول في تشكيل حكومة الاغلبية السياسية هو الاقرب للواقع العملي لان الخيار الثاني اكبر من قدرات التحالف الوطني فكيف لتحالف عجز عن توحيد مكوناته بل اغلب مكوناته متناحرة ومتخالفة على ابسط الامور فيما بينها بان يرعى مبادرة لتوحيد الكتل الاخرى المعارضة معه بل والمعادية له والأدهى من ذلك فان البعض من ساسة التحالف صرح باستعداده لحل مشاكل دول اخرى وعليه فان الخيار الثاني من الصعب تحقيقه ما لم يكن برعاية شخصيات عراقية وطنية غير مشاركة في العملية السياسية مع الامم المتحدة وبمباركة الحكومة ومجلس النواب العراقي وألا فالوضع في العراق يتحول من سيء الى اسوء حتى انهيار العملية السياسية برمتها....
أقرأ ايضاً
- كيف تكفي 10 دولارات احتياجات المواطن؟
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات