اصدر مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء العدد 32 من نشرته الدورية ، وتضمن العدد مقالات تهتم بشأن العراق والمنطقة .
وحصلت وكالة نون على نسخة من هذه النشرة التي جائت في افتتاحيتها خلاصة لثلاث مقالات مهمة للكاتب الاستراتيجي الأمريكي وليام مارتيل يبيّن طريقة التفكير الأمريكية ومشاغل وهموم واحتياجات صانع القرار الاستراتيجي في هذا البلد الذي له مصالح عبر العالم ، الأمر الذي يجب أن يهتم به ويدركه صانع القرار الاستراتيجي العراقي ويرتب عليه الأثر اللازم.
فالكاتب يرى أن الولايات المتحدة تفتقر إلى إطار استراتيجي يحدد دورها في العالم ، ويعتقد بأن مصادر الاضطرابات وانعدام الاستقرار تتمثل بــ (القوى الكبرى) و (القوى الاقليمية المزعزعة للاستقرار) و (مصادر اضطراب اخرى غير متوقعة) .
كما تضمن العدد مقالا بعنوان (القاعدة في العراق: من التنظيم إلى إعلان الدولة) للكاتب: جوناثان ماسترز - نائب رئيس تحرير في مجلس الشؤون الخارجية - ، حيث يستعرض الكاتب أصول التنظيم و قيادته وتمويله و هيكليته واستمراريته ، كما ويشير الى إن الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها حكومة المالكي لتوطيد السلطة في أعقاب الانسحاب الأمريكي قد نفّرت الكثير من الأقلية السنية وزودت القاعدة بالدعاية اللازمة لمواصلة عملها ، الأمر الذي أثار مخاوف لدى الولايات المتحدة ودفعها إلى زيادة التعاون مع حكومة المالكي في مجال مكافحة الارهاب . حيث أن واشنطن ردّت على تزايد نشاطات القاعدة في المنطقة بتكثيفها دعم حكومة نوري المالكي ووحدات مكافحة الإرهاب المرتبطة به بصورة مباشرة، إلى ان الحكومة الانتقالية التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في بداية احتلالها للعراق على أنها إحدى العوامل التي ساعدت على تغذية التمرد ووفرت أرضية خصبة لتنظيم القاعدة وعدد من الجماعات السنية المتطرفة الأخرى في العراق .
وجاء في هذا العدد تقرير خاص منشور على موقع ستراتفور للاستخبارات الدولية بعنوان " شبكات تهريب النفط الإيرانية تستنزف الموارد العراقية " . فمن خلال شبكة من الحلفاء تضم سياسيين عراقيين و اتحادات ونقابات نفطية وميليشيات، تتمتع إيران بموقع جيد للحصول على عائدات النفط من جنوب العراق عبر قنوات غير رسمية. ويسمح لها هذا بالسحب من الخزين الهائل من الموارد العراقية للإبقاء على تأثيرها الإقليمي من جهة و لمواجهة حملة عقوبات خانقة تستهدف صادراتها النفطية . عندما تنمو إحدى الميليشيات أكبر من الحجم اللازم فإن إيران ستجد الطريقة المثالية للحد من قوة هذه المجموعة وذلك بتقوية مجاميع منشقة منافسة و دمج أعضاء الميليشيا في جهاز الأمن وبعض الأحيان حتى في العملية السياسية. إن استراتيجية إيران في إدارة العراق هي تغيير القائد الشيعي البارز الذي تتعامل معه وبهذه الطريقة تضمن إيران بأن لا أحد سيصبح قوياً بما فيه الكفاية ليفكر بالتخلي عن إيران أو الانقلاب ضدها.
وهناك مقال اخر اسمه (الانقسام الطائفي في المنطقة لن يتوقف عند سوريا) للكاتب ماليز روذفن . يقول الكاتب : إن العداء والانقسام الطائفي الحاصل في سوريا حالياً أخذ يلقي بظلاله على جميع معاقل الإسلام في الشرق الأوسط، ليُحيي بذلك صراعاً موغلاً في القدم يرجع في جذوره إلى مراحل مبكرة من التاريخ الإسلامي .
عادة ما تتغلب السياسة الاستبدادية في المجتمعات العشائرية على المصلحة العامة ، فالحكومة في سوريا تدعم نظام العشائر ، والنموذج السوري المفكك الآن هو صورة طبق الأصل مما حصل في العراق قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ، حيث الأقلية العربية السنية المحيطة بصدام حسين فرضت نفوذها على الأغلبية من الشيعة والأكراد . وهناك نموذج مماثل في البحرين حيث آل خليفة السنة يحكمون الغالبية الشيعية المعدمة، أما في المملكة العربية السعودية، فالشيعة هم أقلية مكبوتة. ويضيف الكاتب، ان التحيز العشائري والعرقي هو جزء من العنف الطائفي الذي يسود أماكن متفرقة من العالم .
اخيرا احتوى العدد 32 تقريرا اقتصاديا حول ارتفاع معدلات الفساد في العراق ، حيث ان منظمة الشفافية الدولية ذكرت في وقت سابق أن "العراق ما يزال وبشكل متكرر يحتل مراتب مرتفعة في أغلب مؤشرات الفساد الدولية ، مؤكدة أن هذه "المؤشرات تدلل على أن العراق يقع في ذيل قائمة اقوى الدول إدارة لملف مكافحة الفساد".
وفيما يتعلّق بموضوع مؤشرات الفساد في التعامل مع الشركات التجارية، فقد بيّن مسح أجراه البنك الدولي عام 2012 أن الرشاوى يتم طلبها بنسبة 33.8% في مسألة التحويلات التجارية مع القطاع العام، فعلى سبيل المثال أشار المسح إلى أن 89% من الشركات المتقدمة لمشاريع استثمارية متوسطة في كربلاء، تسعى لتقديم هدايا لمسؤولين في القطاع العام لتسهيل تنفيذ صفقاتها في حين أن 70% من الشركات العاملة في بغداد تعرضت لحالة طلب الرشاوى .
وكالة نون خاص