- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفساد الإداري وإعاقة بناء الدولة الديمقراطية
تعاني الدولة العراقية منذ فترة طويلة من عوامل تردي كثيرة على المستوى السياسي والاقتصادي ومن هذه العوامل ظاهرة الفساد الإداري والذي انتشر كالوباء في جسد الدولة العراقية
يقول الباحث الدكتور جبار محمد الشيخ حمادي بشأن التعريف والتوصيف العلمي لمفهوم الفساد الاداري والمالي ((بانه استغلال النفوذ والثراء غير المشروع او الاختلاس او الرشوة او السرقة او تزوير الانتخابات والتدخل فيها او تعيين الاقارب ويعرفه روبرت كلينجارد في كتابه السيطرة على الفساد بانه محاولة شخص ما وضع مصالحه الخاصة بصورة محرمة او غير مشروعة فوق المصلحة العامة او فوق المثل التي تعهد بخدمتها)) (مجلة التجارة العراقية -الدكتور جبار محمد الشيخ حمادي -العدد الخامس حزيران 2006 ص 44)وطبعاً هذا الفساد له جذوره السياسية الطويلة ولكنه لم يكن يشكل مؤشرا خطرا على المجتمع والدولة ، ففي مرحلة تولي تقاليد السلطة في مرحلة نظام صدام المقبور شهد العراق أبشع أنواع الفساد الإداري بسبب هيمنة السلطة الفاشستية على الدولة العراقية ، وفقدت هذه المؤسسات مصداقية وجودها وكيانها القانوني في الاشراف على شؤون الدولة لأنها لم تمارس عملها الذي يفترض أن القانون يكفلها لها إن ظاهرة الفساد الإداري الذي يستشري الآن في العديد من المؤسسات العراقية له جذور تاريخية ماضيوية ففي مرحلة التسعينيات شهد العراق نماذج كثيرة وبصور عديدة للفساد الإداري واصبحت الدولة مترهلة بسور من التعويضات للدول الاخرى بفعل بربرية النظام الصدامي مما ترك اسوأ الاثارعلى حياة المجتمع العراقي فما معنى وضع موظف دولة كان يتقاضى مرتب ثلاثة آلاف دينارشهرياً أمام تحديات الحياة الصعبة والبلد يعيش في ظل حصار فرضه النظام نفسه على الشعب العراقي إن هذا الوضع الشاذ قد أثر بشكل كبير جداً في ذهن العراقي والقيم الاجتماعية فقد أصبح يتعامل مع قضايا الفساد بشكل لا تشكل حرجاً في حياته ويعللها بصعوبة الحياة فلم يعد يتعامل مع مسألة الفساد الإداري على أنها مسألة تضر بالأمن الوطني وتأثيرها السلبي في قيم المجتمع والسبب معروف هو قساوة الحياة في العهد النظام الصدامي المقبور الذي مهد لأجواء هذا الفساد الإداري وما فضيحة كوبونات النفط الصدامية والتي اشترى من خلالها ذمم الكثير من السياسيين في العالم أجمع وحتى مؤسسة الأمم المتحدة لم تسلم منها الادليل على ذلك والغول الذي خلقته هذه الظاهرة المخيفة فأذن الفساد الإداري والاقتصادي اصبح كالاخطبوط في هيكلية الدولةالعراقية، وبعد سقوط النظام الصدامي المقبور في2003/4/9 كانت تصورات الكثيرين تمني النفس ان هذا الفساد سينتهي في هذه المرحلة الديمقراطية بعد زوال اسبابه من صعوبات حياتية وغيرها وسقوط مسببيه إلا أننا شهدنا تواصل هذا الداء ومع الاسف الشديد في هذه المرحلة يقول الأستاذ غسان العطية رئيس المعهد الديمقراطي للتنمية في حديث اذاعي معه بشأن مسألة استشراء الفساد الإداري أن نظام صدام حسين يتحمل مسؤولية كبيرة جداً بسبب أنه قد فتح شرخاً كبيراً في أخلاقية الفرد العراقي فتحول من عنصر يفترض به ان يستأصل هذا الفساد إلى عنصر فعال في المساهمة في هذا الفساد الإداري بسب الظروف التي فرضها النظام الصدامي على المواطن ، أما في هذه المرحلة التي نعيشها بعد التغيير ، ففي مرحلة وجود الحاكم السياسي بريمر استمر هذا الفساد الإداري بسبب عدم تشديد الرقابة القانونية الصارمة على آليات محاربة ومراقبة الفساد الإداري وبعد تشكيل مجلس الحكم والحكومة المؤقتة وأيضاً الجمعية الوطنية وهي مؤسسة وطنية لم نشهد محاسبة أي مسؤول أتهم بالفساد الإداري لأن العبرة في التفعيل وليس الوجود القانوني) إن الفساد ألإداري داء خطير جداً في جسد أو هيكل أية دولة واعتبره عائقاً كبيراً جداً في سيادة النظام الديمقراطي والذي من خلاله ينبغي بناء دولة مؤسسات شفافة وفعالة وتخلق وعي حضاري معاصر ، ولكن إلى جانب ذلك يجب أن تكون الدولة ومؤسساتها لا تعاني من أمراض بنيوية ومنها بالطبع الفساد الإداري الذي يساهم مع مرور الوقت وعدم ومعالجته معالجة جادة حقيقية في خلق مناخ وبيئة للافساد وخلق المفسدين مما يساهم اكثر في ايجاد السلبيات بصورة كارثية للمجتمع والدولة الامر الذي يستوجب ً أن تفرض الدولة سلطة القانون في كل قضايا الدولة لأنه بدون فرض سلطة القانون تفقد الديمقراطية محتواها وهدفها ان مساوئ الفساد الاداري انه يساهم بشكل سلبي في ضعف فرص الاستثمار داخل البلاد وبالتالي يسبب اضرارا وخسائر للاقتصاد الوطني وانه يساهم بصورة غير مشروعة في اثراء البعض على حساب البعض الاخر وان يساهم في اهدار المال العام الا ان اخطر مايشيعه الفساد الاداري والمالي هو ايجاد ثقافة فساد ادراي ومالي وخلق مناخ اجتماعي يساعد على هذا الفساد ، فأذن محاربة الفساد ألإداري والمالي وكشفه وتعريته ومكافحته أمر مهم جداً ويجب تفعيل عمل المؤسسات المعنية كهيئة النزاهة وباقي مؤسسات البلد وتطبيق العقوبات الرادعة المناسبة بحق كل من تثبت التهمة ضده واياً يكون الشخص المتهم فلا سلطة فوق سلطة القانون((ويمكن مكافحة الفساد الاداري بالشفافية وتشريع القوانين من قبل البرلمان ووضع جهاز رقابي عالي الكفاءة من اصحاب الخبرة من المحاسبين القانونيين وتعرف الشفافية بانها العمل في العلن اي ليس هناك اعمال في الخفاء وصفقات تعقد خلف الكواليس)) ( المصدر السابق 44) ومن هنا ضرورة ممارسة التثقيف وبث الوعي لدى المجتمع والأفراد بمساوئ الفساد الإداري والأضرار التي يسببها والآثار الفظيعة التي يتركها هذا الداء في جسد الدولة والمجتمع وما يشيعه من قيم سلبية لم تعد تلائم المرحلة الديمقراطية التي نعيشها الآن في عراقنا العزيز الذي ينهض ابناؤه النجباء ومن كل اطيافه وقومياته الوطنية من اجل بناء دولة قانون ورفاهية توفر للمواطن كل مايستحقه وهذا حق من حقوقه على دولته والتي يجب ان يتمتع بها كأي مواطن في ظل دولة متحضرة وتسهر على راحة مواطنيها بكل السبل المتاحة ومن هنا نؤكد ونشدد على محاربة الفساد الاداري والمالي لانه قبل ان يتسبب في اضرار للدولة ومؤسساتها يسبب الضرر للمواطن وهذا امر لايرتضيه أي فرد يشارك في بناء دولة القانون والحرية وحريص على على مصالح المجتمع ككل ومن هنا دعوتنا الى محاربة هذا الفساد الاداري والمالي ومحاربة مفاهيمه المريضة .
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية