أدت الحرب الدائرة في المنطقة، لارتفاع سريع في أسعار النفط العالمية، بسبب الطلب المتزايد على النفط، ما سيعود بالمنفعة على الاقتصاد العراقي في المرحلة الراهنة، بحسب خبراء في النفط، الأمر الذي سيوفر فرصة لتعزيز الموازنة، لكن تحذيرات عدة ظهرت من مخاطر توسع الحرب، وتشمل بشكل مباشر أو غير مباشر، إمدادات النفط والمنشآت المرتبطة به، ما سيخلق أزمة كبيرة، قد تنعكس سلبا على اقتصاد وأمن البلاد.
ويقول الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، إن “حرب لبنان ساهمت بشكل ملحوظ في ارتفاع أسعار النفط عالميا، واستمرار هذه الحرب سوف يساهم بشكل أكبر في استمرار الارتفاع، وهذا الارتفاع ينطوي على منفعة اقتصادية ومالية للعراق بالتأكيد، كونه يعتمد كليا على بيع النفط في تمويل موازنته”.
ويضيف الجواهري، أن “اتساع دائرة الحرب في المنطقة خاصة ما بين إيران والكيان الصهيوني بشكل مباشر، سوف يفجر أسعار النفط بشكل كبير، خاصة إذا ما تم استهداف بعض المنشآت النفطية، لكن مع النفقة المالية للعراق من بيع النفط، اكيد سوف تكون هناك اضرار اقتصادية وأمنية وغيرها يتعرض لها العراق جراء هذه الحرب”.
ويتابع أن “إيقاف الحرب في لبنان وتهدئة الأمور في المنطقة، ستعيد انخفاض النفط بشكل تدريجي، لكن هذا الارتفاع هو بسبب الحرب في المنطقة ومخاوف توسعها، فهناك طلب متزايد من الدول غير المنتجة للنفط، وهذا الطلب زاد من السعر، وسوف يزيد أكثر إذا ما امتدت فترة الحرب وتوسعت بشكل أكبر وأخطر”.
وارتفعت أسعار النفط العالمية، خلال الأيام الماضية، وتحديدا بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، وتوجيه ضربة إيرانية لإسرائيل، إلى نحو 80 دولارا للبرميل، بعد أن كانت خلال الفترة القليلة الماضية، بحدود 65 دولارا، وقد سرت تحذيرات من انخفاضها ما يؤثر على موازنة العراق، المقرة بسعر برميل بلغ 64 دولارا للبرميل.
ويعتمد العراق بشكل كلي على الإيرادات النفطية، بالرغم من وجود بنود في الموازنات الاتحادية تتمثل بتعزيز الإيرادات غير النفطية، مثل المنافذ الحدودية والجباية، لكن جميعها لم تفعل بشكل صحيح، وبقيت إيراداتها قليلة، ولا تشكل نسبة يعتد بها.
يذكر أن قرارات أوبك+، تتجه منذ أكثر من عامين نحو خفض الإنتاج، وفي حزيران الماضي، تم الاتفاق على تمديد تخفيضات الإنتاج بمقدار 3.66 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2025، مع إعادة 2.2 مليوني برميل يوميا أخرى من التخفيضات الطوعية تدريجيا ابتداء من تشرين الأول أكتوبر من هذا العام.
من جهته، يبين الخبير في شؤون الطاقة حيدر البطاط، أن “الأسواق العالمية تواجه في الآونة الأخيرة توترات متزايدة نتيجة الصراع في لبنان وغزة، حيث تؤدي النزاعات المسلحة وخاصة في مناطق الشرق الأوسط التي تعد غنية بالموارد النفطية إلى حالة من القلق في الأسواق، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع نتيجة المخاوف من تعطل الإمدادات أو تهديدها”.
ويلفت البطاط، إلى أنه “ما تزال لبنان دولة صغيرة على صعيد الإنتاج النفطي، ولكن موقعها الجغرافي في منطقة الشرق الأوسط يجعلها جزء من التوترات الإقليمية الأكبر التي يمكن أن تؤثر على تدفق النفط من البلدان المنتجة، وأي توسيع للصراع في لبنان قد يؤدي إلى تعطيل طرق النقل أو خلق بيئة من عدم الاستقرار الإقليمي مما يزيد من المخاوف العالمية بشأن أمن الطاقة”.
ويلفت إلى أنه “إذا تصاعدت الحرب تؤثر بشكل مباشر على مسارات تصدير النفط والغاز عبر البحر المتوسط، بالإضافة إلى احتمالية تأثيرها على دول مثل إيران والعراق و السعودية التي قد تجد نفسها في النزاع بشكل أو بآخر”.
ويتابع الخبير في شؤون الطاقة، أنه “إلى جانب الصراع في لبنان، تزايدت الضربات التي توجهها اليمن إلى البواخر في البحر الأحمر والخليج العربي، وهو أمر يزيد من حدة التوترات في المنطقة البحرية الغنية بالنفط، حيث تؤدي هذه الضربات إلى تعطل مؤقت أو دائم لإمدادات النفط المتوجهة للأسواق العالمية، مما يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، خاصة بعد استهداف ناقلات النفط العملاقة أو الموانئ المهمة، وتوسع نطاق الحرب ليشمل مناطق إنتاج وتصدير النفط، سواء من خلال الهجمات المباشرة أو غير المباشرة، يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في السوق العالمي، كما تتأثر خطوط الشحن البحري بشكل مباشر، مما يزيد من تكاليف التأمين على السفن ويؤدي إلى تقليل عدد السفن الراغبة في عبور المناطق الخطرة”.
ويؤكد انه “في ظل هذه التوترات وارتفاع أسعار النفط، قد يحقق العراق فوائد اقتصادية ومالية، كونه من كبار المنتجين للنفط، ويمكن أن ينعكس هذا الارتفاع في أسعار النفط على زيادة إيرادات البلاد، مما يوفر فرصة للعراق لتعزيز ميزانيته العامة وتنفيذ مشروعات تنموية أو تقليل العجز المالي، ومع ذلك، فإن هذه الفوائد تعتمد بشكل كبير على استقرار الإنتاج الداخلي وتوافر البنية التحتية اللازمة للاستفادة من الأسعار المرتفعة، وهذا يشمل ذلك ضرورة الحفاظ على استقرار الوضع الأمني و الاقتصادي في العراق، إذ إن أي اضطراب في الإنتاج أو التصدير قد يؤدي إلى تقليل القدرة على الاستفادة من هذه الفرصة”.
ويصدّر العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، نحو 85 بالمئة من نفطه الخام عبر موانئ في جنوب البلاد، لكن الطريق الشمالي عبر تركيا ما يزال يمثل نحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية.
يشار إلى أن موازنة العراق لهذا العام تجاوزت الـ226 ترليون دينار، بعد إقرارها من قبل البرلمان، وهي أعلى من موازنة العام الماضي البالغة 198 ترليون دينار.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- ما أسباب ارتفاع صادرات الصين للعراق.. وكيف تسببت بصعود الدولار؟
- تسجيل الهواتف النقالة في العراق.. فوائد اقتصادية ومخاطر أمنية !
- ما علاقة التوتر الإقليمي بارتفاع الدولار في العراق؟