منذ أكثر من عشر سنوات والعراق يسعى إلى إنشاء المدن الصناعية في المحافظات، على أمل أن تكون هذه الأماكن مركزا جديدا لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتخليص البلاد من شبح البطالة وتخفيف نسب الفقر وإنعاش الاقتصاد المحلي، إلا أن هذه المشاريع لم تطبّق على أرض الواقع، لأسباب كثيرة تتعلق بمنح القروض المالية.
ورغم المعوقات، كشفت هيئة المدن الصناعيَّة في وزارة الصناعة، اليوم الأربعاء، عن عزمها استحداث 4 مدن صناعيَّة حديثة وبطراز تكنولوجي متطوّر في أربع محافظات، الأمر الذي اثار تساؤلات بشأن إمكانية نجاحها في جذب الاستثمارات الأجنبية دون مضايقتها للصناعات المحلية والاقتصاد العراقي المرهق بشكل عام.
ويعاني قطّاع الصناعة في العراق من واقعٍ متردٍّ، خاصة بعد العام 2003 دفع الى غلق معامل كبيرة ومعروفة الإنتاج وتسريح آلاف العمال مع دخول المستورد الذي يضاهي المحلّي، حتى بات العراق سوقاً رائج للبضائع من مختلف الدول، الأمر الذي جعل من موظفي القطاع الصناعي، عالة على الاقتصاد وعلى الميزانية بعد أن كانت إيراداته تمثل 14% من الناتج القومي.
وذكر رئيس الهيئة حامد عواد محمد، أنَّ "مشاريع جديدة ذات تخصّصات متميّزة سيبدأ العمل بها العام المقبل".
وأضاف أن "القائمة تضم مدينة بابل للصناعات الطبيَّة والدوائيَّة، ومدينة الطيب الصناعيَّة الذكيَّة، ومدينة ديالى الصناعيَّة، ومدينة كركوك"، وفقاً لصحيفة الصباح الرسمية.
وتعتبر المدن الصناعية الخاصة، مناطق محددة جغرافيًّا تخضع فيها الشركات لقواعد خاصة تختلف عن تلك الموجودة في بقية البلاد، وغالبًا ما يُمنح المستثمرون إعفاءات ضريبية، وأخرى من الرسوم وحوافز مالية، حيث تمثل تلك الطريقة وسيلة أساسية لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال والتكنولوجية العصرية وأنظمة الإدارة العصرية في تنظيم التخزين والعمليات التسويقية.
وكان مدير إعلام بلدية الحلة وداد العبادي، أكد في تصريح صحفي سابق، أنه "من المفترض أن يتم تنفيذ مشروع المدينة الصناعية في بابل، في عام 2012 ويكون بديلا عن الحي الصناعي المتهالكة أبنيته وإبعاد هذه الورش الصناعية عن داخل المدينة"، مبينا أن "المشروع لم يسر كما مخطط له، وواجه التلكؤ بسبب التخصيص المالي، إذ تم شراء الأرض في بادئ الأمر من قبل المواطنين، ولكن وزارة المالية رفضت تخصيص المبلغ المطلوب وبقي هذا الملف معلقاً، والآن هي معروضة كفرصة استثمارية، وتبلغ مساحتها 50 دونماً".
وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص في العراق، شهدت توقفا، بل وانهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من تيار كهربائي أو حماية لازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على السوق العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.
يشار إلى أن العراق يمتلك شركات رسمية ما زالت فاعلة ومنتجة، مثل النسيج والصناعات الكهربائية، التي تحمل أسماء "عشتار" و"القيثارة" لمنتجاتها، فضلا عن المواد الغذائية، مثل الألبان، لكن منتجاتها تباع في مراكز الشركات، أو مكاتب محدودة فقط، ولم تصل للسوق للمحلية، التي تزخر بالبضائع المستوردة.
وغالبا ما يتصدر العراق منذ عام 2003، قوائم المستوردين لمختلف البضائع الصناعية والزراعية، سواء من تركيا أو إيران، إلى جانب احتلاله مراتب متقدمة كمستورد من الأردن ودول الخليج، فيما بلغ حجم استيراداته من الصين بنحو 50 مليار دولار.
وأسهمت عوامل كثيرة في تدهور الصناعة أبرزها تولي مناصب المسؤولية من قبل شخصيات لا تتسم بالكفاءة بسبب المحاصصة الطائفية وتشجيع الطبقات السياسية على الاعتماد على الاستيراد لتمرير صفقات الفساد.
يذكر أن شركات وزارة الصناعة والمعادن، كانت تمدّ السوق قبل 2003 بحاجته، أما الآن فقد تراجعت لأسباب عدة أبرزها فتح أبواب الاستيراد وانعدام القيود الرقابية، وخلق منافسين كثيرين للمنتج المحلي، على الرغم من جودة الأخير وخضوعه للسيطرة النوعية.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- ارتفاع أسعار الدولار في العراق