منذ أن بدأ النبع البشري بالتدفق على بقاع الأرض فاضت أرض العراق بتوالي الجماعات البشرية؛ وفي كل بقعة من هذا الوطن ترى مرقداً ومسجداً ومعبداً مشيداً وقلعة منتصبة وأطلالَ قصورٍ لِمماليك بائدة وإمبراطوريات قديمة لكل منها قصة وحكاية، ولمدينة كربلاء المقدسة التي خصها الله وشرفها بسيّد الشهداء (عليه السلام) حصة كبيرة من الكنوز والآثار الحضارية كمنارة موجدة وكهوف الطار وقصر شمعون وكنيسة الأقيصر وخان العطشان وخان النخيلة وحصن الاخيضر الواقع على الجانب الجنوبي الغربي لكربلاء والمشيد على بادية رطبة خضراء اخذ اسمها من اخضرار الأرض التي شيد فوقها (بحسب بعض المصادر التاريخية) وقيل البعض الأخر أن (الأخيضر) محرفة من اسم (الاكيدر) أمير من أمراء كنده.
كثرت الروايات عن عائدية هذا المعلم المعماري النادر، الذي يبعد عن مركز كربلاء (50) كم، وعن مدينة عين التمر (20) كم، حيث يقول المؤرخ سعيد رشيد زميزم لوكالة نون الخبرية، إن "الحصن يشكل تحفة فنية رائعة ورائدة، واختلف المؤرخون في تحديد العهد الذي شيد خلالها، فمنهم من قال شيد في العهد الساساني والبعض رجّح بنائه إلى صدر الإسلام والبعض قال في العصر الأموي وقيل أيضاً في العصر العباسي، إلا أنه لدى البحث والتحميص والتدقيق لعدد كبير من المؤرخين اتضح بأنه يعود إلى العهد العباسي، والدليل الذي اعتمدوا عليه أن القصور التي شيدها العباسيون شبيهه بهذا الحصن، ومن الدلائل التي تؤكد أنه يعود إلى العهد الإسلامي وجود المسجد داخله، وتشابه بنائه مع آثار سامراء، ولم يتم التثبت من ذلك بصورة جازمة".
وعن الغرض من إنشاء الحصن، يبيَّن زميزم لوكالة نون الخبرية أن "الآثار تدل على الغرض من الحصن للدفاع، لان دائماً ما كان الروم يستهدفون البلاد العربية ومنها العراق وبما انه في الصحراء فيشكل صد منيع لرد للغزوات، وموقعه الاستراتيجي المميز وسط البادية التي تشكل نقطة التقاء الكثير من الطرق التجارية الرابطة من الكوفة وصولاً للبحر الأبيض المتوسط، وطريقه إلى مكة المكرمة من جهة أخرى، يشير إلى أن استخدامه كان لدار استراحة وحماية القوافل التجارية".
ويضيف أن "المادة التي شيد منها الحصن هي الحجر الكلسي الذي يجلب من عين التمر، وفيه خصوصية ودرجة مقاومة عالية تجعله يصمد أمام حشرة الأرضة والرطوبة، ويشكل الحصن عمارة عملاقة وضخمة يحيط بها سور كبير وتحد زواياه أبراج نصف دائرية، كما يحتوي على قاعة مستطيلة الشكل، وأواوين وأبنية وغرف ومخازن وأروقة وسلالم خارجية وداخلية، ومسجد مستطيل الشكل بمحراب".
ابراهيم الحبيب - كربلاء
أقرأ ايضاً
- وسط دمار مدينة النبطية :مساعدات العتبة الحسينية الطبية والغذائية تصل مستشفى نبيه بري الحكومي(فيديو)
- فزعة "حسينية كربلائية" :العتبة الحسينية تأوي النازحين اللبنانيين واهالي كربلاء يساندون جهودها
- فيديو:قصة رفع اول علم عربي وسط كربلاء بعد اربعين يوما من ثورة العشرين