منح قطع أراض من دون خطط بلدية وتصاميم تخطيطية تسبق عملية التخصيص، يحول دون تسليمها لمستحقيها، وفيما وصف نائب تلك الإجراءات بـ"غير الشفافة"، أكدت أمانة بغداد، عدم وجود أراض شاغرة، في حين رأى مراقب أن تلك المبادرات لغرض الاستثمار الانتخابي.
ويقول عضو لجنة العمل النيابية، أمير المعموري، إن "قضية تخصيص الأراضي يشوبها الكثير من التعقيد وعدم الشفافية، فلو كانت الإجراءات تسير بشكل طبيعي فإن مبادرة السوداني جيدة، لكن وفق الآليات الموجودة فإن قطع الأراضي يصعب تخصيصها".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مطلع الشهر الجاري، الموافقة على منح أراض سكنية للوزارات والأجهزة الأمنية، على اتخاذ ما يلزم بشأن تخصيص وتوزيـع أراض سكنية لموظفي الوزارات والأجهزة الأمنيـة والعسكرية وهيئة الحشد الشعبي ومفاتحة الجهات ذات العلاقة وفق القانون والقرارات التشريعية النافذة، كل حسب اختصاصه بالتنسيق مع الجهات أعلاه لضمان تحقيق العدالة فـي شمول كافة منتسبيهم، مشيراً إلى أن ذلك جاء تثمينا لجهودهم المبذولة في الدفاع عن أرض الوطن.
ويتحدّث المعموري عن "عدم وجود آلية شفافة وصحيحة لتوزيع الأراضي على مستحقيها حتى الآن، فليس هناك رقم أعلنته البلديات في المحافظات عن عدد الأراضي الشاغرة، قد يكون الأمر مختلفاً بين محافظة وأخرى، لكن الصورة غير واضحة في أغلب محافظات الفرات الأوسط، ولا وجود لأراض جاهزة للتخصيص".
ويضيف أن "جميع المحافظات مطالبة بجرد عن جميع القطع وكشف مواقعها، حتى يتم التخصيص فالدوائر المعنية كالبلديات والمحافظات لا تمتلك خطة لعملية الاستملاك ولا عملية الفرز، ونحن نتحدث عن مناطق زراعية بأكملها تحولت إلى سكنية ومازال تجريف البساتين والمناطق الخضراء مستمرا، وما يبنى في الأراضي الزراعية غالباً ما يكون من دون خدمات ماء وكهرباء وصرف صحي بالنتيجة تظهر المساكن عشوائية".
ويلفت عضو لجنة العمل النيابية، إلى أن "ما يلاحظ على مسألة توزيع الأراضي، عدم وجود عدالة اجتماعية وهي مخالفة للمادة 14 من الدستور، إذ أن هناك تفضيلا لشريحة على أخرى وثمة قطع متميزة توزع لأشخاص دون آخرين، والكثير من المخالفات التي رصدناها".
يذكر أن توزيع قطع الأراضي كان من أبرز ما رافق كل الحكومات المتعاقبة بعد 2003، حيث جرى شمول أغلب الموظفين وبعض الفئات بهذه الأراضي، لكن بعض الموظفين لم يستلموا أراضيهم رغم مرور سنوات على صدور القرارات الخاصة بهم.
وقد شملت بعض قرارات توزيع الأراضي، منح المسؤولين قطع أراض مميزة وبأسعار كبيرة، ومنها قطع الأراضي التي وزعت لأعضاء المحكمة الاتحادية والقضاة، حسب ما كشفت وسائل اعلام محلية في وقت سابق.
وفي بغداد، يذكر مدير عام العلاقات والإعلام في أمانة العاصمة محمد الربيعي، أن "الأمانة لا يوجد فيها أراض شاغرة بغية توزيعها على الشرائح المشمولة بتخصيص قطع الأراضي السكنية، وهذه هي المشكلة الرئيسة التي تعترض إتمام عملية التخصيص، إضافة إلى أن الأمانة تختص بتوزيع قطع أراض متميزة لدرجات خاصة أو لموظفي الأمانة والشخصيات من مكتب رئيس الوزراء".
ويضيف الربيعي، أن "محافظة بغداد هي الجهة المسؤولة عن منح الأراضي للشرائح الأخرى كالقطع التي خصصت لعوائل الشهداء وبقية الشرائح، إلا أن أي منح للأراضي متوقف حالياً، بسبب عدم إكمال الإحصاءات والتصاميم التخطيطية التي تسبق عملية توزيع الأراضي".
بدوره، يشير المحلل السياسي فلاح المشعل، إلى أن "منح قطع أراض سكنية لمنتسبي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي هو استحقاق طبيعي لكل مواطن حتى وإن كان خارج الوظيفة، فالمواطن بصورة عامة يحتاج إلى سكن، ومن الطبيعي، كما نص الدستور، أن يكون العراقيون جميعا متساوين في القانون، لذلك لا ميزة للموظفين على غيرهم وهو حق مشروع".
ويضيف المشعل، أن "السوداني بموافقته على منح أراض لمنتسبي الوزارات والقوات العسكرية والأمنية والحشد فإنه استحقاق وليس منة، ولكن اعتقد أن هذا الملف قد تكرر كثيرا فقد حصل في عهد رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، ومن قبله نوري المالكي ولكن انكشف زيف هذه المبادرات بمرور الزمن ولم يتسلم أي مستحق قطعة الأرض خاصته".
ويتابع أن "حملات توزيع الأراضي غالبا ما تكون استثمارا لموسم انتخابي، غير أن الرهان اليوم غير معلوم حتى الآن مع السوداني، ففي حدود معرفتي أن الأراضي الشاغرة والجاهزة للتخصيص في بغداد منعدمة، والتوزيع ربما يصار إلى خارج العاصمة".
ويكمل المشعل، أن "الفترة القريبة الماضية شهدت حديثا عن توزيع أراض للصحفيين وجرى استثناء فكرة مسقط الرأس، لكن الصحفيين صودرت فرحتهم لأنهم أثناء المراجعات العملية والميدانية تبين لهم أن أي أرض غير جاهزة للتخصيص حتى الآن، أو أن القضية في طور البحث عن مساحات شاغرة، والآلاف من الصحفيين مازالوا ينتظرون".
وكانت نقابة الصحفيين أعلنت في آب الماضي موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على تعديل ضوابط تخصيص الأراضي السكنية للصحفيين، وذكرت أن السوداني وافق على طلب النقابة بشأن تعديل ضوابط وشروط تخصيص قطع الأراضي السكنية للصحفيين في بغداد باعتماد مسقط الرأس أو مقر العمل أو مكان السكن، لافتة إلى أن هذا القرار الوطني والإنساني سيوفر سكناً ملائما للصحفيين وعوائلهم من الذين لم يسبق لهم الحصول على قطعة ارض سكنية بسبب التعليمات السابقة التي جرى تعديلها وفقا لموافقة رئيس الوزراء.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- نينوى تخسر 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستثمار الجائر والتوسع العمراني
- مؤسساتها تعيل الفقراء والمتعففين :هيئة خدمة اهل البيت منعت في العراق ففتحت فروع لها في ايران وسوريا
- تسعيرة حكومة بغداد المحلية للإعلام فقط.. أصحاب المولدات الاهلية لم يلتزموا بالتسعيرة الجديدة