ما ان تطأ قدمك قاعات متحف شبكة الاعلام العراقي حتى تنتقل بسرعة الى عبق تاريخ الصحافة والتلفزيون والاذاعة عبر مقتنبات نفيسة وواغلة في القدم، فهنا جهاز موسيقى استخدم منذ اكثر من قرنين من الزمان وهناك مسجل كان يستخدم منذ نصف قرن وعلى يسارك صحف اصفر لون ورقها صدرت في العام (1911)، ومجلات للاطفال والكبار وللفنون والسياسية والرياضة التي كانت بصمة لامعة في تاريخ العراق، وتنقلك قدميك الى كاميرات صورت بها مسلسلات عراقية قديمة مشهورة وفي ركن من المتحف محاكاة مطابقة للاستوديو الذي انطلق منه اشهر برنامج رياضي في العراق "الرياضة في اسبوع" كل ذلك جمع بجهود مضنية وشخصية ومؤسساتية ليكون متحفا مختصا عراقيا خالصا.
الخطوة الاولى
تسرد مسؤولة المتحف مينا أمير الحلو لوكالة نون الخبرية الفكرة والتأسيس وما وصل اليه المتحف بقولها ان" فكرة المتحف بدأت منذ اربع سنوات عند زيارة المرسيقار نصير شمة الى مقر شبكة الاعلام العراقي ومن ضمنه هذا المبنى العريق الذي كان يسمى معهد التدريب الاذاعي والذي اسس في العام (1972) وولدت فكرة تخصيص قاعة واحدة توضع بها بعض الاجهزة التي تؤرخ تاريخ الاذاعة والتلفزيون فوجدوا ان البناية كبيرة وممكن اعادة تأهيليها لانها كانت مهملة تماما فصار اتفاق مع رابطة المصارف العراقية لتمويل المشروع واعيد تأهيل البناية وخصصوا ايضا مبلغ صندوق تمكين للديكورات الداخلية وبدأ العمل بجمع الاجهزة وكانت الخطوة الاولى العمل بخطين وهما الاعتماد على مخازن شبكة الاعلام العراقي وما فيها من اجهزة ومعدات مستهلكة ومستعملة واستعنا بالمهندسين المختصين ممن يعمل في الشبكة او أحيل على التقاعد وشكلنا لجنة لتسمية الاجهزة وبيان مواصفاتها وكان عمل مثمر، والامر الاخر التحرك على دوائر اخرى لديها معدات قديمة مثل مجلس النواب والمحطة القديمة في قصر المؤتمرات، وكذلك المشاهير من الفنانين والاذاعيين والصحفيين وغيرهم ممن يحتفظ بمقتيات قديمة، وفي البداية كان هناك تخوف من المشاهير في التبرع بالمقتنيات العزيزة على قلوبهم للمتحف بسبب عدم وضوح الصورة لديهم وتولد الثقة عندهم، لكن بعد الافتتاح الرسمي للمتحف وعرض المقتنيات ومشاهدتهم للمتحف بدأوا بالتبرع حتى وصل حجم التبرع بالاجهزة والمعدات والصور والصحف بشكل مهول نستطيع ان نفتتح به قاعات جديدة كثيرة ".
اقدم المقتنيات
وتبين الحلو ان " اقدم ما موجود في المتحف هو جهاز موسيقى يعود تاريخ صنعه الى اعوام (1800) ميلادي حيث كانت الموسيقى تسجل على سلك وليس على شريط وكذلك بلبل الاذاعة الذي استخدم عام (1936) الذي كان البث يفتتح بصوته ويعرفه جميع العراقيين، ولدينا نسخة من القرآن الكريم الذي كان يقرأه قارئ القرآن الكريم في البث المباشر الذي كان معمول به حينها في نهايات اعوام الاربعينات وحسب ما اخبرتنا المذيعة الرائدة (امل المدرس) انهم كانوا يعتمدون على التصحيح اللغوي للمواد التي تبث على هذه النسخة، وجمعنا (210) جهاز لكن بعد الفرز للصالح للعرض اصبح لدينا اجهزة كثيرة مستخدمة في اعوام الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ومعروض لدينا الكاميرات التلفزيونية التي صورت بها مسلسلات الهاجس ونادية والاماني الضالة قبل اربعين عاما، كما لدينا محاكاة لاستوديو الرياضة في اسبوع للرائد التلفزيوني الراحل مؤيد البدري الذي انطلق عام ( 1963) اعتمدنا فيها على صورة قديمة وعملنا نفس شكل الديكور المطابق والكاميرات والمكسر، اما فيما يخص الصحافة العراقية فتوجد في المعرض نسخ مطبوعة عام (1911) وصحف اخرى ومجلات قديمة جمعت من ارشيف الشبكة وتبرعات من اشخاص وعرضت على شكل لوحات و(فاتيرنات) بتخصصات صحافة الطفل والثقافة ومجلة الاذاعة والتلفزيون ومن المعروضات نسخ ارسلت من اشخاص عراقيين يعيشون في الخارج، اما مقتينات الاذاعة فعرضت بنصف قاعة وهي بنوعين (الهوم سيستم) اي جهاز التسجيل البيتي والاذاعي واجهزة التسجيل بالبكرة والكرامافون".
قاعات جديدة
وتستمر الحلو في شرح خطوات مستقبلية لتطوير المتحف بالقول اننا " نفكر الان بافتتاح قاعة جديدة اذا توفرة لنا المواد الكافية والا نوفر جدار او جدارين نخصصها لفن الكاريكاتير في العراق لان هذا الفن كبير ومشهور في العراق، وبدأنا نجمع الاعمال وهناك من ارسل لنا اعمال عراقية من خارج العراق، لاسيما اننا وبعد (16) شهرا اصبح علينا اقبال جيد من الجمهور مع الاخذ بنظر الاعتبار ان مواعيد عملنا محددة بالدوام الرسمي، ولدينا زوار كثيرين من المثقفين العراقيين من الكتاب والفنانين والعاملين في مجال الفن لانهم يعتبرون هذا المتحف هو مكان ما عملوا فيه، وهناك الكثير ممن قدموا ما لديهم هدية للمتحف واتذكر منهم المذيعة امل المدرس التي اهدت مجلات الاذاعة والتلفزيون وعماد آل جلال وعائلة الفنان الراحل يوسف العاني التي اهدتنا ارشيفه الخاص والمخرج صلاح كرم الذي اهدى كاميرا صورت بها المسلسلات القديمة، وحاليا تبرعت الفنانة هند كامل براديو قديم وستتبرع بالارشيف الخاص بزوجها المخرج الراحل فيصل الياسري لاكمال قاعة خاصة نعمل عليها للمقتنيات الخاصة بالفنانين، وكذلك تبرع الدكتور حكمت البيضاني ومجاهد ابو الهيل الذي بدأت الفكرة مع تولية ادارة الشبكة وتبرع بمقتيات للمتحف وسعدي توفيق تبرع بعود ، وتبرع المخرج خطاب عمر بـ(بلبل الاذاعة) الذي كان يبتدأ البث الاذاعي بصوته والقرآن القديم اهدته الرائدة هدى رمضان بعد ان انقذته من الحريق الذي اصاب المبنى، وابنة التشكيلي الراحل نوري الراوي التي تبرعت بصور واخبرتنا بفكرة اقدم فلم عراقي كامل (سعيد افندي) التي كان والدها يرسم صور السكربت، وهناك الكثير ممن تبرع للمتحف حتى وصل الى ما هو عليه الآن".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- آوى النازحين والزائرين :موكب من واسط يقدم خدماته لزوار الحسين في كربلاء منذ (17) عاما
- يسكنوها منذ 30 عاماً.. أهالي منطقة "الراية" في بغداد يطالبون بمنحهم سندات ملكية
- بالصور:افتتح في العهد العثماني الحاج زبالة يسقي زبائنه شربت الزبيب منذ (123) عاما وسط بغداد