ما ان يحل الظلام حتى تدب الحركة والنشاط من جديد في اوصال مدينة النجف الاشرف هذه المدينة التي تكاد تكون شبه معطلة خلال ساعات النهار الطويلة تشهد مع حلول اليل حركة نشاط واسعة في الاسواق والمساجد خصوصا في مرقد الامام علي (ع) ومسجدي الكوفة والسهلة ، والى جانب هذه الحركة والنشاط يوجد في المدينة حراكا من نوع اخر حرمت منه المدينة مدة طويلة بسبب تسلط الانظمة الدكتاتورية واسقاطات الحصار والحروب التي مرت على العراق هذا الحراك يتمثل بعودة الحياة للمكتبات والمنتديات الثقافية وفكرية ، ففي كل ليلة هناك في اماكن عديدة من المدينة محاضرات وامسايت رمضانية تسلط الضوء على اهم التحديات الفكرية والثقافية التي تواجهة الامة يلقيها اساتذة ومختصين بالفكر والتاريخ الاسلامي .
هذه الامسيات يتنوع فيها الطرح بين الدعوة الى ضرورة اعادة قراءة التاريخ في ضوء العلوم الجديدة للخروج برؤية واضحة ترفع اللبس الموجود في كثير من حوادث التاريخ ، وبين الدعوة الى تحقيق التراث الاسلامي والوقوف على المشاريع الفكرية والنهضوية الاصلاحية في التاريخ الاسلامي ، وبين ضرورة انتاج خطاب اسلامي جديد يعنى بتجديد الفكر الاسلامي .
ففي احدى هذه الامسيات في المكتبة الادبية المختصة طالب استاذ التاريخ الدكتور حسن الحكيم باعاد كتابة التاريخ لانه تعرض للكثير من التشويه لاسباب عدة من بينها ان التاريخ كتب لتسلية السلاطين والامراء فشابة الكثير من حوادثه الخرافة والابتعاد عن الحقيقة لاسباب كثيرة من بينها ان التدوين لم يظهر في التاريخ الاسلامي الا بعد مرور كثر من قر ونيف بعد سقوط الدولة الاموية اضافة الى دعم الحكام في تللك الحقب الى التعمد لتشوية بعض الحوادث التاريخية لاهداف سياسية واجتماعية لذالك جائت الكثير من الحوادث التاريخية متلابسة احيانا وبعيدة عن العقل والمنطق في احيان اخرى .
[img]pictures/2011/08_11/more1313309251_1.jpg[/img][br]
كحادثة سقوط بغداد على ايدي المغول فان التاريخ المدون يذكر بان جانب الكرخ الذي يسكنة الشعية كان مؤيد للمغول وهو مغالطة تاريخية حسب الدكتور الحكيم واورد لذالك ادلة وشواهد قائلا : ان المغول استباحوا لدى دخولهم بغداد قبر الامام الكاظم وهذا يدعو للتسائل فلو كان للشيعة حضوة عند المغول لاحترموا امام مهم ثم ان تاريخ سقوط بغداد لم يدون الابعد مرور نحو مائة عام بيد ابن كثير وهو ليس عراقيا وانما من اهل الشام يضاف لذالك ان كلمة الكرخ كان المقصود منها الكرج فنقطة واحدة غيرت المعنى بشكل كامل وقد ورد ايضا بتاريخ ابن كثير ان ما قتل في بغداد الف الف وثمان مائة الف وهو عدد كبير غير قابل للتصديق لان حدود بغداد في ذالك الزمان كما تدل الاثار الموجودة رقعة ليست بكبيرة وبالتالي لا يعقل ان تحتوي هذا العدد الكبير وايضا ان اهل بغداد كانوا يعلمون بقدوم المغول وبالتالي العقل يفرض ان الكثير من اهل بغداد يهربون منها .
كذالك في ما يتعلق بثورة الامام الحسين (ع) فبض الخطباء ينقلون امروا غير قابلة للتصديق ولا يقرها العقل والمنطق عن تللك الثورة الخالدة .
ويضيف الحيكم نحن امام مسؤلية كبيرة وعلينا اعادة قراءة التاريخ وتطهيرة من المغالطات وفق المنهج الجديد لعلم التاريخ الذي لا يقبل بالنظرية السائدة قديما قيل وقال وانما يعتمد المنهج الجديد اما واما باسقاط الخيارات المتعددة باعتماد احدها وبالتالي لا يمكن جمع المغالطات وتسويقها للقراء .
وفي هذه الامسيات الرمضانية جائت مطالبات باعادة قراءة التراث والفكرالاسلامي وتجديده لانتاج خطاب اسلامي جديد واعادة قرائة النص الديني وفق نظرية الزمان والمكان والظروف المحيطة به تبنته الباحثة الدكتور والنائبة في البرلمان بتول فاروق مشيرة الى ان الجمود الفكري لدى المسلمين جعلهم عالة على الغرب حيث ان كل ما لدينا من علوم انسانية وفكرية واجتماعية وسياسية وغيرها في اكاديمياتنا وكلياتنا هو من الغرب باستثناء العلوم الدينية الصرفة كالفقه والاصول .
وقالت فاروق ان من بين الأسباب التي قادت إلى الجمود هو صعوبة تطبيق المنظومة الفقهية على ارض الواقع فهي لون من ألوان الافتراضات تبنى على الاحتمالات كما شاع في القرن الثاني الذي سمي بفقه النظرية الذي يفترض حوداث ويعطي لها احكاما او ما موجد حاليا من دراسة فقه العبيد والبئر وهي امور لم يعد لها وجود على ارض الواقع .
منوهة ان لبعض العلماء في العالم الاسلامي الدور الأكبر في التراجع والتخلف الذي أصاب المسلمين حيث ان منهم من يقف على باب السلطان الجائر ليسوغ له أفعاله وجرائمه ، واخرين ابتعدو عن السلاطين ولكن وقعوا اسرى للشارع .
لذالك ارى بان اعادة قراءة النص الديني إحدى الوسائل للتجديد ، مضحة بقولها : هنالك تراكمات فكرية واجتماعية ونفسية يسقطها القارئ على النص عند قرائته وبذلك يفسر النص بما يتوافق مع اهتماماته وهي ليست بالضرورة أن تكون متفقة مع الآخرين ، غافلا عن العلاقة المنظومية للنص فالقراءة لا بد ان تحيط بظروف النص من الزمان والمكان والحالة التي صدر بها النص .
المثقفون في المدينة الذي يتابعون بشغف يستمعون ويشاركون في هذه الندوات لبلورة اراء وافكار جديدة من شانها النهوض بالواقع الفكري والثقافي للمجتمع اكدو ان هذه الايام تذكرهم بايام العراقيين التي سبقت الانظمة الدكتاتورية وهي دليل عافية للعقل العراقي الذي بقى اسيرا مدة طويلة وجاء الوقت ليتحرر من القيود التي فرضت عليه .
أقرأ ايضاً
- يدخلان العراق لاول مرة العتبة الحسينية توفر جهازي الروبوت الجراحي والرنين المفتوح
- دراسة: عدوى "كوفيد-19" الشديدة تقلص الأورام السرطانية
- ظهور إصابة طفيفة في بساتين كربلاء بحشرة سوسة النخيل الحمراء