على مر تاريخها، مرت بلاد الهند بالعديد من المجاعات التي أسفرت عن سقوط عشرات ملايين الضحايا. وإضافة لمجاعة تشاليسا التي أسفرت ما بين عامي 1783 و1784 عن سقوط نحو 11 مليون ضحية ومجاعة عامي 1791 و1792 التي توفي في خضمها أكثر من 9 ملايين شخص، يذكر التاريخ مجاعة البنغال التي أدت خلال فترة وجيزة لوفاة نحو 10 ملايين شخص بالمناطق التي تضم بيومنا الحاضر دولة بنغلاديش وولاية البنغال الغربية بشمالي الهند، إضافة لأجزاء من ولايات آسام وأوديشا وبهار وجهارخاند الهندية.
ظهور المجاعة
عقب حصولها على مدينة كلكتا بفضل الأمير المغولي وحاكم البنغال وأوديسا شاه شجاع، بسطت شركة الهند الشرقية البريطانية بحلول منتصف ستينيات القرن الثامن عشر نفوذها على أغلب مناطق البنغال وتمكنت بفضل بعض المعاهدات من الحصول على امتيازات اقتصادية وجبائية بالمنطقة. وتدريجيا، اتجهت شركة الهند الشرقية البريطانية لزيادة قيمة الضرائب مسجلة بذلك أرباحا جبائية تجاوزت 30% مقارنة بالسنوات الفارطة.
عام 1768، سجلت نسبة المحاصيل انخفاضا بالبنغال. وخلال العام التالي، مرت المنطقة بظروف مناخية رديئة أفسدت قسما كبيرا من المنتجات الزراعية وهددت حياة الأهالي الذين لاحظوا خلال الأشهر التالية ارتفاعا غير معتاد لأسعار المواد الغذائية.
ووسط تجاهل مسؤولي شركة الهند الشرقية البريطانية لما يحصل، عاشت منطقة البنغال على وقع مجاعة بلغت أشدها خلال العام 1770. فبناء على تقارير تلك الفترة، فارق الآلاف يوميا الحياة بسبب نقص الغذاء. وأملا في تخفيف وطأة المجاعة، حاول مسؤولون محليون هنود بعدد من المدن، كمدينة دكا، فتح المخازن لتوزيع حصص غذائية يومية بسيطة على الأهالي. خلال وقت لاحق من العام 1770، شهدت منطقة البنغال هطول كميات هامة من الأمطار ساهمت في توفير مزيد من الغذاء للسكان. وبفضل ذلك، خفت وطأة المجاعة لوهلة قبل أن تشتد مجددا بالأشهر التالية بسبب السياسات البريطانية.
مؤسسة الهند الشرقية البريطانية
إلى ذلك، ساهمت سياسة شركة الهند الشرقية البريطانية في زيادة المجاعة وارتفاع عدد الوفيات. فمنذ إخضاعها للمنطقة، ضاعفت الشركة قيمة ضرائب الأراضي مرات عدة. وأثناء فترة المجاعة، لم يتردد البريطانيون في زيادة قيمة هذه الضريبة 10% متجاهلين معاناة الفلاحين والأهالي.
أيضا، اتجهت الشركة لاستغلال جانب من أراضي البنغال لزراعة الخشخاش والأفيون، للتصدير، بدلا من الأرز مساهمة بذلك في تراجع المحاصيل الغذائية السنوية.
من ناحية ثانية، لجأت شركة الهند الشرقية البريطانية لشراء نسبة هامة من محاصيل الأرز والقمح لإطعام جنودها ببلاد الهند متسببة بذلك في تراجع كميات الغذاء المتوفرة للسكان المحليين. أيضا، عمد الكثير من التجار لاحتكار المواد الغذائية متسببين في ارتفاع الأسعار وتفاقم معاناة أهالي البنغال.
حسب العديد من التقارير والإحصائيات المعاصرة، أسفرت مجاعة البنغال، خلال عامين، عن وفاة نحو 10 ملايين شخص وهو ما يقدر بثلث سكان المنطقة كما أدت أيضا لهجرة العديد من الناجين نحو الغابات والمناطق الريفية.
أقرأ ايضاً
- حوصر وجنوده في الصقلاوية (100) يوما: ضابط ينصب موكبا حسينا لخدمة "المشاية" في محافظة ذي قار
- عراقيون يتعالجون مجانا في مستشفيات العتبة الحسينية:هذه المبادرات انقذت الفقراء والمحتاجين
- 100 ألف إنسان في "بسماية" يعيشون تحت خطر انبعاثات المناطق الصناعية المهددة للبيئة والصحة