العيون الصافية والنخيل الباسقة والمناظر الخلابة والخضرة الأخاذة من كثرة الأشجار وتنوع الثمار يشدك أيما شد ٍ للتفاعل مع المكان الذي كان يوما من الأيام سلة ليس لأهلها فحسب بل سلة لجميع أبناء المنطقة الغذائية ومتنفسا يلوذ به كل من اعتلى الهم قلبه أو داهمه نوع من أنواع الضجر، وتراكم عليه الروتين وعاديات الزمن الأغبر، تراه يذهب إلى هناك ليزيل الهم والغم ويزيحه عن قلبه وعن نفسه لتعود طرية وفيها من الحيوية والنشاط تساعده للانقضاض على مشاكل الحياة التي تعتوره، والوقت لم يمض بعد لإعادتها إلى سابق عهدها أو أحسن بالرغم من شحة مياه الأنهار والبحيرات ونضوب المياه الجوفية، فإن ثمة سواعد وفية قادرة على ابتكار طرق حديثة في الري لإنعاش تلك المنطقة ودفعها لكي تحتل مركز الصدارة في العطاء والسياحة.
[img]pictures/2010/10_10/more1288349184_1.jpg[/img][br]
نعم إنه قضاء عين التمر الذي يبعد عن كربلاء المقدسة 85 كم، إذ تنظرها واحة خضراء في وسط صحراء جرداء على طول الطريق الرابط بين كربلاء والقضاء والذي يسمى بـ(طريق الموت)، لكثرة الحوادث المرورية التي تحصل فيه، حيث العيون تجري فيها المياه العذبة لتسقي أراضي مختلفة تنتج أنواعا عديدة من الثمار والخضار. يعتبر قضاء عين التمر من أشهر الأقضية العراقية لكثرة النخيل وتنوع التمور فيه ولم تكن عين التمر حديثة العهد بزراعة النخيل، فقد كانت النخيل حتى في المدينة القديمة مصدرا مهما في إنتاج التمور وتصديرها، وهي من أجود أنواع تمور الخستاوي، البربن، عوينة أيوب، أزرق أزرق، هبرة جمس وغيرها.
يشهد القطاع الزراعي في القضاء تطوراً ملحوظاً بإنتاج العديد من الخضروات من خلال اعتماد الطرق الحديثة بالزراعة عبر البيوت البلاستيكية والسقي بالتنقيط، فيما بدأ منسوب المياه يتناقص في القضاء خلال الفترات القليلة الماضية نتيجة الحفر العشوائي واللامسؤول للآبار من قبل الفلاحين ذاتهم ليصل عدد الآبار التي تم حفرها خلال الأعوام القليلة الماضية إلى ما يقارب الـ(30) بئرا،ً لتعد من أكثر الأمور السلبية تعرضت لها منطقة عين التمر، بحسب تصريح مدير زراعة القضاء (سعد عبد الشهيد).\"
[img]pictures/2010/10_10/more1288349392_1.jpg[/img][br]
وتابع سعد حديثه لمراسل موقع نون \"إن من المشاريع الحديثة التي أنجزت في القضاء نصب 48 بيتا بلاستيكيا لزراعة الخضار المتنوعة وقد بدأ العمل فيها منذ ما يقارب العامين وذلك من اجل التأسيس لزراعة حديثة متطورة في القضاء، وبمساحة 508 امتار مربعة لكل بيت بلاستيكي، أنتجت ما هو كافٍ لسد حاجة السوق المحلية من الباذنجان، الطماطم، الخيار، كما تم توفير الدعم والسلف من قبل وزارة الزراعة\".
بالإضافة إلى ذلك \"فقد تم اعتماد تربية النحل في القضاء بواقع 20 خلية وهي مبادرة من السيد مدير الزراعة السابق (آمال الدين الهر) حيث أصبح لدينا الآن ألف خلية نحل ليكون القضاء الأول في المحافظة بعد أن كان الأقل من حيث الإنتاج وطموحنا بتأسيس منحل خاص في القضاء، هذا العمل جاء خلال عامين وهو مشترك بين القطاع الخاص والحكومي، وإن ميزة العسل المصدر من القضاء هو انه يحتوي على مادة الحديد لتجعله يفوق كافة النوعيات الموجودة في العراق\".
مضيفاً:\" إن ما يميز الزراعة بمنطقة عين التمر أنها كانت تروى في السابق من خلال عيون الماء(الحمراء، والزرقاء، والسيب، وأم الكواني) حيث كانت العيون تسقي 6076 دونما، وإن النضوب الحقيقي للعيون بدأ عند عام (2004) حينها تم اقتراح بديل عن مياه العيون وبتعاون بين الزراعة والري والقائممقامية لحفر الآبار من اجل إيصال الماء الى النواظم والسواقي الموجودة في القضاء\".
مشيراً: \" الى إن الأخطاء التي ارتكبت في العمل هي حفر الآبار لأنها عشوائية وغير منظمة لأنه لو تم حفر الآبار عند العيون والأنهر الرئيسية كان أفضل بكثير من الطريقة التي اعتمدت لأن القضاء يطفو على بحيرة من الماء، بالإضافة الى ذلك فأن طوبغرافية القضاء زادت من صعوبة إيصال الماء من الآبار الى أراضي القضاء كونها من الأمور العجيبة التي يصعب إيصال الماء إليها لأنها نظمت على أساس تدفق مياه العيون\".
وأضاف:\" إن الزراعة في القضاء قد عانت الكثير من المشاكل ومن أبرزها قلة المياه حيث اندثرت العديد من المقاطعات الزراعية أمثال مقاطعة (9،3،2) من المقاطعات التي باتت معدومة الإنتاج في الوقت الحالي بالإضافة إلى عدم وجود الأسمدة وارتفاع أسعارها في الأسواق، وان المشكلة تكمن في عدم التوريد من قبل الوزارات المعنية بهذا الشأن\".
موضحاً:\" إن القضاء قدم دراسات عديدة لإنشاء مشاريع مهمة من اجل امتصاص البطالة الموجودة وكانت متعلقة بـ(تربية الأغنام، العجول، إنشاء معمل لتجميع الحليب) مؤكداً \"إن الواقع الزراعي في القضاء من الممكن أن يزدهر ولكن بشرط أن يكون هناك دعم مستمر للفلاح، أما إذا بقى الحال على ما هو عليه فإن الأمور تسير إلى ما هو أسوأ\".
من جانبه بين قائممقام عين التمر الحقوقي الأستاذ (محفوظ منعم سطاي التميمي) عدداً من الأسباب التي ساهمت وبشكل مباشر في زيادة معاناة القطاع الزراعي بالقضاء قائلا \" وإن من أهم وابرز مشاكل الزراعة في القضاء هي شحة المياه، ونحن الآن بصدد إغلاق جميع الآبار الارتوازية فيه لجعل مناسيب المياه الجوفية في العيون تزداد وتعود كما كانت سابقا، ومن الأسباب الأخرى لجفاف العيون هي قلة الإمطار والسيول التي تصلها من خلال السد الأبيض والشعيب وانه خلال السنوات الأخيرة شهدت المنطقة انحسارا تاما ً للأمطار باستثناء عام (2009)، أضف الى ذلك انخفاض منسوب مياه الرزازة التي تعد من المسطحات المائية والتي من شأنها أن توفر الضغط الكافي في دفع الماء للعيون\".
وتابع محفوظ لمراسل موقع نون \" إن الطريقة غير العلمية وغير المنظمة التي نتجت عند حفر الآبار في القضاء عام (1991) وكانت بأماكن ضيقة وقريبة من العيون ساعدت على الجفاف، كما ان المبازل التي أقامتها وزارة الموارد المائية السابقة عملت على امتصاص العيون حيث كانت عدد العيون في القضاء يبلغ (55) عينا فرعيا بالإضافة إلى العيون الرئيسية، وحاليا فإن الأراضي الزراعية في القضاء تسقى من خلال الأنهر وليس العيون والينابيع\". مشيرا إلى اننا عملنا في الوقت الحاضر على تطوير الزراعة في القضاء من خلال الاعتماد على البيوت البلاستيكية والسقي بالتنقيط حيث تم ري أكثر من (2000) دونم وبدعم من المبادرة الزراعية بمبالغ عالية جداً، وهذا من اجل السيطرة على الآبار التي يكون فيها هدر للمياه إذ عملنا على إغلاقها وحفر أخرى جديدة مسيطر عليها\". مؤكداً: \"إن القضاء يمتلك عددا من العيون بمواقع جديدة ومهمة من شأنها أن تشجع النهوض بالواقع الزراعي والسياحي في المنطقة مثل ( البوهيذي، الدراوشة، الاسالي) \".
[img]pictures/2010/10_10/more1288349184_2.jpg[/img][br]
فيما أبدى الفلاحون استياءهم من الخدمات المقدمة للقضاء بالشأن الزراعي معتبرينها المعوق الرئيس الذي يعترض طريق النهوض بالواقع الزراعي من حيث شحة المياه من جهة وكثرة الأمراض الزراعية التي تصيب المحاصيل بصورة عامة وأشجار النخيل والرمان بصورة خاصة، وعدم مكافحة هذه الأمراض والتصدي لها بالشكل الصحيح، وعدم توفير الأسمدة الكيمياوية المدعومة للفلاحين من جهة أخرى\".
[img]pictures/2010/10_10/more1288349184_3.jpg[/img][br]
تحقيق: صفاء السعدي
أقرأ ايضاً
- في مدينة سيد الاوصياء للزائرين: العتبة الحسينية تطعم وتسقي وتأوي ملايين من زوار الاربعينية
- تجاوزوا السبعين ووقفوا على اعتابها :اقدام المسنين تحث الخطى على طريق المشاية في زيارة الاربعين(صور)
- مهندسون احترفوا التصوير... عدسات عربية توثق مسيرة الزيارة الاربعينية من البصرة الى كربلاء المقدسة (صور)