- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فاطمة الزهراء(عليها السلام) النور الرباني المتألق / الجزء التاسع
بقلم عبود مزهر الكرخي
التوطئة للهجوم الأخير
فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع..(1)؟! وإن لم تفعل لأفعلن. ثم خرج مغضباً وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان..! فاجتمعوا عند مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فدخل على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال(2).. فقال له أبو بكر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذاً فهو رجل فظّ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعواناً(3)، وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلاّ فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم إنّهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم ناراً.(4)
فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر ـ وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ـ فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلاّ فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة (عليها السلام): " أحرّج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن.. " فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إنّ فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.
الهجوم الأخير
فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء..؟! ثم أمر أُناساً حوله بتحصيل الحطب.(5)
{ ونقول هل فاطمة الزهراء(عليها السلام) كباقي النساء وهل يجوز دخول بيت رسول وحرقه وهي بيوت طهرها الله من الرجس وهي معدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي...}.
وهنا لدي تعليق صغير كيف يحق لهم الدخول بغير أذن لأننا لو رجعنا إلى القرآن الكريم وقرأنا السورة الآتية والتي هي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}.(6)
فهو حكم آلهي بعدم دخول بيوت المؤمنين ومنع ذلك والحكم الآلهي غير قابل للنقاش لأنه صادر من رب العزة والجلال وهو في محكم كتابه والذي أمر المؤمنين بذلك عندما قال يا أيها الذين امنوا وفيه تعميم لجميع البيوت سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك فهذه المثلبة الأولى والصريحة لمخالفة أمر وإحكام لله.
ثم المثلبة الثانية هو دخول بيت النبي وبغير أذن وبالتأكيد لو راعوا حكم الله تبارك وتعالى ذلك في محكم كتابه في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}.(7)
فكان امر آلهي واضح وحتى السؤال من وراء حجاب والذي يفعل غير ذلك فهو يؤذي النبي ويغضبه وهو يعني غضب الله عليه لأنه خالف أحكام الله وآذى النبي والذي هو حبيب الله فأي جريمة جرت حياكتها على بضعة رسول الله وأهل بيته والتي نستمر في سردها.
وفي رواية: فوثب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً(8) فقال أبو بكر لعمر:
إئتني به بأعنف العنف..(9)! وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم(10)، فخرج في جماعة(11) كثيرة(12) من الصحابة(13) من المهاجرين والأنصار(14) والطلقاء(15)والمنافقين(16) وسفلة ا لأعراب وبقايا الأحزاب(17). وفي رواية: إنّهم كانوا ثلاثمائة.(18) وقيل: غير ذلك، منهم:
1 ـ عمر بن الخطاب(19) 2 ـ خالد بن الوليد(20) 3 ـ قنفذ(21) 4 ـ عبد الرحمن بن عوف(22) 5 ـ أسيد بن حضير(23) الأشهلي(24) 6 ـ سلمة بن سلامة بن وقش الأشهلي(25) 7 ـ سملة بن أسلم.(26)
وهنا تعددت الروايات المهم أن أنه بدا الهجوم وبقيادة عمر وأبو بكر وكان معهم عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد وأبو عبيدة الجراح وقنفذ وهم التي تجمع الروايات على وجودهم في حرق البيت وهنا لابد من وقفة لنعرف ماذا دار من حديث وماحصل وبالتفصيل الممل ومن المصادر التي تجمع على حدوث ذلك وهو كسر ضلع الزهراء روحي لها الفداء وإسقاط جنينها وضربها بالسوط.
عمر ومعه فتيلة(27)
وفي رواية: أقبل بقبس من نار(28)، وهو يقول: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت.. فقيل له: إنّ في البيت فاطمة، أفتحرقها؟! قال: سنلتقي أنا وفاطمة(29)!!.
فساروا إلى منزل علي (عليه السلام) وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه(30). قال أُبي بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي (عليه السلام)(31). وكانت فاطمة (عليها السلام)قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(32)، فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشكّ أن لا يدخل عليها إلاّ بإذنها(33)، فقرعوا الباب قرعاً شديداً(34) ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتّى(35)، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر(36)، وصاح عمر:
يا بن أبي طالب! افتح الباب(37)..! والله لئن لم تفتحوا لنحرقّنه بالنار(38)..!
والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم(39)..!
اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلاّ قتلناك(40)..!
إن لم تخرج يا بن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقنّ البيت بمن فيه(41)..!
يا بن أبي طالب! افتح الباب وإلاّ أحرقت عليك دارك(42)..!
والله لتخرجن إلى البيعة ولتبايعنّ خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلاّ أضرمت عليك النار(43)..!
يا علي! اخرج وإلاّ أحرقنا البيت بالنار(44)..!
فخرجت فاطمة (عليها السلام) فوقفت من وراء الباب، فقالت: " أيها الضالّون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأيّ شيء تريدون؟ " فقال عمر: يا فاطمة! فقالت: " ما تشاء يا عمر؟ " قال: ما بال ابن عمّك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟
فقالت:" طغيانك يا شقيّ أخرجني وألزمك الحجّة.. وكلّ ضالّ غوي ".
فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء!! وقولي لعلي يخرج.
فقالت: " لاحبّ ولاكرامة، أبحزب الشيطان تخوّفني يا عمر؟! وكان حزب الشيطان ضعيفاً ".
{ونقول أليس هو نفس الحزب الذي جاهد في سفك الدم الزكي لأبي عبد الله الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه المنتجبين}.
فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة(45)..!
فقالت فاطمة (عليها السلام): " يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ " فقال: افتحي الباب وإلاّ أحرقنا عليكم بيتكم(46)..
فقالت فاطمة (عليها السلام): " أفتحرق عليّ ولدي(47)؟! " فقال: إي والله أو ليخرجنّ وليبايعنّ.(48)
وفي رواية: " يابن الخطاب! أتراك محرقاً عليَّ بابي؟! " قال: نعم.(49)
قالت: " ويحك يا عمر! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متمّ نوره؟! " فقال: كفّي يا فاطمة! فليس محمّد حاضراً! ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله! وما عليّ إلاّ كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً..!
{ونلاحظ الجرأة على نبينا الأكرم محمد(ص) وكذلك ليصل إلى الكفر بالملائكة وبكل الثوابت لديننا الحنيف}
فقالت ـ وهي باكية ـ: " اللّهم إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيّك، وارتداد أمّته علينا، ومنعهم إيّانا حقّنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيّك المرسل ".
فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات [حماقات] النساء! فلم يكن الله ليجمع لكم النبوّة والخلافة..!!(50)
{وهذا ما أشرنا إليه أنفاً في كراهة العرب في اجتماع النبوة والخلافة في بيت بني هاشم وهو الحسد ونظرة الملك والمصالح الدنيوية كما هل أن السيدة الزهراء تأتي بحماقات وهي التي يقول الرسول الأعظم محمد(ص) ويصفها ((بأم أبيها)) وهي سيدة نساء العالمين وان الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها}
فقالت: " يا عمر! أما تتقي الله عزّ وجلّ.. تدخل على بيتي، وتهجم على داري؟! " فأبى أن ينصرف.(51)
والى هنا نقف لأنه في الجزء القادم سوف نكمل احراق باب فاطمة واسقاط محسنها وسوف نفصل ذلك وبالدلائل والمصادر المعتمدة أن شاء الله ان كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ كتاب سليم: 83.
2 ـ الكوكب الدرّي: 1/194 ـ 195.
3 ـ كتاب سليم: 82.
4 ـ الجمل: 117.
5 ـ كتاب سليم: 83.
6 ـ [النور: 27، 28].
7 ـ [الأحزاب: 53].
8 ـ كتاب سليم: 250.
9 ـ أنساب الأشراف: 1/587 ـ 588.
10 ـ العقد الفريد: 4/259، (ط المصر).
11 ـ اليعقوبي: 2/126 ; المسترشد: 377 ـ 378.
12 ـ شرح نهج البلاغة: 6/49 ; الأحتجاج: 80.
13ـ الكشكول: 83 ـ 84.
14 ـ تاريخ الخميس: 2/169.
15 ـ علم اليقين: 2/686.
16 ـ المصدر السابق ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; كامل بهائي: 1/305 ; حديقة الشيعة: 30.
17 ـ مصباح الزائر: 463 ـ 464.
18 ـ جنات الخلود: 19.
19 ـ اتفق الجميع على كون عمر بن الخطاب منهم.
20 ـ تفسير العياشي: 2/66 ; شرح نهج البلاغة: 2/57 و 6/48 ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; الاختصاص: 186 ; كتاب سليم: 251 ; كامل بهائي: 1/305 ; الكشكول: 83 ـ 84 ; الهداية الكبرى: 178 ـ 179 ; بحار الأنوار: 30/290، 348 و 53/13.
21 ـ تفسير العياشي: 2/307 ـ 308 ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; الجمل: 117 ; كتاب سليم: 84 ; الهداية الكبرى: 178 ـ 179 و 400 ; حديقة الشيعة: 30 ; بحار الأنوار: 30/290 ـ 348 و 53/18.
22 ـ السنن للبيهقي: 8/152 ; المستدرك: 3/66 ; حياة الصحابة للكاندهلوي: 2/13 ; شرح نهج البلاغة: 6/48 ; الكشكول: 83 ـ 84 ; حديقة الشيعة: 30.
23 ـ خ. ل: حصين.
24 ـ شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/11 و 47 ; الامامة والسياسة: 1/18 ; الاحتجاج: 73 ; تاريخ الخميس: 2/169.
25 ـ شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/47 ; الاحتجاج: 73 ; تاريخ الخميس: 2/169.
26 ـ شرح نهج البلاغة: 6/11 ; الامامة والسياسة 1: 18.
27 ـ أنساب الأشراف: 1/586.
28 ـ العقد الفريد: 4/242 (مكتبة النهضة المصرية) ; تاريخ أبي الفداء: 1/156.
29 ـ الشافي، لابن حمزة: 4/173.
30 ـ العقد الفريد: 4/242 ; تاريخ أبي الفداء: 1/156 ; أمالي المفيد: 50 ومصادر أخرى
31 ـ الكوكب الدرّي: 194 ـ 195.
32 ـ كتاب سليم: 250.
33 ـ تفسير العياشي: 2/67 ; الاختصاص: 186.
34 ـ دلائل الامامة: ج 2، عنه بحار الأنوار: 30/290 ; الكشكول، للآملي: 83 ـ 84.
35 ـ حديقة الشيعة: 30.
36 ـ الشافي لابن حمزة: 4/171.
37 ـ كتاب سليم: 250.
38 ـ علم اليقين: 2/687 ; التتمة في تواريخ الائمة (عليهم السلام): 52.
39 ـ السقفة للجوهري عنه شرح نهج البلاغة: 2/56 ; قريب منها: الطبري، 3/202 ; المسترشد: 378 وغيرها.
40ـ الهداية الكبرى: 406 ; بحار الأنوار: 53/18.
41ـ الكشكول: 83 ـ 84.
42ـ كامل بهائي: 1/305.
43ـ كتاب سليم: 83.
44ـ الكوكب الدرّي: 194 ـ 195
45 ـ دلائل الامامة: ج 2، عنه بحار الأنوار: 30/293.
46 ـ كتاب سليم: 83 ـ 84، 250.
47 ـ خ. ل: عليّاً وولدي.
48 ـ الطرائف: 239، نهج الحق: 271.
49 ـ أنساب الأشراف: 1/586 ; وانظر: روضة المناظر: 11/113 (حاشية الكامل لابن الأثير); الجمل: 117 ; كامل بهائي: 2/24.
50 ـ الهداية الكبرى: 407، بحار الأنوار: 53/19.
51 ـ كتاب سليم: 84، 250. ومن يريد الاستزادة فليرجع الى كتاب الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) تأليف (عبد الزهراء مهدي). من منشورات المكتبة العقائدية في موقع مركز الأبحاث العقائدية.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول