- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
النقد وظيفة أم صعقة عنيفة ...الجزء الثالث والأخير
حسن كاظم الفتال
النقد بين التوافر والتنافر
أنَّ توفر العناصر آنفةِ الذكر بالناقد لعلها تمنحه حق الخوض في غمار النقد ولكن في الوقت ذاته تتطلب الحالة أن يتسم الناقد بمزايا معينة كأن يكون من الثقاة أو من المقربين أو المقبولين بين من هم في الميدان الذي يعيش فيه وعلى دراية تامة بما يدور في أروقة التعامل اليومي.وأن تكون مهمتُه الرئيسة الإرتقاءَ بالمستوى التوعوي والثقافي والعملي والحياتي ثم خلقُ بيئة سليمة نقية صالحة لا تنتج إلا النقاء والصلاح. ولعل الناقد يجد أو يصنع أحيانا أذنا واعية وقلبا أكثرَ وعيا. وحين يتجرد الناقد من الأنا والإنحيازات حتى وإن وُصِفَ أو عُد نقدُه تحريضا فهو مقدس حين ينطلق من نية خالصة هدفها التصحيح والتقويم. وليس عيبا أن يصطبغ نقده أحياناً بصبغة التورية شريطة أن لا يكون رياءً أو مداهنة أو مجاملة في مسايرة بعض من يعنيهم النقد.
وأن لا تأخذَ الانتقادات نمط العنف لتحدث فجوة عميقة بين الناقد ومتلقي النقد فتتحول إلى منزلق لدهليز الخصومة بين الاثنين. ويستحسن أن يعين بنقده الداء ويرشد إلى إيجاد أو تحديد العلاج أو طرح ما يسمى البديل بابتكار آلية التصحيح بموضوعية وجدية تامتين بعيدا عن التهكم أو التعصب والتزمت أو السخرية والإستهزاء ممن يعنى بالنقد وأن يكون مجردا من التفريط والإفراط ومخالفا للهوى والمزاجية أو الإزدواجية أو القصد المنفعي وأن لا تتحكم العوامل النفسية المتعلقة بالمصلحة الخاصة أو الأنا الحسية والذاتية.وعلى أن لا يكون التصحيح جهويا أي يقتصر على جهة دون أخرى أو لجهة على حساب جهة أخرى فيُبرِز مساوئ جهة خاطئة معينة ويترك الأخرى معتمدا المُداراة وترجيح كفة على أخرى بجعل المعيار للنقد المحسوبية والمنسوبية
بل ينبغي أن يتساوق فعله مع قول الله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) ـ الأنعام/152
وتعيها اذن واعية
كل ما سبق من صدر الحديث في هذا المبحث يفيد بأن النقد حالةٌ صحية بل أحيانا يمثل الضرورة بالتواجد كعنصر من عناصر التطوير ودعم المنجز الإبداعي وتلافي الأخطاء قبل شيوعها.
وكم أدى النقد الموضوعي والجاد إلى تصحيح الكثير من الأخطاء وقد أصاب بعضُ المهتمين في ذلك حين أدرجوا عملية النقد ضمن منظومة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولكن.
بعض الماسكين زمامَ أمور الأفراد والمعنيين بإدارة شؤونهم أو المتولين إدارةَ المؤسسات المختلفة الإتجاهات والتوجهات أولئك الذين يدركون تمام الإدراك أنهم في المكان غير المناسب وثمة من هو أحق منهم باشغال ما شغلوا من مراكز وعليهم أن يخلوا الساحة لأهلها ممن هو أحق منهم.
هؤلاء أشاعوا أو عمدوا لأن يصوروا مسألة النقد بأنها عملية هدم مقصودة تنبع من مقاصد سيئة وما هي إلا مثلبة من مثالب الناقد أو سبة عليه.
وبعد أن تفننوا في تشويه صورة الناقد أيٍ كان سعوا إلى كسب تأييد من يأتمر بإمرتهم ليرفض الجميع النقد والناقد معا رفضا قاطعا
وإن تعذر عليهم البوح بالتصريحات العلنية والتشهير استبدلوا ذلك بصيغة خلط الأوراق بالإيحاءات والإيماءات لتوحي للآخرين بيان ما يريدونه ليوهموا الآخرين ويَذْروا الرماد في العيون كما يقال حرصا على ديمومة رائقية مزاجاتهم.
بما أنهم أبدعوا وامتازوا بممارسة عملية تسقيط الآخر فقد اثبتوا جدارتهم بالتشكيك بالقدرات والمواهب الحقيقية وبالنوايا الصادقة وبذلوا جهدا في إقناع الآخرين بان من ينتقد أية حالة فهو ظلامي ومتخلف وواضع العصا بعجلة التقدم أو هو حجرة عثرة. حتى يلقى الناقد مصيرا مجهولا.
وهذا ما واجهه من ساقته الرغبة للتشخيص وممارسة عملية النقد
وهؤلاء لم يرعووا إذا دعاهم تحقيق الأمر لأن يروجوا ويسوقوا للإنحراف الفكري والانحياز التام لشيوع الخطأ ولكن تحت عناوين ومسميات متعددة ومختلفة.لاعتقادهم أن ذلك يدرأ الخطر عنهم ويضمن لهم ديمومة توليهم المراكز المتقدمة واحتلال الصدارة بكل قوة وعزيمة.
ولعل الأدهى من ذلك أن تجد كثيرا من المتلونين والمتملقين والمداهنين والمرائين يعلنون الإلتفاف حولهم ومناصرتهم بل مناصرة أهوائهم وإذا تطلب الأمر أن يهتفوا لهم: (علي وياك علي) لهتفوا
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟